بعد بعض الوقت..إنظم إليهم إيلكر و رحّب بهم فجذبه ياغيز الى زاوية بعيدة و قال و هو يجز على أسنانه" كنت تعلم..أليس كذلك؟ ..كنت تعلم بأنها موجودة مع الوفد؟ و لم تخبرني؟ كيف تفعل هذا؟ كيف؟" تمتم إيلكر بصوت خافت"ياغيز..أخي..إهدأ لو سمحت..نعم..لقد علمت..و احترت بصراحة بين اخبارك و اخفاء ذلك عنك..و في النهاية..قررت أن أترك لقاءكما تلقائيا..هل ازعجك أن تلتقيها هنا؟" تأفف ياغيز بضيق و راح يمرر اصابعه خلال خصلات شعره بعصبية ثم رد بصوت متلعثم" انا..لقد..رؤيتها..أربكتني..لم اتوقع..أن أراها..هنا..امامي..لقد..تغيرت..كثيرا..حتى شعرها الطويل..لقد قصّته..و تلك الابتسامة الشقيّة التي كانت ترتسم على وجهها..اختفت..لقد..صارت..جادّة اكثر..و صارمة..و باردة..أوف..ليتك أخبرتني..لكنت تجنبت هذا اللقاء..لقاء لم يكن في الحسبان..كنت مرتاحا قبل أن أراها" وضع إيلكر يده على كتف صديقه و قال" اهدأ يا أخي..لا داعي لكل هذا الارتباك الذي أنت فيه..ألم ينتهي ما بينكما منذ ثلاث سنوات؟ ألم تقرر بنفسك أن تنسى كل ما يتعلق بها و أن تؤسس لحياة جديدة هنا؟ هي لن تبقى هنا..أيام أو أسابيع بالأكثر و ستذهب من هنا..تجاهلها..و لا تتحدث معها إلا عند الضرورة..و أتعلم شيئا ما..هذا التغيير الذي ألمّ بها سيخدم مصلحتك..لا هي ستقترب منها..و لا أنت ستنزعج من وجودها..اهدأ يا أخي و لا تزعج نفسك أكثر من ذلك..هيا لنعد الى عملنا" التفت ياغيز الى حيث كانت تقف هزان ثم قال" سأذهب الى الخارج لكي أدخن سيجارة..اهتم أنت بهم" و أسرع الى الخارج..وقفت بتول بجانب هزان و سألت بفضولها المعتاد" رأيتكما تتحدثان..ماذا قال لك؟" رمقتها هزان بنظرة حادة و ردت بعصبية" بتول..نحن هنا لكي نعمل فقط..اهتمي بالتقاط الصور و تسجيل المعلومات الضرورية..هيا" قالت بتول" سؤال أخير..من هذا الذي كان يقف معه؟" أجابت" انه صديقه إيلكر..صديقه المقرب و بمثابة اخيه..هل انتهت أسئلتك يا فضولية؟" ابتعدت عنها بتول و راحت تفعل ما طلبته منها..اقترب منها إيلكر و مد يده نحوها و هو يقول" مرحبا..أنا إيلكر دوغلو..مسؤول العلاقات العامة بإدارة الآثار" صافحته بتول قائلة" و أنا بتول سيفنش..مؤرخة و كاتبة..و صديقة هزان المقربة" ابتسم و رد" تشرفت بمعرفتك..و أنا صديق ياغيز المقرب" اجابت" سررت بمعرفتك سيد إيلكر..تواجد أتراك هنا جعلني أشعر بأننا في بلدنا..من الجيد أننا التقينا" رمقها إيلكر بنظرات اعجاب و قال" نحن هنا من أجل مساعدتكم و تسهيل عملكم..لا تترددي في طلب اي شيء تريدينه او تحتاجينه" صافحته بتول من جديد و هي. تقول" سأفعل..شكرا لك" تحرك إيلكر مبتعدا عنها و هو بالكاد يبعد عيونه عنها..اصطدم بياغيز الذي عاد لتوه من الخارج فسأله بعصبية" هاي..ما بك؟ الام تنظر يا هذا؟" ابتسم إيلكر و أجاب" بتول..صديقة هزان..انها فتاة لطيفة و جميلة..لم أستطع ابعاد عيوني عنها" علّق ياغيز ساخرا" يا حبيبي..كنا في واحد صرنا إثنين..اذهب و اهتم بعملك..هيا" مرّت هزان من أمامهما دون أن تنظر اليهما و بقيت تتباحث حول العينات مع الثنائي السويسري المرافق لها روجر و زوجته ليندا..تأفف ياغيز بضيق من جديد ثم اقترب من بتول و قال" كيف حال طالبتي المجتهدة؟ هل أنت بخير؟" احمر وجه بتول خجلا و أجابت بنبرة مرتعشة" شكرا لك أستاذ..أنا بخير..و أنتم؟" ابتسم ياغيز و رد" لا داعي للرسمية بيننا..أشكر لك هذه الطريقة المحترمة للتعامل معي..ليس مثل بعض الناس الذين نسوا علاقة الأستاذ و الطالب التي كانت بيننا يوما ما..المهم..كيف مرّت عليكم الثلاث سنوات الماضية؟ هل فعلتم شيئا في حياتكم الخاصة؟ هل ارتبطتم أم خطبتم أو أي شيء من هذا القبيل؟ اعذري فضولي لكنني رأيت بعيني اجتهادكم و نجاحكم على المستوى العملي و الدراسي..و أريد أن أطمئن عنكم على المستوى الشخصي" ردت بتول" لا يخلو الأمر من بعض العلاقات العابرة هنا و هناك..أو من اعجاب من طرف واحد..أو من تجارب فاشلة..لكننا لم نرتبط بشكل رسمي..اطمئن أستاذ" هز ياغيز كتفيه بلا مبالاة مصطنعة و قال" لا علاقة لي بالأمر..كنت أسأل بدافع الفضول فقط" لم تستطع بتول أن تتناسى فضولها و هي تسأل" و أنت أستاذ؟ هل ارتبطت بإحداهن بعد الآنسة إيلا؟" قطب ياغيز جبينه و رد" مثلما قلت انت..لا يخلو الأمر من بعض العلاقات العابرة..لكنها لم تكن علاقات مؤثرة أو من تلك التي تترك اثرا لا ينسى..على العموم..اسعدني الحديث معك كثيرا..و أتمنى أن يتكرر ذلك من جديد" ابتسمت بتول و أجابت" و أنا ايضا" لكنها سرعان ما عبست عندما لاحظت النظرات الحادة التي رمقتها بها هزان و كأنها تأمرها دون كلام بمواصلة عملها و التوقف عن الثرثرة الفارغة..

أنت تقرأ
الجريئة
Romanceهناك خيط رفيع بين الجرأة و الوقاحة..بين التحلي بشيء من الإندفاع و الجسارة للحصول على ما نريده..و بين الضرب بكل القيم و المبادئ و الالتزامات عرض الحائط لمجرد ارضاء غرور أو اثبات شيء ما..و قد تتداخل الأمور أحيانا لكي تتشابه الجرأة و الوقاحة من أجل تحق...