حديقةٌ و زنبق؛ الأخير

255 21 244
                                        

_"أرجوكَ السّعادةَ و القدرةَ على الشّعورِ بها يا ربّ ، أرجوكَ السّلامةَ من الخطأ و العودةَ إلى الصّوابِ يا ربّ ، أرجوكَ محبّتكَ و رضاكَ يا ربّي"

تمتمَ جونغوون بصوتٍ خافت ، ثمّ ابتسمَ ابتسامةَ شكرٍ و استراحة ، الكنيسةُ منزلُ قلبِه المتلوّي ألماً ، و ذكرُ اللّٰه هو عقارُ روحه الوحيد ، و لو كانَ مسكّناً فقط في وقتِ المناجاة ، فهو ترياقٌ أثيريٌّ له وقتُه و تأثيره الخاصّ ، كلُّ شيءٍ له وقتُه ، و مفاجآتُ القدرِ كثيرةٌ و متنوّعة ، جونغوون يحاولُ قمعَ الجوانبِ اليائسةِ فيه دوماً ، على الرّغمِ من أنّها تحتلُّ من داخله أغلبه ، و يتصرّفُ كذلك على أساسها ، عدا أنّه يخبرُ نفسه دائماً كلّما فكّرَ قليلاً بأنّه لا يأسَ مع وجودِ اللّٰه ، و اللّٰه موجودٌ دائماً ، و الخلقُ جميعاً إلى زوال.
نهضَ جونغوون متريّثاً ، و سارَ إلى خارجِ صالةِ الصّلاةِ و رأسُه ساكنة ، لأوّلِ مرّةٍ منذُ مدّة ، سمعَ عدّةَ أصواتٍ صادرةٍ عن إحدى الصّالاتِ المُجاورة ، و عندما اقتربَ منها ، لمعتْ في رأسه صورةٌ ما ، تعودُ إلى صاحبِ أحدِ تلك الأصواتِ الرّنّانة ، فوقفَ قبل مدخلِ الصّالةِ بقليل ، يحاولُ أن يتأكّدَ ممّا خطرَ في باله؛
أليسَتْ هي؟ أيمكنُ أن يخطئ أصلاً في التّعرّفِ إلى صوتها؟

_"أقسِمْ باللّٰه أنّكَ لا تكذب!"

'هي'

_"أقسمُ باللّٰه ، ما خطبُكِ الآن؟ تبدين سعيدةً جدّاً"

_"لا تعرفُ كم أنا سعيدةٌ صدّقني! كينجي لن يكونَ زوجَ أختي!"

تراخَتْ ملامحُ جونغوون عند هذه الاحتفاليّة ، فهمَ كلَّ شيءٍ تقريباً في خلالِ دقيقتين ، هذه فعلاً يوري ، و يبدو أنّها تشاركُ أحداً ما سعادتها بخبرِ إلغاءِ زفافِ أختها ، و خاله ، لقَدْ سمعَ بالأمرِ قبل الجميع ، أبلغه أخوه الصّغيرُ يو منذُ يومين بأنّ والدته تتشاجرُ مع كينجي لأنّه سيسافرُ في عشيّةِ يوم الاستقلال ، قبل زفافه بساعات ، و لأنّها عرفتْ أنّ الزّفافَ برمّته كذبةٌ استخدمها كينجي ليذلّ هاروتو و عائلته ، ليذلّ حبيبته القديمةَ كيكو بعد أن دبّرتْ له مشكلةً و دبّرَ لها مكائد ، و يفسدَ علاقتها بإخوتها و زوجها أيضاً ، تلك التّفاصيلُ نقلها يو الفصيحُ ذو اللّسانِ الطّويلِ و السّمعِ الخارق ، و الذّاكرةِ الحديديّة ، طفل ، و هذه سماتُ الأطفالِ الأولى ، لا يحفظون سرّاً.
همَّ جونغوون بالرّحيلِ من بعدِ ما كفاه ما سمع ، ليس يرغبُ في أن تراه يوري هنا و تعرفَ أنّه لم يقمع اهتمامه بها في هذه المرّة ، جرحُه ما يزالُ قانئاً عصيّاً على النّسيان ، جرحُ اختيارها لريكي عليه ، على الرّغمِ من أنّه و في بعضٍ منه ، يؤيّدُ اختيارها؛
فريكي يابانيٌّ مثلها ، و في مثلِ عمرها بل و قضى عمره إلى قربها ، عائلتُه و عائلتُها على وفاق ، و هاروتو يُحِبُّه كثيراً و يأمنُ له ، ما يزالُ يذلُّ نفسه بهذه الأقاويلِ منذُ ستّةِ أشهر ، و كأنّ شيئاً من تلك الفوارقِ اللّئيمةِ كانَ في يده إلغاؤه؛
عبسَ من جديد ، بغيرِ أن يشعر ، ثمّ عادَ وجهه إلى سابقِ ارتياحه ما إن مرّ على لوحةٍ فسيفسائيّةٍ كبيرةٍ للسّيّدةِ مريم العذراء ، كانَ الأبُ يسألُ العُمّالَ نقلها إلى الدّاخلِ بحذرٍ و رويّة ، هو يعرفُها جيّداً ، فقَدْ كانَتْ في صالةِ الصّلاةِ الرّئيسيّةِ مُذ وُلِد ، و قَدْ أخذوها قبلَ فترةٍ لترميمها و التّأكّدِ من سلامتها ، قيلَ له أنّها أثريّة ، و يقولُ هو أن ليس هنالك بسيطٌ يُذكَرُ عليه اسمُ السّيّدة إلّا و يُثمّنُ ، حتّى لو كانَ ورقة ، و احترامُ هذه الورقةِ من تقديسها

حديقةٌ و زنبق ~ يانغ جونغوونحيث تعيش القصص. اكتشف الآن