الفصل62

8.1K 146 12
                                    

و مر اليوم التاني و الثالث و الرابع بدون افاقة كريم بشكل كامل لكن الاقدام لم تهدأ في المشفي فجميع اصدقائه الضباط يأتون لزيارته و الكبار في عمله يأتون بنفسهم للأطمئنان عليه و في كل ليله بعد ان يغادر الجميع تتسحب اسيل و تدلف غرفته و تظل جالسه بجاوره متمسكه بيده لكن في احد اليالي عاد له وعيه بشكل بسيط ففتح عينيه و همس بأسمها بوهن و هو  يري تمامه كل شئ ضباب من حوله
فأنتفضت اسيل و عينيها تتسع بعدم تصديق لكنها مالت عليه بسرعه و هتفت بلهفه : كريم ....انت اتكلمت ؟
فهمس هو مره اخري بوهن شديد : اسيلتي ....انتي هنا
احاطت وجهه بكفيها و هي تبكي بشده قائله بفرحه : ايوه يا حبيبي انا هنا جمبك و مش هبعد عنك تاني
حينها تنهد كريم براحه ثم اغمض عينيه بأسترخاء مره اخري فهبطت اسيل عليه و هي تقبل جبينه برفق ثم اعتدلت مره اخري و تمسكت بيده و ظلت متمسكه بها حد الصباح حتي سقطت فوقه فأستلقت علي صدره العاري المتصل بعدة اسلاك طبيه لكن لم يهمها كل ذلك فقد كانت كل ما تحتاجه ان تستمع لدقات قلبه الذي بمثابة انفاسها
و اليوم خرج إليهم الطبيب و اخبرهم انه استرد عافيته بالكامل و استعاد وعيه بشكل الي حدٍ ما طبيعي و انه سينتقل الي غرفه عاديه فتهللت اسارير الجميع بفرحه و انتظروا ان ينتقل ما عدا اسيل الذي كانت خائفه بشده و كأنها ستقابل كريم للمره الاولي .....لا تعرف لماذا هي خائفه كل هذا الخوف لكنها خائفه و لا تستطيع تفسير هذا الخوف
فما إن انتقل لغرفه اخري دلف الجميع اليه ماعدا هي فسألها آسر قبل ان يدلف : انتي مش هتدخلي
نفت برأسها و هي تتراجع عدة خطوات للخلف بتوتر شديد قائله : لا
عقد آسر حاجبيه بأستغراب قائلاً : ليه ؟
عضت اسيل علي باطن خدها ثم قالت بتوتر : طب انا هدخل بعد شويه كده
ازدادت حاجبيه تعقيداً و هو يسألها بأستغراب : انتي خايفه ؟
نفت برأسها بتوتر و أرتباك و هي تسارع بالقول : لا طبعاً  هخاف من ايه
رد آسر بحيره : طب امال ايه ؟
زفرت اسيل بتوتر شديد ثم قالت بسرعه : ادخل انت بس يا آسر و انا داخله وراك 
تنهد آسر بأستسلام ثم استدار للغرفه و دلف للداخل ...........اما في الداخل و قبل عدة دقائق كان الجميع قد دلف و احتضنوا كريم بشده و خاصةً سهيله الذي كانت مفطوره من البكاء و هي تحتضن كريم و كأنه ابيها و ليس اخيها و ما إن انتهي الجميع ....في هذه اللحظه كاد ان يسأل كريم عن اسيل و هو لم يجدها بينهم لكن دلف آسر بهدوء شديد فالتفت اليه كريم بسرعه و ما إن رأه حاول ان يعتدل جالساً بسرعه و هو يهتف بأسمه فهرول نحوه اسر و قام بوضع يديه علي كتفه السليم فالأخر مصاب قائلاً برفق : بس بس خليك مكانك
ارتاح كريم مره اخري ثم رفع رأسه الي آسر و نظر اليه بحرج و هو يهتف : متزعلش مني يا آسر
صمت آسر لعدة ثواني ثم هتف بهدوء و هو يسبل جفنيه و يبتسم بهدوء : حمد الله علي سلامتك يا كريم
اسبل كريم جفنيه بحزن و صمت فأبتعد عنه آسر و اتجه نحو زوجته و هو يحمل ابنه عنها و يداعبه برفق فأقترب مازن من كريم وجلس بجانبه قائلاً بسعاده و هو يضربه علي كتفه المصاب : حمد الله علي سلامتك يا خويا يا حبيبي
صرخ كريم متألماً فشهقت والدته و هي تركض نحو مازن و تدفعه عنه قائله بغضب : ايه يا مازن ده ابعد عنه حرام عليك
ضحك الجميع علي مازن الذي اختض بشده لكن هتف كريم بصوتٍ خشن و هو يدلك كتفه بذراعه بألم : فين اسيل
صمت الجميع و هم ينظرون بينهم و هم معتقدون انها دلفت معهم حينها هوي قلبها بين قدميها و هي تستمع اليهم من خلف باب الغرفه حين هتف كريم و قد بدأت نبرته تنقلب للغضب فهي اكثر شخص يعرف هذه النبره جيداً : فين اسيل يا جماعه
