صغيرة

160 15 10
                                        

المدرسةُ تعجُّ بالطّلّابِ في يومٍ مُشمِسٍ من أيّامِ أيلول ، أوّلُ يومٍ دراسيٍّ ليوري بغيرِ المُعلّمةِ مون و حكاياتها عن البطلِ الصّنديد ، و أوّلُ يومٍ تخرجُ فيه مع طلّابِ الصّفوفِ الأولى في ذات الموعد ، ها قَدْ أصبحَتْ يوري في الصّفِّ الأوّلِ أخيراً ، كبيرةً بما يكفي لكي تعودَ في الحافلة ، و لكي ترى الطّلّابَ يملؤون ساحةَ الانصرافِ دون أن تخاف.
خرجَتْ يدها بيدِ جيا كالعادةِ إلى ساحةِ الانصراف ، و وراءها بالضّبطِ ريكي الشّقيّ ، لم يكن مع أصدقائه ، كانَ قَدِ انسلَّ بين الصّفوفِ كي يلاحقها و يشدَّ شعرها المربوطَ إلى أعلى ، و كانَتْ كلّما فعلَ تلتفتُ إليه و تمدُّ لسانها ، فيضحك ، ظلّا على هذه الحالِ طوالَ الطّريقِ في ممرّاتِ المدرسةِ و حتّى السّاحة ، هنالك حيث افترقَتْ يوري عن جيا السّاكتة ، ودّعتها قبل ذلك ، و وقفَتْ جانباً ، و مع الأسف ، لم يستطع ريكي أن يستكملَ مشوارَ إغاظته ، فأبوه كانَ هنالك ليقلَّه ، سيوبّخُه لو علمَ بأنّه يحاولُ مضايقةَ بنتٍ هكذا

_"إلى اللّقاء ، صغيرة!"

_"إلى اللّقاء"

ردّتْ عليه يوري ببساطة ، لم تكن منزعجةً منه ، و لا بأيِّ شكلٍ من الأشكال ، لقدِ اعتادَتْ حركاتِه الجديدةَ بسرعة ، و استظرفتها أيضاً ، ريكي صديقُها ، ستعجبُها كلُّ ألعابه.
شاهدت طلّابَ الصّفِّ الثّاني ، و في انتظارِ الثّالثِ حتّى ينتهي و يخرجَ الرّابع ، و من بينهم سيخرجُ العزيزُ وون ، أوصتها كيكو بانتظارِه و الذّهابِ معه حيث يذهب؛
في الواقعِ لقَدْ سجّلتها آنفةُ الذّكرِ في حافلةِ انصرافِ جونغوون بالاتّفاقِ مع والدته ، و دون علمِ هاروتو الغائبِ في اليابانِ طبعاً ، لو علمَ سيفتعلُ مشكلةً كبيرةً سيقعُ كلُّ البيتِ ضحيّةً لها ، صحيحٌ أنّ كيكو هي التّي تدبّرُ مع علمها بموقفه ، و أنّها ما تزالُ تكذبُ عليه منذُ العامِ الماضي ، بل و علّمَتْ يوري أن تشاركَها في صياغةِ الكذباتِ أيضاً ، إلّا أنّ العائلةَ كلّها شريكةٌ في الجريمةِ في هذه المرّة ، فقدْ دعموها في قرارها و أخفوا عنه ، لم يكن لديهم خيارٌ في الحقيقة ، إذ ليسَ فيهم متفرّغٌ واحدٌ في وقتِ الانصرافِ لأمرِ يوري ، لا لكي يقلّها و لا لكي يستقبلَها في المنزل ، و الجميعُ يأمنُ للمديرةِ و لهذا الصّبيّ ، كيكو تفعل.
لحظَتْ يوري عصفوراً يقفزُ عندَ الحشائشِ النّاميةِ إلى قربِ السّور ، فركضَتْ إلى هنالك رغبةً في التقاطِه ، ظنَّتْ أنَّه غيرُ قادرٍ على الطّيران ، و بالفعلِ لم يطر في البداية ، أخذَ يقفزُ و يقفزُ بعيداً منها كلّما اقتربَتْ ، و أخذَتْ تلحقُ به على طولِ السّورِ المحيطِ بساحةِ المدرسةِ الخارجيّة ، أسرعَتْ في النّهايةِ لكي تستطيعَ أن تباغته ، بيدَ أنّه طارَ مُذْ وصلَتْ ، شعرَتْ بالخيبة.
بحثَتْ قليلاً عن عصفورٍ آخر ، و سرعانَ ما استسلمت ، استدارَتْ عائدةً إلى ساحةِ الانصراف ، طريقٌ طويلٌ من خلفِ المدرسةِ إلى عند البوّابة ، و عندما وصلت ، اكتشفَتْ أنَّها تأخّرتْ فعلاً ، لقدِ اختفى الطُّلّابُ و ما ظلّ في الأرجاءِ إلّا الرّجلُ المتباردُ ذاتُه ، ما يزالُ هنالك حصّةٌ كاملةٌ قبل انصرافِ الصّفِّ الخامس ، و لكن.. و لكن أين ووني؟
استدعى رأسُها ذكرى ما حدثَ في عامِها الماضي ، و اغرورقتْ عيناها بالدّموع ، على عجل ، يبدو أنّ ووني قَدْ نسيها أيضاً ، و انتهَتْ كلُّ طرقِ العودةِ إلى البيت ، هذه المرّةُ ستضيع.. ستضيعُ يوري..

حديقةٌ و زنبق ~ يانغ جونغوونحيث تعيش القصص. اكتشف الآن