وون فقط

66 8 50
                                    

أصعبُ المشاهدِ التّي مرّتْ على قلبي و حزّتْ فيه حزّ الزّجاجِ لم تكن لأحدٍ يضربُني ، أو لأحدٍ يصرخُ في وجهي ، أو لأحدٍ يُكرِهُني على شيءٍ أو يخونني أو شيئاً من هذا ، كانَتْ أربعةَ مشاهد ، أوّلُها لهاروتو في طفولتي البعيدة ، ثانيها لأبي يوم انتهاءِ إجازةِ هاروتو في وقتٍ ما ، ثالثها لجونغوون في الشّارع ، و آخرُها لناري في يومِ خطبتها؛
تلك المشاهدُ أصعبُ ما فيها أنّها غيرُ متوقّعة ، مُباغتةٌ و بشعة ، و على الرّغمِ من كونها طبيعيّةً و مقدّرة ، و من كونها حقّاً لبطلها ، كانَ فيها هذا البطل ، أقوى من أعرفُ و أكثرهم قدرةً على الصّمود ، منهاراً ، باكياً ، يسألُني أن أرحلَ من أمامه لئلّا يبانَ ضعفُه في العراء ، و لم أكن أرحل ، كنتُ أسلبُه حريّته في الانهيار ، أسلبه رفاهيّةَ أن يهوي من كلّ هذا الارتفاعِ و يرتاحَ أرضاً ، ينامَ هنا ، تحت جناحِ رحمةِ اللّٰه ، منتظراً قدرته العظيمةَ على إنقاذه من أكبرِ بلاء ، من الغمّ.
أذكرُ يومَ رأيتُ جونغوون في الشّارع ، لقَدْ أخبرني أنّه وقعَ على الأرض ، كذبَ عليّ و على الرّغمِ من أنّ الكدمةَ كانَتْ ظاهرةً في وجهه ، لم يكن يمكنُ أن تكونَ نتاجاً لوقوعٍ أو شيئاً من هذا ، و فوق كلّ ذلك قطعَ عليّ سبلَ التّواصل ، و غادرَ بحجّةِ أنّ لديه مباراةً و ليس في إمكانه أن يتأخّرَ عنها ، لقَدْ أوصلني قريباً من بيتي و غادر ، كم رغبتُ في مرافقته ، في تشجيعه من الخلفِ كلّما اقتربَ من الشّباكِ و لديه الكرة ، أذكرُ تلك الرّغبةَ كم كانَتْ ملحّة ، و أذكرُ أنّه منعني عن ذلك ، و حرمَني استذكارُ أخي العظيمِ في البيتِ من اللّحاقِ به رغماً عنه ، كانَ هاروتو سيُجَنُّ لو تأخّرتُ أكثر ، أعرفُه..
و لكن ، جونغوون ، ألم نكن مُحِبّين؟ كيف تتركُ يوري قلقةً عليك هكذا؟
على أيّةِ حال ، اكتشفتُ لوحدي شيئاً من الأمر ، إذ انتقلَ بعدَ ذلك الحدثِ مباشرةً للسّكنِ مع جايهيون ، إذاً المشكلةُ في بيته ، و عندما سألتُه عن تفسيرٍ لم يخبرني ، و أخذَ منّي وعداً بألّا أسألَه فيما بعد أبداً ، كنتُ أشعرُ بأنّني غريبةٌ عنه ، الجميعُ يعرفُ عن جونغوون و حالِه و ظروفِه إلّا البنتُ التّي يُفترَضُ أنّه كانَ يُحِبُّها ، ذلك السّببُ الذّي جعلَني..
سأحكي لك فيما بعدُ يا كتابي ، اصبر قليلاً.

.
.
.

أمسكَتْ مدرّسةُ الرّسمِ بالطّلّابِ الهاربين من الحصّةِ الأخيرة ، أخيراً ، مجموعةٌ من الطّلبةِ السّعيدين جدّاً ، على رأسِهم ريكي و يوري ، و احتجزتهم في غرفةِ الإدارةِ ريثما اتّصلَ كلٌّ بأحدٍ من بيته ، اتّصلَ ريكي بأساهي ، الذّي سيتحفُه بشتّى أنواعِ التّوبيخِ و الملامة ، و يوري ، أقدمَتْ على أغربِ فعلٍ قَدْ تقدمُ عليه ، اتّصلَتْ ببيتِ جايهيون ، جونغوون لم يذهب إلى المدرسةِ مذِ انتقلَ إلى هناك تقريباً ، و أعطاها رقمَ البيتِ لكي تتواصلَ معه بحريّتها ، و ها قَدْ فعلَتْ ، لقَدْ سألته أن يأتي ليحلّ مشكلتها مع مدرّسةِ الرّسمِ بغيرِ أن يعرفَ أحد ، و ضحكَ هو ، سمعَتْ ضحكتَه من جديد ، أخيراً ، سمعتها و استبشرتْ بها بعدَ أيّامِ عبوسٍ و يأس ، جونغوون.. ليس يائساً ، ترجو ذلك.
جلسَتْ تنتظرُه ، جاءَ أساهي قبلَه و أخذَ ريكي ، و جاءَتْ والدةُ بنتٍ أُخرى و أخذتها ، و ظلَّتْ يوري تنتظرُ مع نصفِ الصّفِّ الهارب ، ربّما لم يُسمح لجونغوون بأخذها ، و لكن هذا صعب ، فمدرّسةُ الرّسمِ تعرفُه ، لقَدْ درسَ هنا و أحبّه الجميعُ كالعادةِ في المدرسة ، سمعته يتكلّمُ عنها من قبل ، عن مدرّسةٍ شابّةٍ شغوفةٍ تُحِبُّ طلّابَها ، حسناً ، لم تكن على هذه الحالِ في وجودِ ريكي

حديقةٌ و زنبق ~ يانغ جونغوونحيث تعيش القصص. اكتشف الآن