فأبتعدت بسرعه من جانب الباب و هي تقضم أظافرها بتوتر شديد و استطاعت ايضاً ان تستمع لآسر الذي قال : قالتلي انها هتدخل بعد شويه
و لم تستمع بعد ذلك اي شئ فقد صمتوا تماماً و بدأوا يتهامسون فيما بينهم فأحترقت اعصابها اكثر لكنها انتفضت فجأه ما إن رأتهم جميعاً يخرجون من الغرفه معاً فأنفلت نفساً مرتجفاً من بين شفتيها و هي تنظر اليهم بتساؤل و هي تتحاشي النظر الي سهيله الذي تنظر اليها بحزن فأقترب منها مازن و كاد ان يتكلم لكنها سبقته بقولها بقلق : انتو خرجتوا بسرعه كده ليه .... هو كويس ؟
اومأ مازن برأسه قائلاً : اه هو كويس
حينها اقترب منهم اسر و معه شهد ثم قال لاسيل : اسيل انا هروح شهد و يزيد عشان تعبان شويه
أومأت اسيل برأسها موافقه فرحل اسر هو و زوجته بينما همس مازن بخفوت : كريم عايزك جوه
خفق قلبها بعنف و هي تستمع لجملته لكنها نفت برأسها بتوتر تقول : لا يا مازن مش هينفع
كاد ان يتكلم مازن لكنها انتفضت بخضه ما إن استمعت لكريم ينادي عليها و قد ظهر الحنق في نبرة صوته فضمت اسيل شفتيها حتي اصبحوا خط مستقيم و هي تفرك يدها بتوتر فأقتربت منها كنزي و احاطت كتفيها ثم قالت و هي تبتسم لها بحنان : ادخلي يا اسيل كريم عايز يشوفك
خفق قلبها بقوه ثم ابتلعت ريقها بصعوبه و هي تنظر اليهم بحيره فأبتسمت لها والدته بحنان لتشجعها فزفرت اسيل علي مهل و تأخذ نفساً عميقاً و تتجه نحو الغرفه بجسدٍ مرتجف و ما إن وصلت امام الباب طرقته برقه ثم امسكت مقبض الباب و انزلته للأسفل فأنفتح الباب ببطئ كما دلفت اسيل تماماً لكنها سارعت بالأستدار عنه و هي تغلق الباب فظهر له شعرها الطويل الذي اصبح يغطيها من شدة طوله لكنه عقد حاجبيه بأستغراب هاتفاً لنفسه بتعجب.....هل قصرت اكثر !
ابتسم رغماً عنه و هو  يتفحصها بدقه و يعرف انها متوتره فأبتسم بتسليه و مكر و هو يتصنع انه يتأوه بشده فأستدارت اسيل اليه بسرعه و مهروله نحوه قائله بلهفه و خوف : مالك يا كريم ....اناديلك الدكتور
رأته يبتسم ابتسامه واسعه تعرفها جيداً فأسبلت جفنيها بتوتر رهيب و هي تطرق رأسها امامه فهمس كريم بخفوت : قربي مني
أمتثلت لأمره و اقتربت من فراشه فهمس هو مره اخري برفق : اقعدي جمبي
جلست بتوتر شديد امامه بجانب ساقيه و هي مازلت مطرقة الرأس و قلبها المجنون يخفق بقوه حينها أبتسم كريم بحنان و هو يأخذ كفها بين يده السليمه و يمرر عليه بأبهامته برقه فشعر بأرتجافة يدها بين يديه فسألها بخفوت حنون : مالك .....انتي كويسه ؟
رأي صدرها الذي يعلو و يهبط بسرعه فعلم انها ستبكي فترك يدها و ازاح خصله من شعرها خلف اذنيها و هو يهمس بأسمها بحنان فلم تستطيع الصمود اكثر من ذلك و انفجرت باكيه و هي ترتمي علي صدره بقوه .....تألم كريم لكنه لم يهتم بل ابتسم بحنان و هو يلف ذراعه السليم حولها و يربت علي جسدها الصغير : ششششش ....خلاص اهدي متخافيش
شهقت اسيل باكيه و هي تهتف بصعوبه : انت كنت هتسيبني و تمشي ..... تزاي عملت فيا كده
ربت كريم علي ظهرها بحنان و هو يخفض رأسه و يضع قبله علي شعرها قائلاً بحنان خالص : مقدرش اسيبك والله
ازدادت حدة بكاؤها بشده فضحك كريم قائلاً ليشاكسها : خلاص بئي انا بئيت احس انك بتحبي العياط اكتر مني
هتفت اسيل بنبره مختنقه و هي مازلت محتضناه : مفيش اي حاجه بحبها اكتر منك
حينها تنهد كريم بقوه و قد تذكر للتو شيئاً ما فأعتدلت اسيل جالسه و هي تنظر اليه بأعين دامعه لكنها استطاعت ان تعرف ما به فأمسكت يده و قالت بخفوت و أسف شديد : انا اسفه يا كريم
نظر اليها بترقب قائلاً : بتتأسفي ليه
اخفضت رأسها و هي تهمس بخفوت و تبكي : عشان كذبت عليك و قولتلك اني بحب را.....
حينها ربع يده بسرعه و وضعها علي شفتيها قائلاً بصوت اجش : ششششش اسكتي انا عارف انك كدبتي عليا
شهقت باكيه بقوه فجذبها كريم الي صدره و هو يضمها اليه بحنان فلم تستطيع التوقف عن البكاء حتي هدهدها كريم برقه قائلاً : خلاص بئي بطلي عياط
أومأت برأسها موافقه و هي تمسح دموعها كالأطفال فلف كريم اصبعه علي خصلات شعرها برقه فأبتسمت اسيل بخجل و هي تتاحشي النظر اليه فهمس كريم و هو يتأمل شعرها الرائع : بحبه اوي
ردت بأستغراب : هو مين؟
همس برفق : شعرك
اتسعت ابتسامتها لكنها قفزت واقفه بسرعه ما ان استمعت باب الغرفه يفتح بقوه و بدون استأذان فاستدارت اليه بسرعه وجدت حازم الصغير ينطلق راكضاً نحو كريم قافزاً عليه فتأوه كريم بشده لكنه ضحك حين اخذ يقبله حازم عدة قبلات سريعه في جميع انحاء وجهه و هو يهتف بسعاده : كيمو حبيبي اخيراً صحيت
ضحك كريم قائلاً و هو يجلسه بجانبه لأنه يؤلمه : اه يا عم اخيراً صحيت ....شوفت انا بنام كتير ازاي
ثم نظر الي اسيل خلسه فرأها تحبس دموعها قسراً لكنها فضحتها و ألتمعت في عينيها بوضوح فنظر لحازم مره اخري الذي لم يهدأ لأن هذه طبيعة الاطفال ثم ضحك و هو يدغده بيده السليمه قائلاً بسعاده : وحشتني يا قرد انت
تعلق حازم برقبته و هو يهتف بسعاده : و انت كمان وحشتني اوي
ضحك كريم حينها دلفت والدة حازم و والده فأعتدل كريم جالساً ما إن رأهم يدلفوا و خلفهم العائله بأكملها فأفترب منه والد حازم قائلاً برفق : حمد الله علي سلامتك
رد كريم بأبتسامه رسميه هادئه : الله يسلمك
فقالت دينا والدة حازم : حمد الله علي سلامتك يا استاذ كريم
كاد ان يرد كريم لكن سبقه حازم و هو يصيح بنبره رنانه مزعجه : مسموش استاذ كريم اسمه كيمو يا مامي
ضحكت والدته ثم اقتربت من و حملته عن كريم قائلاً : ابعد عنه بس عشان هو تعبان
ثم اخذته و عادت و جلست علي الائريكه بين الجميع و بعد فتره من الكلام و الضحك غادرت عائلة حازم و في هذا الوقت كان كريم مثبتاً عينيه علي اسيل الذي تجلس بجانب والده علي الائريكه مطرقة الرأس و تضع كلتا يدها علي ركبتيها و لم ترفعها ابداً و كأنها تعلم ان لو رفعتها فسوف تنصدم بعينيه .......تعرف انه مثبت بصره عليها لذلك ظلت مخفضه رأسها للأسفل فأعتدل كريم جالساً و هو ينزل ساقيه من علي الفراش ثم نادي علي مازن قائلاً : مازن تعالي
نهض مازن بسرعه و ركض نحوه حينها رفعت اسيل رأسها و نظرت اليهم فوجدت كريم ينهض و هو يستند علي مازن فنهضت هي الاخري بسرعه و ركضت نحوهم و قامت بأسناد كريم بدون تردد و هي ترفع رأسها اليه قائله بقلق : انت رايح فين ...عايز حاجه ؟
ضحك كريم قائلاً : اه هدخل الحمام
توردت وجنتيها حرجاً فقال لها مازن برفق ليرفع عنها الحرج الذي تسبب له فيها الاحمق اخيه : اقعدي انتي يا اسيل انا هسنده
أومأت برأسها موافقه و هي تتراجع للخلف بحرج تحت انظار كريم الضاحكه حتي جلست علي فراشه فأسنده مازن حتي دلف داخل المرحاض الملحق بالغرفه فحل صمت شديد علي الجميع لكنه انشق بصوت سهيله و هي تنهض من جانب امها و تقول بعد ان لكزتها امها في ذراعيه لتتكلم فقالت : اسيل
