أنهى ياغيز و صديقه عشاءهما و استأذن إيلكر في الانصراف بعد أن احتسى كأسا واحدا فقط من مشروبه..وقفا معا على الرصيف فقال إيلكر" ياغيز..أخي..فكّر مليّا في الكلام الذي قلته لك..تعلم جيدا أنني اعتبرك اخا لي و لا أريد لك أن تتألم أو أن تندم على قرار اتخذته على عجل و دون تفكير..قد لا يوافق كلامي هواك الآن..لكنك اذا هدأت و وزنت الأمور بعقلك لا بقلبك ستجد أنني على حق" عانقه ياغيز و هو يقول" حسنا يا أخي..انتبه لنفسك..و سنتحدث لاحقا" امتطى إيلكر سيارته و انطلق بها أما ياغيز فبقي واقفا للحظات قبل أن يعود الى يخته لكي يجمع الأطباق و ينظفها..كان يقف في المطبخ عندما سمع صوت ضحكات عالية تنطلق من مكان قريب..اطل برأسه من النافذة فرأى صرب يحمل هزان بين ذراعيه و يهدد برميها في الماء..تابع ما يجري بعيون اشتعلت غيرة و ضغط دون أن يدري على الكأس الذي كان يغسله فتحطم الى قطع صغيرة
و انجرحت يده..سالت دماءه في حوض الغسيل لكنه لم ينتبه اليها و لم يأبه بها..عادت كلمات إيلكر ترنّ في أذنيه من جديد..هزان فتاة شابة و يافعة..جميلة..مدلّلة..و مستهترة..تعيش حياتها بالشكل الذي تريده..تسمح لمن تريد بالاقتراب منها و تصدّ البقية..أتراها تلعب معه و به؟ أتراها تعتبره مجرّد تحدّي كسبته و انتهى الأمر؟ أتراها تراهن رفيقاتها على الايقاع به و جعله يتعلق بها؟ و هذا صرب؟ ما علاقتها به؟ هل هو حقا مجرّد صديق طفولة أو هو اكثر من ذلك بالنسبة إليها؟..أغمض ياغيز عيونه بشدّة و هو يحاول طرد هذه الأفكار السيئة من رأسه..هزان تحبّه..و هو يعي هذا جيدا..و قلبه لن يخدعه و لن يكذب عليه..فتح الحنفية و راح ينظف الجرح الغائر في يده ثم ذهب الى غرفته و بحث عن علاج و ضمادة لكي يعالجه..
على يختها..جلست هزان قبالة بتول و راحتا تراجعان معا استعدادا للإمتحان فيما بقي صرب واقفا يراقبهما..لم يستطع أن ينكر بأن هزان متفوقة جدا في دراستها و بأنها جاهزة ذهنيا لأي امتحان و بأنها ستجتازه بنجاح..من الجيد أن تعلقها بياغيز لم يشغلها عن دروسها و لم يشتت تركيزها..بل على العكس..بدا له و كأن لديها طاقة اضافيه تزيد من جهوزيتها و استعدادها..رن هاتفه فجأة فأجاب و تكلم لبعض الوقت قبل أن يستأذن في الانصراف لأمر عاجل طرأ له..نظرت هزان الى بتول التي كانت تفتح عيونها بصعوبة و قالت" سأعد القهوة لكي تساعدك على التركيز..مازال الليل في اوله أيتها النعسانة..و سأحضر كعكة الشوكولاطة لكي نأكل منها..لا تنامي" وضعت بتول رأسها على الطاولة و اغمضت عيونها فانفجرت هزان ضاحكة و نزلت الى المطبخ..أعدت القهوة و حملت الكعكة الى الأعلى فوجدت رفيقتها تغط في نوم عميق..رفعت هزان عيونها نحو اليخت المجاور فرأت ياغيز جالسا و في يده كأس من المشروب..كان يبدو حزينا و مهموما..لم تحتمل رؤيته على تلك الحال فقطعت قطعة من الكعكة و أخذتها اليه..شعر هو بوقع خطوات على اليخت فنظر ليراها تقف أمامه..قالت بخجل" مساء الخير أستاذ..اعذرني على تطفلي..لكنني رأيتك جالسا. لوحدك فأحضرت لك هذه" لم يجبها و بقي ينظر اليها في صمت..