34..عتاب..و تحذير

3.1K 61 9
                                    

ابتسم إيلكر و رد و هو يتأمل يخت صديقه" منزل جميل صراحة..ألم تجد بيتا تشتريه؟ أإلى هذه الدرجة لا تشعر بالإنتماء الى الأرض؟" قال ياغيز بسخرية" اوف..ما هذا الكلام الكبير و المعقد الذي تقوله؟ ..ليس الى هذه الدرجة..كل ما في الأمر أن المنازل تخنقني و تطبق على صدري اما اليخت فيشعرني بالاستقلالية و الراحة..كم تحب تعقيد الأمور يا هذا" هز إيلكر يديه باستسلام و رد" لا تغضب..كل ما في الأمر أنني اعرفك جيدا..تحب البحر أكثر من اليابسة..تحب الحرية و الانعتاق..تكون على استعداد دائم للرحيل الى حيث تجد سلامك الداخلي" اشار اليه ياغيز بالجلوس و هو يقول" اجلس ايها الفيلسوف..و خذ هذا الكأس كاستفتاح لهذا الحديث العميق" اخذ إيلكر الكأس من يده و ارتشف منه رشفة ثم نظر حوله و سأل" هل حقا تشعر بالراحة هنا؟ في هذا المكان المهزوز و غير الثابت؟ هل انت مرتاح للتواجد وسط هذا الكم الهائل من اليخوت و المراكب؟ ألا يزعجك الشباب بضجيجهم و سهراتهم الصاخبة على متن يخوتهم؟" ابتسم ياغيز و قد استعاد في ذهنه ذلك اليوم الذي قبّل فيه هزان للمرة الأولى بعد أن كان ذاهبا اليها لكي يطلب منها أن تحترم وجوده على اليخت المجاور و أن تخفض صوت الموسيقى..لمح إيلكر ظلال السعادة تلوح على وجهه فسأل من جديد" مالأمر؟ هل للأمر علاقة بتلك الطالبة التي رأيتها معك اليوم؟ هل تملك أحد اليخوت المجاورة؟" اجاب ياغيز و هو يأخذ رشفة من كأسه" نعم..هذا اليخت الجميل الذي كتب عليه اسم فراشة هو لها..تأتي اليه أحيانا و تقضي فيه بعض الوقت" قطب إيلكر جبينه و صمت قليلا ثم سأل دون مقدمات" هل أنت معجب بها؟" نظر اليه ياغيز و دون تردد أجاب" بل أنا أحبها..أعشقها..كما لم يسبق لي أن فعلت..ما أكنّه لها من مشاعر أقوى بكثير مما تظن" ابتسم صديقه بسخرية و سأل" و إيلا؟ خطيبتك؟ هل تتذكرها؟ هل يليق بك أن تفعل بها هذا؟ هل يجوز أن تؤذيها بهذه الطريقة؟ لا أكاد أعرفك يا أخي..لم أعهدك رجلا مستهترا و مراهقا هكذا..لم أتعود أن أراك لا مباليا بإلتزاماتك هكذا..و من أجل من؟ من أجل طالبة تصغرك بسنين..هل تستحق هذه الفتاة أن تترك إيلا لأجلها؟" وضع ياغيز كأسه على الطاولة و وقف و اتكأ على الحاجز الحديدي لليخت و هو يقول" لا علاقة لإيلا بما أقوله لك..مشاعري تجاه هزان سرقتني من نفسي و هزمتني..لم أستطع مقاومتها..و وجدت نفسي انجرف خلف قلبي و خلف ما أشعر به من مشاعر قوية..علاقتي بإيلا لم تعد كما كانت في السابق..لقد تغيرت الكثير من الأمور بيننا..صار تواجدي بجانبها بدافع الالتزام و العشرة الطيبة..لا أكثر و لا أقل..لم أعد أرى فيها المرأة المناسبة لكي أواصل حياتي معها..و أعتقد بأنها تحس بذات الشيء..بيننا مسافة لا نستطيع تلافيها..نهرب من نظرات احدنا الآخر و نتفادى طرح أسئلة ستكون الاجابة عليها جارحة و موجعة..