X XI

2K 122 68
                                    

T!L

//

   كان يجلُس كُلّ ليلة خارِج المنزِل، بِمعطفه الأسود الطويل؛ فوق الأرجوحة في الباحة الخلفيّة للمنزل، بِهاتفه و سمّاعات الأذنين المشبوكة بِه، يستمِع لِقائمة أغانيه المُفضّلة كما ترتفِع عيناه لِتُحدِّق بِالسماء المليئة بالنجوم.


مِن السّابِعة حتّى يشعُر بِالإرهاق و يعود لِلدّاخل لِغُرفته و يُقفل الباب، صباحاً؟ هو حرفيّاً لا يفعل شيئًا عدا الذهاب إلى جامِعته و يعود بِملامحه نفسها، تحمِل نفس البرود و القسوة، و يبقى وحيداً، لا يتحدّث، لا يستمِع لِأحد؛ و لا يختلِط مع الكثير من الناس.



كان فضولي يقتلني حقّاً لِمعرفة هذا الفتى الذي قد وقعتُ في الحُبّ معه، لَم أرغب بِذلك؛ لَم أرغب بِالتقيُّد بِأحدهم، لكِنّي غيّرتُ رأيي بعد رؤية هذا الملاك الذي يبدو وكأنّه قد نسيَ كيف يُحلّق.



ذلِك اليوم كُنت قد خرجتُ لِلحديث معه، أردتُ حقّاً جعله يُغيّر روتينه ولو كان لِيومٍ واحِد، بِالرُّغم مِن أنّي أُحِبُّهُ كما هو، لا أرغب بِفعل شيء لِتغييره، إلّا أنّي أرغبُه بِأن يُبادلني هذهِ المشاعر.


إقتربتُ مِنه بِحيرة، توقّفتُ خلفه و أمسكتُ بِالأرجوحة لِتتوقّف عن الحركة، هو أبعد عيناه عن السماء و إلتفّ إليّ كما خلع سمّاعتيه مُوقِفاً الموسيقى، زفرتُ بِتردّد.. لكِنّي نطقتُ بِما أردتُ قوله له مُنذ مُدّة " أعلم بِأنّك تُحدِّق بِالسماء المليئة بالنجوم كُلّ ليلة، لكِن أجهل المشاعر التي تملؤك كُل هذهِ الليالي.. "


إبتسمت بِخفّة كما حدّق فيَّ بِدهشة " لكِن أرغب بِملؤك بِالبهجة الليلة، هلّا سمحت لي؟ " مددتُ يدي له، فنظر إليها بِتردُّد، كاد الحُزن يُلامِس قلبي؛ كان هذا قبل أن يُمسِك بيدي فتتعمّق إبتسامتي لِإستجابتُه لي، عكسُ ما توقّعت.


ظننتُ أنّي سأعود لِلدّاخل خائِب الظن.


سحبتُه معي نحو سيّارتي، فتحتُ الباب له و شاهدتُ وجنتيه تتورّدان، لكِن هو أبقى ملامِحه الجادّة؛ لا أعلم لِماذا لا يتحدّث كثيراً، لم يسبِق لي أن سمعت صوته، في الواقع، هو يصمُت عِندما يراني في الأرجاء.


بِالرغم من ذلِك، نحنُ نعيش في نفس المنزل المُستأجر، و نذهب لِنفس الجامِعة؛ لديه صديقُه المُقرّب والذي أجهل إسمُه، لكِنّه الوحيد الذي قد إستمع لِصوت الصغير وهو يتحدّث.


ركنتُ سيّارتي بِجانب صالة تزلُّج عامّة، شاهدتُه يُقطِّب حاجِباه و يعبس " مالمُشكلة؟ " سألت فنظر إليّ مُبتسِماً و أهزّ بِرأسه، ليفتح الباب و يخرُج تارِكاً إيّاي مُتعجِّباً، نزلتُ بعده حامِلاً الحقيبة البلاستيكيّة بداخلها أحذية تزلُّج بمقاسي و مقاسُه؛ لطالما رغبتُ بِالتزلج معه على الجليد.

Random Short One Shots · Ꮮ.Ꮪحيث تعيش القصص. اكتشف الآن