لاحظت هي الضمادة الملفوفة على يده فجثت امامه و امسكت يده و هي تسأل بلهفة" مالذي أصاب يدك؟ هل جرحتها؟" أجاب ببرود" نعم..جرحتها و عالجتها..شكرا لسؤالك" استغربت هزان نبرته الجافة فسألت من جديد" هل أنت بخير؟" رمقها بنظرة حادة و رد بعصبية" و فيم يعنيك الأمر؟ اذهبي و واصلي مرحك مع رفاقك الذين من عمرك" وقفت هزان و راحت تزدرد ريقها بصعوبة ثم قالت" آسفة..لم أكن اعلم بأن مجيئي الى هنا سيزعجك..تصبح على خير أستاذ" و همت بالابتعاد لكنه أمسكها من ذراعها و سحبها معه الى الغرفة السفلية..سألت بقلق" ياغيز..مالأمر؟ لماذا تعاملني هكذا؟ مالخطأ الذي ارتكبته؟" نظر اليها و سأل و هو يجز على أسنانه" هزان..أجيبيني بصراحة..من يكون هذا صرب؟ ما صفته بالنسبة اليك؟ هل تحبينه؟" قطبت هزان جبينها و ردت بصوت مرتعش" هل تسمع ما تقوله؟ كيف أحبّه و أنا أحبّ غيره؟ صرب صديق مقرب و رفيق الطفولة لا اكثر و لا أقل" اقترب منها و أنشب اصابعه في ذراعيها و هو يسأل من جديد" و كيف تسمحين له بأن يلمسك و يمازحك بتلك الطريقة المستفزة؟ ألا تعلمين بأنه قد يتمادى معك ان لم تضعي له حدّا..أو ربما..يعجبك هذا..و تستمتعين بأن تكوني محط انظار الجميع؟ قولي..أجيبي" حملقت فيه هزان بعيون دامعة و قالت بصوت مخنوق" لا أفهم ما تعنيه..أخبرتك سابقا..صرب مجرد صديق..و تعود على ممازحتي بتلك الطريقة..ان كان الأمر يزعجك الى هذه الدرجة فسأضع له حدّا و لن أسمح له بلمسي مرة أخرى" قال و هو يجذبها نحوه" هذا جيد..لأنني سأحطم وجهه ان رأيته يفعل هذا مرة اخرى..لا يحق له أن يلمسك..أنت لي أنا..و أنا الوحيد الذي يحق له أن يلمسك" سالت دمعة على خد هزان فمسحها بإصبعه و همس بحنان" آسف هزان لأنني أخفتك هكذا..لم اقصد ذلك..لكنك لا تعرفين ما أشعر به عندما أراه بقربك..أجنّ من الغيرة عليك..لقد تحطم الكأس في يدي و أنا أراه يحملك و يلامسك..انجرحت يدي و لم أشعر بها..لأن النار التي كانت تشتعل في صدري و بين جنبيّ كانت كفيلة بجعلي انسى كل شيء دونها" وضع يديه على خصرها و قربها منه أكثر و هو يضع جبينه على جبينها و يداعب خدها بحنانثم همس بصوت مبحوح" أحبّك هزان..أحبّك حبّا يهزم إرادتي و يتفوّق على عقلي..أحبّك حبّا لا مثيل له..و لم يسبق لي أن شعرت به من قبل..أحبّك و أتمنى ألاّ تخذليني و لا تكسري قلبي..لأنني لن أكون قادرا على تحمّل هذا منك" رفعت هزان عيونها نحوه و تمتمت بصوت خافت" و أنا أحبّك ياغيز..و أعدك بأنني لن أخذلك و لن أتخلّى عنك مهما كلّفني ذلك..أنت الرجل الوحيد الذي يعنيني و يهمّني..و عيوني لا ترى سواك..أحبّك جدّا ياغيز..لم أحبّ رجلا قبلك و واثقة بأنني لن أحبّ بعدك" ابتسم ياغيز بسعادة قبل أن يهوى على فمها بقبلاته المجنونة التي جعلت أنفاسها تذهب سدى
أنت تقرأ
الجريئة
Romanceهناك خيط رفيع بين الجرأة و الوقاحة..بين التحلي بشيء من الإندفاع و الجسارة للحصول على ما نريده..و بين الضرب بكل القيم و المبادئ و الالتزامات عرض الحائط لمجرد ارضاء غرور أو اثبات شيء ما..و قد تتداخل الأمور أحيانا لكي تتشابه الجرأة و الوقاحة من أجل تحق...