8_|ما أروع أن أكون أسير جاذبيتكِ!|

6.7K 382 163
                                    

الخياط الجزء الثالث .
الفصل الثامن
_ ما أروع أن أكون أسير جاذبيتكِ!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في لحظاتٍ كثيرة، تأتي الحياة بما لا ننتظره، بما لا نخطط له، وكأنها تختبرنا. نحن البشر نميل إلى الاستعداد، إلى التحكم والسيطرة، لكن الحقيقة الأعمق هي أن البركة تكمن في ما لا نعرفه، في ما يأتي مفاجئًا، في ما قد نراه عبئًا لكنه يحمل في طياته نعمة لا تُقدّر بثمن.

المسؤولية ليست عبئًا، بل هي القوة التي تجعلنا نكتشف ما نحن قادرون عليه، حتى في أحلك الأوقات.
هي امتحان للإرادة، واختبار للصبر، وفي النهاية، هي الطريق الذي يسلكه كل من يسعى لتحقيق معنى أعمق لحياته.

الحياة ليست انتظارًا للكمال، بل هي قبول للتجربة، للخطأ، للنمو في وسط الفوضى.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

"الماضي ليس مجرد ذكريات عابرة، بل هو ظل لا يفارق صاحبه، يلاحقه أينما ذهب، يذكره بأن الهروب منه ليس إلا تأجيلاً لمواجهة حتمية مع ما تركه خلفه."

والذي كان يرغب برؤياه هو نفسه الذي أرسل إليه من يخبره عن عمله .

جلس «يونس» على الكرسي، جسده مسترخٍ لكن عينيه كانتا كالجمرتين تتقدان خلف نظرات باردة.
يتفحص المكتب بعناية، يحاول قراءة كل تفصيل فيه، لكنه في الواقع كان يتجاهل اللواء الموجود أمامه.
كانت هناك مسافة قريبة بينهما .
يُدعى اللواء «عزام المسيري» ، توقع الأمر المطلوب منه ، وماسبب طلب هذا اللواء له !

نظر له «عزام» بابتسامة ضيقة، حاول كسر صمت الحوار :
_ إيه يا يونس ! ، هنحايلك كتير عشان تيجي تقابلني يا راجل ، وابعتلك مرسال تبهدله مش طريقة محترفين دي ؟

يراقب بتركيز، محاولاً أن يلتقط أي تلميح يفضح مشاعره.

_ والله أنا لو كنت شايف إن حوارك يستاهل كنت جيتلك بنفسي يا باشا ، بس أنا شايف ان ملهوش لازم الهري في المهري لامؤاخذة ، حتى قاعدتنا دي ملهاش لازمة بس قولت أكبرلك و اجي اقدملك ورق اعتذاري يمكن تعتمد !

كان يميل برأسه قليلاً إلى الجانب، مما أضفى عليه طابع الاستهزاء وكأن هيئة اللواء لا تعنيه.

استمر «عزام » في محاولاته، بينما تجاعيد جبهته تبرز بشكل أكبر :
_ آه... عارف، سمعت إنك حبيت تاخد أجازة طويلة.
بس عارف ؟ البلد لسه زحمة والمصلحة دايمًا موجودة.

رغم حديثه الودود، كانت نبرته تحمل معنى آخر، يدعوه للعودة إلى عالم يرغب في مغادرته.

اعتدل «يونس» بجسده المستقيم ورأسه مرفوعًا، ثم بدأ يسترسل بمنتهى الثبات :
_ مش بتاعي المصلحة دي بقى.

الخياطحيث تعيش القصص. اكتشف الآن