الخياط ٣.
الفصل السادس .
_ إحتواء
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفصل اهداء لكل المريمات اللي بيتابعوا ، و على الاخص «مريم الجنيدي» اللي حابة اهنئها بحفل تخرجها و عيد ميلادها في أنٍ واحدٍ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــفي مساحات لا تعترف بالزمن، وفي أبعاد لا تُقاس بالأمتار أو الساعات، وُجدت تلك العلاقة. لا يمكن أن تُدرك بالعقل، ولا تُفسّر بالكلمات، فهي من تلك الأمور التي تُحسّ ولا تُوصف. هي حالة من الانصهار الروحي، حيث تختفي الأنا، ويذوب الفرد في الآخر، ليتحول الكل إلى وحدة لا تتجزأ، وحدة تتجاوز كل الحواجز، وتتخطى كل المعاني المألوفة.
في عتمة تلك المساحات المجهولة، كان النور ينبعث من قلبين لا يُرى أحدهما بالعين المجردة، ولكنهما يلتقيان في عمق الروح، حيث لا وجود للمادة ولا للمنطق. هناك، كانت المشاعر تتفاعل بطرق لم يختبرها أحد من قبل، كانت كالطاقة التي تتدفق بلا توقف، تملأ الفضاء المحيط بكل ما هو غير مرئي، ولكن محسوس بشدة. تلك المشاعر لم تكن حبًا كما يُعرف بين الناس؛ بل كانت شيئًا أعمق، شيئًا يتجاوز الحب نفسه، كأنه العشق في حالته النقية، الخالصة من كل شوائب التوقعات والاحتياجات.
كانت الروحان تتعانقان في صمت، لا يحتاجان إلى صوت ليفصحا عن مشاعرهما، ولا إلى نظرات ليتواصلا. كان التواصل يحدث على مستوى آخر، مستوى يتجاوز الفهم التقليدي للبشر. كان إحساسهما ببعضهما كالنفس الواحد الذي يتنفسه جسدان منفصلان، كأنهما يتبادلان الوجود، في لحظة يستعصي فيها على الزمن أن يمضي، وفي مكان يتعذر على المكان أن يوجد.
لم يكن هذا التواصل مجرد حالة من الانجذاب أو الاشتياق؛ بل كان انسجامًا يتجاوز الحدود الفاصلة بين الوجودين. كانت هناك لغة غير منطوقة، حروفها من النور وظلالها من العتمة، تكتب على جدران الزمن حكاية لا يمكن أن تُقرأ إلا بقلوب قد تذوقت من حلاوة الألم ومرارة السعادة. كانت تلك اللغة تهمس بحقيقة لا يجرؤ أحد على النطق بها، حقيقة أن الحب ليس مجرد شعور، بل هو حقيقة وجودية، لا تُدرك إلا عندما تلتقي الروح بروحها التوأم في أكوان لا تُرى.
في عمق هذا الانسجام، كانت هناك أسئلة لا إجابة لها، ولكنها لم تكن بحاجة إلى إجابات. كان الفهم يتجاوز الأسئلة، كما يتجاوز الوجود ذاته. كان كل شيء واضحًا وضبابيًا في آن واحد، كأن السر الأعظم للوجود يكمن في تلك اللحظة، في تلك الصلة التي لا تُرى ولا تُفهم، ولكن تُشعر بكل كيانك.
وفي النهاية، لم يكن هناك نهاية، ولم يكن هناك بداية. كان هناك فقط وجود، وجود يحتضن في طياته كل شيء ولا شيء، كأن الكون بأسره قد انطوى في تلك اللحظة بين قلبين، يجتمعان ويتفرقان في دورة أبدية، لا تنتهي ولا تبدأ. كان الحب في تلك اللحظة شيئًا يتجاوز الفهم، يتجاوز الإدراك، ليصل إلى عمق الكيان ذاته، حيث تختفي كل الحدود، ويتحول الكل إلى واحد، واحد يحمل في طياته سر الوجود وحقيقة الحب التي لا تُفهم ولا تُقال.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أنت تقرأ
الخياط
Actionربما... أحيانًا يكون الطريق الذي نسلكه مليئًا بالشكوك والتحديات، ولا ندري إن كان سيأخذنا إلى ما نرجو، لكن ربما الصواب ليس دائمًا فيما نعرفه، بل فيما نتعلمه ونكتشفه خلال الرحلة نفسها. بدأت 2023/5/23 انتهت 2024/12/13