لكنني لن أتأخر في فسخ خطبتي معها و في انهاء علاقتنا..لأنني لست رجلا مستهترا و بلا اخلاق كما وصفتني منذ قليل سيد إيلكر" وقف صديقه بجانبه و وضع يده على كتفه و هو يقول" آسف يا أخي..لم أقصد هذا..لكنني مستغرب منك بصراحة..أين ذهب حبك لإيلا التي تركت وظيفة خيالية في مصر لأجلها؟ ألم تعد الى هنا لكي لا تخسرها؟ ألم ترض بوظيفة الدكتور المحاظر و التي لا ترتقي الى طموحاتك فقط لكي لا تبتعد عنها؟ لا أكاد اصدق بأن هذا الحب الكبير ذهب و انتهى بهذه السرعة و بهذه البساطة..هذا ما يعجز عقلي عن استيعابه" التفت اليه ياغيز و رد و هو يضع يده على قلبه" إسأل هذا.. هذا الذي ينبض هنا بإسم هزان..هذا الذي صار يخفق لأجلها و من اجل حبها..أتعتقد بأنه كان سهلا علي أن أعترف لنفسي بهذا؟ أتظن بأنني لم أقاوم هذه المشاعر و لم أهرب منها؟ أتتخيل بأنني لم أحاول أن أهرب منها و من مشاعري ناحيتها؟ بلى..لقد فعلت..و حاولت..لكن دون جدوى..انهزمت أمامها دون أن أشعر..و نجحت في اختراق حصوني و في اخضاعي لحبها..ستة أشهر مرت منذ اليوم الأول الذي رأيتها فيه للمرة الأولى..في المدرج..مع الطلبة..حاولت التمسك بإيلا قدر الامكان..حاولت أن ألجأ اليها لكي أنجح في الهرب من هزان..لكن ..كنت دائما اشعر بأن إيلا قد أطلقت يدي و دفعتني نحو هزان دفعا..لسبب لا أعلمه..كنت أشعر بأنها تتخبط مثلي لكي تحافظ على حبنا..لكن..دون جدوى..فلا تلمني يا أخي..هذا ما حدث ببساطة" ثم عاد للجلوس و هو يقول" تعالى لنتناول عشاءنا و نواصل حديثنا" ..راح الصديقان يأكلان و قد خيّم صمت رهيب عليهما..قطعه إيلكر بعد لحظات بسؤاله" ياغيز..هل لي أن أعرف كيف ابتدأت علاقتك بهزان؟ هل أنت من انتبه اليها و ركض خلفها؟ أم هي من فعلت ذلك اولا؟" ابتسم ياغيز و راح يتذكر حركات الاغراء و التصرفات الجريئة التي كانت تفعلها هزان في البداية لكي تلفت انتباهه..أجاب بعد وقت" سأكون صريحا معك لأنني لم أتعود أن اكذب عليك..في الحقيقة..هزان هي من سعت الى لفت انتباهي و التأثير فيّ..كانت تتعمد أن تقترب مني أو ان تلمس يدي لكي تؤثر في..و مع مرور الوقت صرت.." قاطعه إيلكر بعصبية" ياغيز..احذر من هذه الفتاة..انها صغيرة في السن..و يبدو بأنها مدلّلة و الا ما كانت ستملك يختا بهذه المواصفات..هذا النوع من الفتيات خطير و مستهتر..تفعل كل شيء للحصول على ما تريده..أخشى أن تكون الحكاية مجرّد لعبة بالنسبة اليها..لعلها تريد أن تثبت نفسها لرفيقاتها بأنها قادرة على الايقاع بأستاذها الصعب المراس..أخشى ما اخشاه يا أخي أن تكون مشاعرها تجاهك لا تشبه مشاعرك تجاهها" ابتلع ياغيز اللقمة التي وضعها في فمه بصعوبة و بدا عليه الانزعاج من كلام صديقه لكنه سارع الى طرد الفكرة من رأسه و هو يقول" لا..أنت لا تعرف هزان..هي ليست من هذا النوع من الفتيات..انها تحبني..أنا واثق من ذلك"

الجريئةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن