الفصل الاول
ذات يوم كانت الامطار تهطل بغزاره و الرعد الخفيف بدأ في الظهور و سواد الليل يحاوط المدينه من كل جانب
يقف شاب طويل و بجانبه فتاه تكاد تصل الي كتفه تمسك بمظله و تقف علي اطراف اصابعها لتحاول حجب المطر عنه لكنها تفشل لقُصر قامتها
ضحك يزيد بوسامه شديده قائلا : متحاوليش يا اوزعه
قالت اسيل : متقوليش اوزعه.... انت اللي طويل اوي مش عارفه ابعد عنك المطر
اختطفها يزيد من ايديها و وضعها فوقهم قائلا بمرح : ها كدا احسن يا اوزعتي
رفعت نظرها اليه لتنظر في عينيه لقُصر قامتها قائله : يزيد عشان خاطري بلاش تروحوا النهارده ... الدنيا بتمطر و انا مش مطمنه
وضع يزيد يده الاخري في جيب بنطاله قائلاً : مممم مش هنبطل القلق ده كل ما اروح استلم اي حاجه عشان نجهز شقتنا
اسيل بقلق: ايوه بس...
يزيد بنبرة ثقه : متخفيش يا اوزعتي هنروح ساعتين و نرجع متقلقيش
اسيل ببعض الراحه : طب مين اللي هيسوق انت ولا بابا
يزيد مبتسماً : لا السواق
اخرجت اسيل تنهيده قائله : طب اتصل بيا كل شويه
قال يزيد بمرح : تحبي اطلع انام معاكي عشان تطمني
احمرت اسيل خجلا قائله : لا مش للدرجادي يعني
ابتسم يزيد دون كلام ثم سمع كلاهما صوت والدة اسيل من الخلف قائله : يلا ادخلي يا اسيل عشان هنمشي
التفت اليها اسيل قائله : حاضر يا ماما هدخل .... فين بابا
اتي والدها قائلا : اهو انا جيت يلا يا يزيد يابني عشان منتأخرش اكتر من كدا الساعه بقت تسعه
قال يزيد : ماشي حاضر كل حاجه جاهزه تقريبا....
ناقص تركبوا العربيه
ثم اقترب من اسيل قائلاً بجديه زائفه : احم وانتي يا اسيل ادخلي يلا عشان نمشي
قالت اسيل بصوت خافت : مش كانت اوزعتي
قال يزيد بصون خافت مبتسما و هو ينحني اليها : دي بينا احنا بس يا اوزعتي
قالت اسيل مبتسمه : اها تمام فهمت
قالت نهي بصوت عالي نسبياً: انتو بتقولوا ايه ؟
انتفضت اسيل قائله بخضه : لا مش بنقول حاجه خالص يا ماما ، خلي بالكو من نفسكم
بينما التفت يزيد قائلا بمرح :يلا بئا السواق هيمشي و يسيبنا و احنا قاعدين هنا
اللتفت نهي حول السياره لتدخلها بينما اتبعها يزيد لكن قبل ان يدخل قالت اسيل بسرعه : يزيد
يزيد : نعم
اسيل : طمني عليكم كل شويه
يزيد مبتسما : حاضر
و قال محركاً شفتيه دون ان يصدر صوت : بحبك با اوزعتي
ثم غمز لها مبتسماً و دخل السياره
ابتسمت اسيل بفرحه ثم اللتفت لتدخل بهو الڤيلا و الخوف و القلق ينهش في قلبها
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
بعد مرور ساعتين
كانت جالسه علي السرير تقضم اظافرها بقلق قائله : محدش بيرد عليا ليه ولا يزيد ولا ماما ولا بابا يارب استر
ثم اخذت هاتفها و طلبت رقم يزيد مره اخري ظل الجرس يرن الي آخره إلا ان فُتح الخط في اخر الجرس قالت بصوت عالي غاضب : كل ده يا يزيد عشان ترد حرام عليك قلبي كان هيوقف من كتر الخوف
رد عليها رجل بنبره هادئه نوعا ما : حضرتك التليفون صاحب التليفون ده عامل حادثه كبيره جدا و معاه ثلاث اشخاص
هبت واقفه من جلستها قائله بصدمه : ايه ؟انت بتقول ايه ؟
الرجل : زي ما بقول لحضرتك كدا هما دلوقتي منقولين علي مستشفي (....)
قالت اسيل ببكاء : حاضر انا هاجي دلوقتي
اغلقت الخط ثم طلبت رقم اخيها بأصابع مرتجفه و ما أن فتح الخط
صرخت اسيل ببكاء : آسر الحقني ماما و بابا و يزيد عملو حدثه كبيره اوي علي الطريق و هما رايحين يجيبوا العفش بتاع الشقه تعالي يا آسر بسرعه
قال آسر بصدمه ممزوجه بالقلق : ايه ؟ طب ...طب اهدي انا جاي حالا اللبسي علي ما اجيلك
و اغلق الخط دون ان يسمع ردها
بعد مرور نصف ساعه
كانت اسيل تشق الممر الابيض الطويل ذهاباً و أياباً
قال آسر بغضب : انتي ازاي وافقتي و قولتلهم يروحو في الوقت ده
قالت اسيل ببكاء يفطر القلب : والله منعتهم بس هما موافقوش
خرج الطبيب قبل ان يتكلم آسر
ركضت اليه اسيل بسرعه قائله : دكتور عاملين ايه بابا و ماما و يزيد عاملين ايه ؟
قال الطبيب بملامح مؤسفه : بصراحه هما جُم و هما خلصانين خالص مقدرناش نعمل اي حاجه والله غصب عني ....... البقاء الله
توقف بكاء اسيل و صمت آسر لكن قالت اسيل بصوت ميت و عينين متوسعتين : كلهم ... ماتوا ؟
اخفض الطبيب رأسه و اغمض عينيه
صرخت اسيل صرخه دوت في انحاء المستشفي بأكملها ثم وقعت غائبه عن الوعي
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
افاقت اسيل علي تلك الدمعه الساخنه التي نزلت من عينيها للتو
كانت تجلس امام البحر في وقت الفجر
و خيوط الشمس الذهبيه تشرق بين ظلام الليل بنعومه و الجو الشديد البروده
جالسه وحيده صامته كرسمه كلاسيكيه
ضمة ساقيها الي صدرها و وجهها منحني للأسفل و تبكي بشده
افزعها الشخص الذي ضمها الي صدره بقوه انتفضت بشده لكن ما إن اتعرفت عليه حتي استكانت بين زراعيه و أخذت تبكي بقوه اكبر
اسيل من بين شهقاتها : ماما و بابا وحشوني اوي ... و يزيد ، يزيد كمام وحشني يا آسر
شدد آسر عليها أكثر وهي بين ذراعيه و قال : و وحشوني انا كمان واللّه ، يلا يا اسيل قومي لحسن تيته و جدو قلقانين عليكي اوي
قالت اسيل من بين بكاؤها : هما صاحيين اصلا ؟
قال آسر ضاحكاً ليهون عليها : ايوه يا ستي ده تيته اللي فزعتني و انا نايم و بتقولي اللحق يا آسر اختك اتخطفت
ضحكت اسيل رغماً عنها و خيم الصمت علي المكان لفتره ما عدا اصوات الامواج المتلاطمه
قال آسر بعد فتره من الصمت : يلا يا اسيل نروح
اسيل ببكاء : لا آسر ارجوك عايزه اقعد لوحدي هنا محتاجه اقعد لوحدي روح انت
هب آسر واقفاً ثم قال بجديه : لأ طبعا يا اسيل ازاي تقعدي لوحدك هنا في الوقت ده
نظرت له برجاء قائله : يا آسر.....
آسر : ششششش يلا
نهضت اسيل بأستسلام ثم عادوا الي الڤيلا
و ما إن عادوا الي الڤيلا و فتحت لهم الخادمه الباب و دلفوا الي داخل البهو ركضت اليها جدتها إيمان و أحتضنتها قائله : كنتي فين يا اسيل حرام عليكي انا قلبي مبقاش مستحمل حاجه يا بنتي
ردت اسيل بهدوء: متقلقيش تيته انا بس نزلت قعدت ادام البحر شويه
قال عز الدين ( جدها) بجديه خفيفيه: في الوقت ده بردو يا اسيل انتي خوفتينا عليكي اوي يا بينتي
اسيل بأسف لكن عيناها كانت شارده في ذكرياتها المؤلمه : اسفه يا جدو
قالت إيمان : طب يا حبيبتي ادخلي نامي و انت كمان يا آسر اطلع كمل نوم
صعدت اسيل بصمت الي غرفتها بينما قال آسر : تصبحوا علي خير
إيمان بحزن : و انت من اهله
قال عز الدين : يلا احنا كمان ننام
إيمان : اه يلا
و دخل عز الدين و إيمان ليناموا ايضاً
آسر محمد المهدي : شاب في نصف العقد الثاني من عمره فارع الطول قوي البنيان صاحب البشره السمراء نوعا ما و عيناه الزيتونيه و شعره البني الداكن، يعمل طبيب نساء و توليد
اسيل محمد المهدي : اسيل في العقد الثاني من عمرها تدرس في كلية هندسة ، ذات الملامح الهادئه و البشره البيضاء و الحمره الخفيفه علي وجنتيها و انفها الصغير الحاد و شعرها البني الطويل جدا الذي يصل الي خصرها و عيناها الفيروزيه التي ورثتها عن امها و تتميز ايضاً بصوتها الساحر في الغناءرأيكم 💙