فريد، حتّى على نفسِه

138 16 4
                                        

توجّهَتْ أونجي بعدَ جلسةِ التّعارفِ إلى المطبخِ لكي تساندَ الشّقيقتين في العشاء ، و تركَتْ هاروتو وجهُه أمام وجهِ جيسونغ في صالةِ الاستقبال ، كانَتْ قَدْ ضاقَتْ ذرعاً بغرابةِ هاروتو ، تلك أوّلُ مرّةٍ منذُ مدّةٍ طويلةٍ تجلسُ فيها معه ، و أوّلُ مرّةٍ يمدحُ فيها شكلها ، و يصرُّ على ذلك ، لقَدْ فهمَتْ ما يرمي إليه ، حتّى جيسونغ قَدْ فعل ، ذلك سببُ صبرِه طوال الوقت.
كانَ هاروتو يحاولُ أن يوصلَ للشّابِّ حقيقةَ شعورِه و موقفِه من علاقتِه بكيكو ، الجيّدُ في الأمرِ أنّ جيسونغ هادئٌ بطريقةٍ ما ، و ليس من نوعِ هاروتو من الإخوة ، كما أنّ أونجي انسحبَتْ في الوقتِ المناسبِ من حربهما الباردة ، تركتهما يتحاربان على شيءٍ آخر ، فليفعلا ما أرادا ، المهمُّ أن يبتعدا عنها و عن صديقتها كيكو.
تردّدَتِ الأخيرةُ مرّاتٍ في وقتِ الإعدادِ على الممرِّ ، كانَتْ تسترقُ السّمعَ إلى حديثهما ثمّ تعودُ إلى المطبخِ و تخبرُ أونجي بما تسمع ، لم يكن الأمرُ بفظاعةِ ما بدا عليه ، على الإطلاق ، كانا يتحدّثان عن العملِ و الاختصاصات ، و عن الأوضاعِ هنا و في اليابان ، كما تطرّقا إلى عدّةِ مواضيعَ فلسفيّة ، بدا أنّهما على تقاربٍ في الاهتمامات برغمِ أنّهما ليسا على وفاق ، و على الرّغمِ من أنّ انفجارَ الأوضاعِ _و هما على أتمِّ العلم_ ليس في حاجةٍ سوى لأبسطِ شعلةٍ ممكنة ، و سوف يحرقُ الجميع ، أتراها ستصدفُ اليوم؟
لا يُهِمّ ، المُهِمّ أن ينتهي هذا العشاءُ على خير ، و أن ينتهي إلى حلٍّ لمشكلاتِ الثّلاثيّ المتشابكة ، كيكو مع هاروتو ، كيكو مع جيسونغ ، و هاروتو مع جيسونغ أيضاً.
و في سبيلها إلى ذلك ، قرّرتْ كيكو أن تدعَ عنها أحمالَ الكتمان ، فاستغلّتْ وجودها مع ناري و أونجي في المطبخ ، لوحدهم ، بغيرِ ذلك الغضوب ، و أخبرَتْ أونجي بخوفها من هاروتو ، كما أخبرتها بآخرِ حادثةٍ بينها و بين جيسونغ ، و طبعاً كادَتْ هي و ناري تقفزان لكثرةِ غيظهما منها ، أخبرتهما أنّها أرته رسالةَ الوغدِ كينجي ، حبيبها السّابقِ الذّي يلاحقُها الآن بهدفِ التّلاعبِ بحياتها ، من جديد ، و لم تحسب حساباً لأنّه سيهدفُ لمواجهتِه ، كينجي لا يُعبَثُ معه ، و جيسونغ ليس ندّاً له على الإطلاق ، ليس يقدرُ على الوقوفِ في وجهه حتّى.
تنازلت عن خطِّ الدّفاع بعدَ مدّة ، و تركَتْ أونجي و ناري تبحثان عن حلٍّ لسحبِ جيسونغ من هذا النّزالِ غيرِ المتكافئ ، ثمَّ توجّهتْ نحو الغرفةِ تنادي على يوري ، حانَ وقتُ العشاءِ و قَدْ جَهُزَ كلُّ شيءٍ تقريباً ، لا داعي لوجودِها هناك أكثر.
فتحتِ البابَ و دخلَتْ ، بحثَتْ عنها هنا و هناك و لم تجدها ، و عندما رأتِ النّافذةَ مفتوحة ، وقعَ قلبُها أرضاً..

_"لا يا ربّي!"

هرعتْ نحو النّافذةِ تبحثُ عن البنت ، كانَ جسدُها يرتجفُ بأكمله دون مبالغة ، و بمبالغةٍ منها في التّقدير ، لم تتخلّص من مخاوفها تلك بعد ، بخاصّةٍ من بعدِ بدايةِ المشاكلِ بين ناري و هاروتو ، هي ترتعد..
رفعَتْ جسدَها إلى النّافذةِ بسرعة ، و قفزَتْ إلى الجهةِ الأُخرى ، لم تنتبه قبلَ أن تفعلَ إلى حقيقةَ أن لا أحدَ في السّاحةِ المعتمةِ بأكملها ، و لا حتّى عصفور..
ماذا ستفعلين الآن يا كيكو!؟
تخدّرَ جسدُها نتاجاً للقلق ، لكنّها استطاعَتْ أن عادَتْ ، حتّى و هي مثقلةٌ بالمخاوفِ و الهموم ، قفزَتْ من جديدٍ عبر النّافذة ، دخلَتْ منها إلى الغرفة ، حدّقَتْ قليلاً في البابِ و قَدْ توقّفَ رأسُها عن التّفكير ، لو أخبرت هاروتو سيجنّ ، و لو لم تخبره ربّما يحدثُ مكروهٌ ليوري ، أفيقي كيكو!
قرّرتْ إبلاغَ هاروتو بالأمر كي يسرعَ التّصرّف ، سيجدُ يوري و لن يفعلَ شيئاً لها ، لا ذنبَ لها في الأمرِ على أيّةِ حال ، خاطبَتْ نفسها..
توجّهتْ من الغرفةِ إلى الممرّ ، متردّدةً تجرُّ أذيالَ الخيبةِ وراءها ، و اقتربَتْ من الصّالةِ على مضض ، و آنما فعلَتْ ، سمعَتْ شيئاً غريباً ، غريباً جدّاً

حديقةٌ و زنبق ~ يانغ جونغوونحيث تعيش القصص. اكتشف الآن