في ليلةٍ من ليالي نيسان ، قبلَ عامين و نصف؛
غافلَ جونغوون والدتَه الغافيةَ و تسلّلَ من البيت ، عند تمامِ التّاسعة ، في موعدِ لقائه المُعتادِ بيوري العزيزة ، أمامهما سهرةٌ قصيرةٌ يقضيانها بين النّسماتِ و النّجومِ و الأمنيات ، حملَ معه علبةً معدنيّةً زرعَ فيها زهرَ زنبقٍ منذُ فترة ، و عدّةً للزّراعة ، و خرجَ في اتّجاهِ ساحةِ اللّعب ، سيبدأ زراعةَ الجزءِ القريبِ من بيتِ يوري بالزّنبق ، لكي يكونَ الزّنبقُ أوّلَ منظرٍ تراه ما إن تفتح عينيها و تنظرَ من النّافذة ، حتّى تذكرَه ما إن تنظرَ إلى الحديقة ، و لا تكونَ ذكراه مزعجةً أو مُحزِنة ، هذا كلُّ ما يريدُه في هذا الوقت.
وصلَ قبلَ أن تفتحَ النّافذة ، وضعَ العلبةَ إلى جانبه و جلسَ فوق العشبِ الأخضر ، في سنا القمرِ الأحدبِ المُلوّنِ بغيمٍ رماديٍّ رقيق ، كانَ اللّيلُ أقلَّ وحشةً من عادته ، فالأضواءُ ما تزالُ عاقدةً في بعضِ البيوت ، و التّوقُ عاقدٌ في قلبِ جونغوون ، لا يرى من وحشةِ اللّيلِ إلّا انقضاءه.
و بعد دقائق ، انتهى الانتظارُ و بدأ قفلُ النّافذةِ يتزعزع ، وقفَ جونغوون و حماستُه تحرّكُه كمثلِ أوّلِ مرّة ، ليس و كأنّها سهرةٌ معتادةٌ في كلِّ نهايةِ أسبوع ، ليس و كأنّ هذا المشهدَ يتكرّر ، بل و كأنّه سيراها لأوّلِ مرّة ، سيرى الزّنبق.
فتحتِ النّافذةَ أخيراً ، ضفيرتُها مسدلةٌ على كتفها الأيمن ، و تلبسُ كنزةً طويلةً فضفاضة ، لا يكترثُ بالملابسِ و لا بالمجوهراتِ و لا بأيِّ شيءٍ يُستخدمُ للتّجميل ، فهي من تُجمّلُها ، بعينيها البرّاقتين و وجهها الذّي كلّما تأمّله أحسّ بأنّ جبالَ الهمومِ انزاحَتْ من على صدره ، و لو لوهلة ، ينسى كلّ شيء ، يغدو العالمُ محصوراً به و بها ، و بالنّظرةِ بينهما_"وون! صباحُ الخير!"
ابتسم ، بهدوءٍ شديد ، ثمّ اقتربَ إلى النّافذةِ و مدَّ ذراعه في ناحيتها ، يعرضُ عليها أن يعينها على الصّعودِ إلى النّافذة ، لكنّها شردَتْ قليلاً قبل تلبيةِ الدّعوة ، أين راحَ ذهنها؟
_"ما الأمر؟"
_"ما رأيُكَ أن تكتبَ لي مُجدّداً؟"
_"خلتُ أنّكِ لا تُحِبّين القراءة"
_"أُحِبّ قراءةَ ما تكتب"
تعمّقتِ ابتسامتُه في معناها ، وصلَتْ إلى روحِه في إشراقها ، وصلَتْ فخراً و سعادةً و حُبّاً و دفئاً و امتناناً ، كلُّ تلك المشاعرِ اختُصِرَتْ في ابتسامةٍ واحدة ، لم تحتج إلى أيّةِ كلمات ، و طوعاً لها ، هزّ برأسه ، و انتظرَ ريثما جاءَتْه بنتُ الإعداديّةِ بدفترها الصّغير.
ناولتْه الدّفترَ و قلماً و حماستُها تقفزُ في داخلها كالأرانب ، ثمّ صعدتْ على النّافذةِ دون مساعدته ، و انتظرتْ ريثما جاورَها مجلساً ، و بالفعل ، جلس ، و فتحَ إحدى صفحاتِ الدّفترِ الفارغة ، و هو يفكّرُ ماذا سيكتب ، ماذا سيكتب؟
![](https://img.wattpad.com/cover/367888866-288-k206830.jpg)
أنت تقرأ
حديقةٌ و زنبق ~ يانغ جونغوون
Fanfictionأتعرفين؟ إذا فارقَ أحدُنا الآخر في يومٍ من الأيّام سيدعو لأجله و سيزورُ الحديقة سيراه هنا ، حيث التقاه لأوّلِ مرّة لن نفترقَ أبداً جونغوون و يوري في حديقةِ الزّنبق 27/04/2024🌷 22/12/2024🌷 ملاحظة؛ تنتمي هذه الرّوايةُ إلى الحديقةِ السّرّيّةِ التّي ت...