الطّريقُ إلى المكتبةِ تارةً يضيقُ بسالكِه ، و تارةً يطولُ و لا ينتهي ، ذلك لأنّه قدِ افترقَ عن رفيقه ، و ترافقَ مع أفكارِه السّوداء و مخاوفه المتواصلةِ ممّا يمكنُ أن يحدث.
جونغوون اليوم ليس أفضلَ حالاً من البارحة ، جونغوون يصدّقُ أنّه لا يومَ أفضلَ من سابقه ، و أنّ حياته رهنُ مشكلاتٍ متتابعةٍ تنتظرُ دورها في زيارته ليس إلّا.
كانَتْ زقزقةُ عصافيرِ الشّارعِ كنعيقِ الغربان على مسمعه ، و وقعُ خطا المارّةِ القليلين في هذه السّاعةِ من الصّباحِ يسقطُ على رأسه لا على الأرض ، كلُّ صوتٍ كانَ كفيلاً بجعله يتوتّرُ أكثر ، إلى حدِّ لم يعد يستطيعُ رفعَ رأسه ، ظلّ مطأطئاً إلى أن وصلَ إلى المكتبة ، توغّلَ في عتمتها ، ألقى السّلامَ و باشرَ عمله.
لمحه ريكي من بعيد ، فزمَّ سترته استعداداً للحراك ، كانَ قَدْ فارقَ هذا الآخرُ يوري منذُ وقت ، و وقفَ ينتظرُ جونغوون أمام المكتبة ، لغايةٍ في نفسه منبعها شعورُه القديمُ ذاته ، حُبُّ يوري رفيقةُ دربه؛
لم يخبرها بشعوره لا تجاهها و لا تجاه أيّ شيء ، فهي لم تعتد عليه ناعماً و لطيفاً و كثيرَ التّعبيرِ عن أفكاره العميقة ، كما لم يخطر لها ببالٍ أن يحملَ في قلبه مكانةً خاصّةً لها ، قَدْ تتجنّبُه لو حدثَ و أحسّت؛ على أيّةِ حال ، لقَدْ أحسّ أنّه مطمئنٌّ حول جونغوون بعدما سمعَ بعض الأشياءِ عنه ، فبغضِّ النّظرِ عن شكّه الأخيرِ فيه و فيها ، ظلَّ يراه مُريحاً و لطيفاً و غيرَ مؤذٍ ، و لأنّ يوري آمنةٌ إلى قربه ، و ستسعد ، ماذا قَدْ يريدُ أكثر؟
حسنٌ ، ريكي مختلفٌ عن الصّورةِ النّمطيّةِ للصّديقِ الشّابّ ، هو لا يريدُ الفوزَ بقلبِ يوري و لا يرى في ذلك منافسة ، هو يُحِبُّها و هذا صحيح ، و يُحِبُّ عائلتها كثيراً بخاصّةٍ هاروتو ، لكنّ فكرته حول هذه المعطياتِ جميعها ، و على سبيلِ المفاجأة ، ناضجة ، هو غيرُ مهتمٍّ بمشاعره ، يقولُ أنّه سيكونُ إلى قربها وقتَ تحتاجه ، و ما إن يجد فتاةً يُحِبُّها حُبّاً عنيفاً كالأفلام ، سينسى مشاعر الاعتيادِ هذه ، سيكتشفُ أنّها صداقةٌ بريئةٌ و عميقة ، و ستبقى يوري صديقةَ العُمر ، و جائزةً من جوائزه ، واحدةً من العائلة ، فقط.
و سعادةُ هذه العائلةُ متوقّفةٌ على خطوته التّالية؛
'هيّا ريكي! تشجّع!'
خاطبَ نفسه بلكنةٍ مزدرئة ، أوّلَ مرّة ، ثمَّ أعادَ الكرّة بلكنةٍ أشدّ:
'ما بك ريكي؟ لماذا أنت متردّد!؟ أفق يا غبيّ!'
أسرعَ إنهاءَ الاحتدامِ بينه و بين نفسه ، ثمّ ركضَ نحو المكتبةِ متجاوزاً التّفكير ، ولجَ إلى الدّاخلِ و هو يقمعُ السّؤالَ الأهمّ و الأكثرَ إلحاحاً في رأسه:
ماذا سيقولُ له؟
لا يهمّ ، سيقولُ أيّ شيء ، سيوضّحُ الأمور.. ربّما..
_"مرحباً.."
اجتاحتْ صدره هبّةُ مقتٍ قادمةٌ من الدّاخل ، من الضّوءِ الخافتِ و الاثنين الجالسين تحته ، و من غبارِ الكتبِ و عثّها غيرِ المرئيّ ، هو يظنُّ الكتبَ عديمةَ الفائدة ، خاصّةً تلك التّي تنظّرُ عن الحياة ، لا يهمُّ الآن؛
كانَ جونغوون يربطُ مئزرَ العملِ حولَ جذعه ، و الجدُّ نيشيمورا يرتّبُ بعضَ الكتبِ الجديدةِ في الرّفوفِ الدّنيا ، إذ ما عادَ قادراً على رفعها إلى أعلى ، و كلاهما توقّف ، و أخذَ يحملقُ في زائرِ المكتبةِ العجيبِ هذا ، كلٌّ له تعبيرٌ شبهُ مختلفٍ عن دخولِ هذا الولدِ بالذّاتِ إلى هنا ، يشتركان في الاستغرابِ دون غيره ، استغرابٌ مستغرقٌ إلى حدّ أنّ أحدهما لم يردّ التّحيّةَ حتّى ، ينتظرُ أن ينطقَ ريكي بحرفٍ عمّا يريدُه
أنت تقرأ
حديقةٌ و زنبق ~ يانغ جونغوون
Фанфикшнأتعرفين؟ إذا فارقَ أحدُنا الآخر في يومٍ من الأيّام سيدعو لأجله و سيزورُ الحديقة سيراه هنا ، حيث التقاه لأوّلِ مرّة لن نفترقَ أبداً جونغوون و يوري في حديقةِ الزّنبق تمّ صنعُ الغلاف بوساطة المُبدعة ميساء: @maigrphx 27/04/2024🌷 22/12/2024🌷 ملاحظة؛ تن...
