تشرينُ الثّاني على أبوابِ الرّحيل ، و كانونُ يتجهّزُ للولادةِ في قلوبٍ أنهكها البردُ قبل زيارته ، كانَتْ يوري تراقبُ المطرَ في قلبِ نافذةِ غرفتها ، تنقّلُ ناظريها على السّاحةِ و ما فيها من زهراتٍ متفرّقةٍ زرعها وون على مدى السّنواتِ السّابقة ، تنظرُ إلى الصّخرةِ فترى خياله جالساً هناك ، مبتسماً كأيّامِ الطّفولةِ المُشرقة ، ثمّ إلى العشبِ فتراه مستلقياً فوقه ، يداعبُ الفراشاتِ برمشاته السّريعة ، و يغفو عنده الوقتُ بوداعةِ طفلٍ صغير ، و أخيراً تنظرُ إلى غيومِ تشرين ، الغيومِ التّي تجتمعُ و تتكدّسُ فجأةً في السّماءِ و تقلبُ الأجواء ، هي تلقي عليها شيئاً من الذّنبِ إذ تستعيدُ ذكرياتها ، تنبشُ فيها عن مكمنِ الخطأ و لا تجده ، أين أخطأتْ يوري؟ ما الذّي تغيّرَ حتّى أصبحَ جونغوون فظّاً و شديداً فيما يخصُّ ريكي؟ أليس ما قلبَ أحواله كتشرين؟ بغيرِ أن يسبقَ أيّ فعلٍ بإنذار؟
_"يوري ، تعالي حبيبتي ، الغداءُ جاهز"
حبيبتُها؟
استدارَتْ يوري نحو البابِ المتروكِ ببطء ، ذلك صوتُ ناري ألم يكن؟ كيف بحقِّ اللّٰه كانَتْ نبرتُه لطيفةً إذاً؟
ثمّ أقالَتْ 'حبيبتي'؟
ما كلُّ هذه العشوائيّةِ في لحظةٍ واحدة؟
خرجَتْ على عجلة ، و توجّهتْ نحو المطبخِ حيث كانَ والداها و هاروتو أيضاً ، الجميعُ يجلسُ حولَ طاولةِ الطّعام ، يتركون لها كرسيّاً إلى جانبِ هاروتو ، لن تستطيعَ التّهرّبَ من الطّعامِ اليوم ، هذا مستحيل.
جلسَتْ مطأطئةً رأسها ، و أخذتْ توجّهُ بضعةَ نظراتٍ تائهةٍ إلى أبيها ، الذّي كانَ يعبسُ أمامها ممازحاً ، لقَدْ أخبروه بالمشكلةِ على ما يبدو ، ضاعَ الحلُّ يا يوري
_"أعددتُ لكِ أرزّاً مقليّاً ، أعلمُ كم تحبّينه"
_"شكراً ناري.. لكنّني.."
_"لا أريدُ سماعَ حرف ، لن تنهضي قبل أن تنهي طعامكِ يوري"
قاطعها هاروتو ، بانتِ العصبيّةُ في لهجته ببساطةٍ ، على الرّغمِ من أنّه حاولَ أن يخفيها ، و على الرّغمِ من أنّ أباه نصحه بألّا يتّبعَ هذا الأسلوبَ و إلّا لن يقنعها بشيء ، و لكن هذا هاروتو ، كيف سيغيّرُ من عاداته؟
تنهّدَتْ يوري ، ثمّ مالَتْ قليلاً و أسندَتْ رأسها إلى ذراعه ، بما أنّها لن تصلَ إلى كتفه بسهولة
_"روتو"
_"لا تحاولي!"
_"أنا أُحِبّك"
سكنَتِ الأصواتُ في المطبخِ لوهلة ، ثمّ عادَتْ ضحكةُ أبيها إلى العلن ، و ضحكةُ هاروتو الذّي استحالَ رقيقاً فجأة ، كشمسِ تشرين ، ضمّها إليه و قبّلَ رأسها ، لن تقنعه بغضِّ النّظرِ عن أنّها لطيفةٌ جدّاً اليوم ، لن تقنعه بأن يعدلَ عن اهتمامه بها.
كانَتْ والدتُها تراقبُ كلّ شيءٍ بصمت ، لم تعبس و لم تبتسم ، و لم تظهر أيّ تعبيرٍ مهما بسط ، يوري اعتادَتْ على ألّا تهتمّ برأيها تجاه أيّ شيء ، اعتادَتْ على تجاهلِ حضورها ، اعتادَتْ على سلبيّتها الغريبةِ و على تجاوزِ أمرها ، لم تعد تكلّمها إلّا إذا أرادَتْ تأنيبها ، و عادةً ما تأخذُ ناري هذا الدّور ، لا يُهِمّ ، لم يعدِ الأمرُ مهمّاً.
أمُّها تمرُّ بأزمةِ.. نسيت ما قالَتْ أونجي لكيكو منذُ فترة ، لكنّها فهمتْ أنّها أزمة ، لن تستطيعَ فعلَ شيءٍ تجاهها ، هي آسفة ، بينها و بين نفسها ، فقط.
جلسَتْ ناري إلى الطّاولةِ أخيراً ، و شرعتْ توزّعُ المناديلَ القماشيّةَ على الجميع ، بما أنّ أحداً غيرها لا يهتمّ بها ، و تنهّدت ، لديها ما تقول
أنت تقرأ
حديقةٌ و زنبق ~ يانغ جونغوون
Fanfictionأتعرفين؟ إذا فارقَ أحدُنا الآخر في يومٍ من الأيّام سيدعو لأجله و سيزورُ الحديقة سيراه هنا ، حيث التقاه لأوّلِ مرّة لن نفترقَ أبداً جونغوون و يوري في حديقةِ الزّنبق تمّ صنعُ الغلاف بوساطة المُبدعة ميساء: @maigrphx 27/04/2024🌷 22/12/2024🌷 ملاحظة؛ تن...
