لاحقاً لأوانه

55 9 175
                                    

عندَ السّاعةِ السّادسةِ من يومِ الاثنين ، اليومِ التّالي لوصولِ زهرةِ جونغوون إلى شبّاكِ يوري ، و في ساعةِ مغادرةِ هاروتو إلى دوامه المسائيّ في مكتبه الجديد ، هذا موعدُ لقاءِ ما بعد الجفاء بين يوري و وون.
أُبلِغَ الموعدُ و أُعِدَّ في اليومِ السّابقِ عبرَ مجموعةٍ من المراسلين ، مجموعةٍ صغيرةٍ من أطفالِ الحيِّ لم يفهم أحدُهم اللّغزَ الذّي يتحدّث العاشقان عنه في الرّسائل ، حديقةٌ و زنبق ، و لكنّهم جميعاً قَدْ فهموا الغرضَ منها ، و منذُ وقتٍ طويل ، لا يمكنُ لاثنين في حالهما استغباءُ طفلٍ متحمّس ، هذا مستحيل.
كانَ جونغوون في المكتبة ، يطالعُ كتاباً يُفترَضُ به إعدادُ دراسةٍ عنه ، و ينتظر ، تبقّى ربعُ ساعةٍ على الموعد ، و هو جالسٌ يلملمُ أفكارَه من جديد ، لقَدْ قضى اليومين الأخيرين في مراجعةِ ما فعلَ في رأسه و مع جايهيون أيضاً ، لا يزالُ يرى أنّه على حقّ ، و لكن في غيرته و رغبته في التّميّزِ مع يوري ، لا في شكّه فيها و لا انسياقه وراءَ كلامٍ غبيٍّ تلفّظَتْ به بنتٌ بالكادِ يذكرُ اسمها؛
هو لا يذكرُ أنّه قَدْ كانَ سهلَ التّأثّرِ في يومٍ من الأيّام ، بيدَ أنّ عقله في الفترةِ الأخيرةِ مفصولٌ عن العالم ، يشعرُ بأنّه يغوصُ في بحارٍ من العتمة ، يحاولُ أن ينسابَ دون رؤيةٍ مع التّدفّقِ المتّجه نحو شعلةٍ ما ، و كلّما انسابَ كلّما أدركَ أنّه لم يعد يميّزُ ما بين التّدفّقات ، لم يعد يحسنُ فهمَ أفكاره و مبادئه ، و لم يعد يحسنُ التّمييزَ بينها و بين رغباته ، و لا مقارنتها مع حقيقةِ أفعاله التّي حدث و وقعت ، يشعرُ بأنّه مُغيّبٌ عمّا يحدثُ من حوله ، ليس و كأنّه يعيشه..

_"مرحباً"

رفعَ رأسَه عن الكتابِ إلى الضّيفِ القادم ، و هبطَ صدرُه إلى أسفلِ جزءٍ فيه ، أصبحَ التّنفّسُ ثقيلاً ، و الفكرُ ضحلاً مستسلماً ، هاروتو ، هذا الضّيفُ هاروتو..
وقفَ جونغوون مباشرةً ، أوقعَ الكتابَ بغيرِ قصدِه أرضاً ، و لم يفكّر في التقاطِه ، وقفَ يعاينُ ضيفه الطّويلَ شامخَ الهيئة ، لقدِ اختلفَ مُذْ قابله وجهاً لوجهٍ لآخرِ مرّة ، استحالَ رجلاً ضخماً أنيقاً ، أكثر ممّا كانَ من قبل ، لا يستطيعُ تحديدَ ما اختلفَ فيه تماماً ، فهو غيرُ قادرٍ على دراسةِ عينيه من وراءِ نظّاراته غامقةِ العدسات ، لا يستطيعُ معرفةَ ما يجوبُ في خاطره.. ماذا يريدُ هاروتو منه؟

_"أ.. أهلاً.."

دخلَ بخطا ثابتة ، ألقى نظراتٍ مزدرئةً على محتوياتِ المكتبة ، ليس لأنّه لا يُحِبُّ الكتب ، و إنّما ليجعلَ جونغوون يستشعرُ خطراً من حركاته ، هو يشكُّ في شيء ، لكنّه لا يملكُ أيّ دليلٍ على ما في خاطره ، لذلك يكتفي بالتّهديد ، التّهديدِ السّاكنِ اللّطيف ، لطيف نعم

_"ألستَ جونغوون؟"

_"بلى.. أنا جونغوون"

حديقةٌ و زنبق ~ يانغ جونغوونحيث تعيش القصص. اكتشف الآن