التفتت اسيل اليها علي مضض و هي لا تريد التكلم معها حقاً فبعد ما حدث و اتهامها الباطل لها جعلت منها شخصيه انانيه لا تفكر الي في اخيها فقط فهتفت سهيله و هي تجلس بجانبها و تضع يدها علي كتفها و تقول برفق : انا اسفه يا اسيل .....متزعليش مني انا مكنتش مركزه انا بقول ايه
اطرقت اسيل رأسها للأسفل تحت نظرات الجميع المترقبه
كانت بداخلها تتمسك بأي شئ قوي يمنع بكاؤها اللعين لقد اصبحت في الأونه الاخيره من اقل شئ تبكي بهشاشه و ضعف لكن هذه المره لن تبكي بل قامت برفع ذقنها للأعلي لسهيله و لم ترد عليها فأحتضنتها سهيله قائله بصدق : انا اسفه والله .....مكنتش في وعيي ساعتها صدقيني ......و بعدين كريم ده اخويا
حينها ادمعت عين اسيل و هي تنظر اليها بعتاب بعد ان ابتعدت عن حضنها : و عشان كريم اخوكي تتهميني بأني انا اللي حاولت اموته
ربتت سهيله علي وجهها بحنان و هي تقول بأسف : حقك عليا .....انا اسفه بجد
أغمضت اسيل عينيها بحزن لكنها في الاخير اومأت برأسها ببساطه فربتت سهيله علي ظهرها بحنان و هي تبتسم لها برقه تحت نظرات الجميع المبتسمه بحزن
حينها فتح مازن باب المرحاض و خرج و هو يسند كريم فهبوا الفتاتين واقفين فضيق كريم عينيه بأستغراب و هو يتفحص وجه اسيل و شعر انها كادت ان تبكي لكنها استدارت عنه بسرعه و عادت جالسه مكانها فأبتعدت عن عينيه الذي تترصدها بدون رحمه و جلست بجانب ابيه الذي ما إن جلست بجانبه لف ذراعيه حول كتفها و ضمها الي صدره بحنان ابوي فأبتسمت له اسيل برقه لكن عينيها وقعت علي كريم الذي تصلبت ملامحه بشكل مخيف فعقدت حاجبيها بأستغراب و هي تنظر له بتساؤل قلق فرأت في عينيه تحذير قوي و حنق شديد لا تعرف مصدرهما كان الجميع يتكلمون و هم صامتون تماما ينظرون لأعين بعضهم فقط و كأنهم يتكلمون بلغة البصر
حتي دلف الطبيب متنحنحاً بخشونه فألتفت اليه الجميع اما هو فاتجه نحو كريم و سأله قائلاً بهدوء : عامل ايه النهارده يا حضرة الظابط
ابتسم كريم بهدوء قائلاً : الحمد الله تمام
سأله الطبيب مجدداً : حاسس بحاجه
اومأ كريم برأسه قائلاً بألم طفيف و هو يضع يده علي صدره : اه حاسس بشد جامد اوي هنا و مش قادر احرك دراعي
اومأ الطبيب برأسه قائلاً : ده طبيعي ده مكان الجرح مش اكتر
سأله كريم بأستغراب : مش الجرح في ضهري
اومأ الطبيب برأسه قائلاً : ايوه بس الرصاصه دخلت و خرجت من الناحيه التانيه ......انت انكتبلك عُمر جديد يا استاذ كريم
تنهد كريم براحه لأنها قد اخترقت جسده هو بدلاً منها هتف الطبيب بجديه : اهم حاجه متتحركش كتير عشان الجرح ميفتحش .....و لو احتجت اي حاجه الممرضات موجدين
و اثناء كلام الطبيب كانت اسيل تقترب منهم حتي وقفت بجانب فراش كريم لكن ما إن اخبره الطبيب ان يطلب الممرضات ليساعدوه هتفت ببرود و أبتسامه مستفزه : لا انا جمبه و هساعده في كل حاجه
أبتسم كريم بذهول فنظرت اليه بتحذير هاتفه : صح يا كريم
اخفض وجهه و هو يضحك لكنه قال بأدب : صح طبعاً
فأبتسم الطبيب بيأس و رحل فنهض الجميع خلفه و مالك يقول : احنا هنمشي يا كريم دلوقتي عايز حاجه يا حبيبي
رد كريم بهدوء : لا يا بابا شكرا ربنا يخليك
اومأ مالك برأسه موافقاً و خرج و الجميع خلفه و بقت اسيل بمفردها معه

اسيلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن