سلسلةٌ فضيّة

55 7 85
                                    

_"أعني! لماذا لم تخبريني أنّه كانَ عيدَ ميلادِكِ!؟"

تنهّدتْ يوري متضجّرة؛
كانَ ريكي يلاحقُها طوالَ اليومِ من مكانٍ إلى آخر و يُلحُّ في طرحِ ذاتِ السّؤال ، أن لماذا لم تخبره عن يومِ ميلادِها الماضي؟ لقَدْ كانَ أمامها طوالَ النّهار و لم تخبره ، تحدّثا عن كثيرٍ من الأمورِ و لم تخبره ، هذا تاسعُ عيدِ ميلادٍ يفوّتُه مُذِ التقاها في الصّفِّ التّحضيريّ ، و لم ينتبه إلى ذلك حتّى اليوم ، فهو ذاتُه لم يكن يحتفلُ بعيدِ ميلادِه ، الأمرُ لم يكن مهمّاً بالنّسبةِ إليه حتّى صباحِ هذا اليوم ، وقتَ أرته يوري سلسلةً فضيّةً أهداها هي صديقُ طفولتها ، لقَدْ بدَتْ سعيدةً بها جدّاً ، كانَ يتمنّى أن يستطيعَ فعلَ شيءٍ أيضاً ، و لكن ما باليد؟ لقَدْ فوّتَه و تمَّ الأمر ، هو فقط يريدُ أن يرمي شيئاً من اللّومِ عليها ، هي من لم تخبره!

_"لماذا لا تجيبين فحسب!؟"

مشَتْ في فسحةِ المدرسةِ تتهرّبُ منه ، قربَ الجدرانِ و في الوسطِ و في كلِّ مكان ، بين أصدقائهم و بين بقيّةِ الطّلّابِ و في المساحاتِ الفارغة ، و لم تبلغ أن تشغلَه عن الأمرِ و لا بأيّةِ طريقة؛
كانَ وقتُ الدّوامِ المدرسيِّ على مشارفِ الانتهاء ، و ريكي و يوري و مجموعةٌ بسيطةٌ من أصدقائهم هاربون من الحصّةِ الأخيرةِ و جالسون في الفسحةِ ريثما تُفتَحُ الأبواب ، يوري لا تُحِبُّ الهربَ ، كثيراً ، لكنّها اعتادَتْ على تركِ حصّةِ الرّسمِ مُذْ أمسَتْ تجلسُ إلى قربِ ريكي ، أي مُذِ انتقلتْ جيا من المدرسة ، و ريكي طبعاً ليس طالباً منتظماً ، صديقُ السّوءِ الوحيدُ في حياتها البسيطةِ الهادئة ، فهو أحدُ أكثرِ الطّلّابِ شغباً و عشوائيّة ، يطلبون من الصّبيةِ أن يقصّوا شعرهم فيأتي بشعرٍ طويل ، و إذا ما نسوا الأمر قصّه ، هو يُحِبُّ المخالفةَ و يعشقُ المشكلات ، و يوري تُحِبُّ رفقته ليس فقط لأنّها اعتادتها كما اعتادَتْ رفقةَ شقيقتيها ، بل و لأنّه غيرُ اعتياديّ ، ريكي فريدٌ من نوعه.
رمى حقيبتَه جانباً إذ يئسَ من ملاحقتها مشياً ، و جرى وراءها باحتدامٍ بينما كانَتْ قَدْ بلغَتْ مجموعةَ الأصدقاءِ من جديد ، مرّتْ فيما بينهم بهدفِ تأخيرِ سيره و تشتيتِه ، و محاولةِ عرقلةِ أفكاره كيفما كانَتْ ، ريكي هادئٌ في العادة ، لكنّه يتغابى أحياناً و لا يُعرَفُ له تصرّف ، لقَدْ شتمَ معلّماً ذاتَ مرّةٍ بعدَ أن سخرَ من جنسيّتهما ، حسناً ، تراه يوري على حقٍّ في ذلك ، فقط

_"يا يوري!"

نادى عليها مغتاظاً ما إن انسلّتْ إلى الجهةِ الأُخرى من موقفِ الطّلبة ، فضحكَتْ ، و أخفتِ الضّحكةَ قدر ما استطاعَتْ لأنّها تعرفُه ، سيستفزُّه الأمرُ أكثر و سيجعلُه يركضُ وراءها بين الطّلّابِ حتّى ، ريكي يحسبُ نفسَه يتسابقُ و ينافسُ في أيّ شيءٍ يفعله ، و يجبُ أن يفوز.
ركضَ من الجهةِ الأُخرى ، و لاقاها حينما شاءَتْ أن تنعطفَ إلى السّاحةِ من جديد ، شهقَتْ فزعاً أمام سرعته ، و أمام حقيقةِ أنّه لم يترك لها مهرباً سوى أن تقفَ و تحدّثه ، لقَدْ حُوصِرَتْ تماماً

حديقةٌ و زنبق ~ يانغ جونغوونحيث تعيش القصص. اكتشف الآن