31..أنا و أنت فقط

3.1K 59 4
                                    

في مكتبه..جلس ياغيز قبالة صديقه إيلكر الذي ارتشف رشفة من قهوته و قال" اممم..لذيذة جدا..أتعلم يا أخي..لقد اشتقت الى كل شيء هنا..الشوارع و الناس و المأكولات و كل شيء..الغربة قاسية يا صديقي..و متعبة..ليتك بقيت معي هناك..لكان كل شيء أجمل بكثير" ربت ياغيز على كتفه و رد" اعذرني يا أخي..لقد كنت أنانيا جدا حين تركتك و عدت..لكن..أنت تعلم..لم أستطع أن أترك إيلا..حياتي عندئذ لم يكن لها معنى من دونها" رفع إيلكر حاجبه استغرابا و سأل" عندئذ؟ و مالذي تغير الآن؟ لماذا تتحدث عنها بصيغة الماضي؟ هل انفصلتما؟" صمت ياغيز قليلا قبل أن يجيب" ليس بعد..لكننا على وشك الانفصال..لقد تغيرت الكثير من الأمور..حتى أنا لم أعد أنا" قطب إيلكر جبينه و تمتم" مع أنني لم أفهم شيئا..الا أنني لن أسأل الكثير الآن لأن هذا ليس الوقت المناسب..سنجلس في المساء مطولا و نتحدث..أليس كذلك؟" ابتسم ياغيز و قال" بكل تأكيد..و هل لي أن أفوت فرصة احتساء كأس معك و مكاشفتك بكل ما يدور في رأسي..من الجيد أنك أتيت يا أخي..كنت في أمس الحاجة اليك" ابتسم ايلكر و رد" و ها أنا ذا !" نظر ياغيز الى ساعته أكثر من مرة خلال حديثهما فقال إيلكر" ماهذا؟ هل مللت مني بهذه السرعة؟ أعلم بأن لديك درسا بعد قليل..لكنها المرة الأولى التي أراك متحمسا هكذا..و كأنك ذاهب للقاء حبيبتك" ابتسم ياغيز بسعادة و قال و هو يغمزه بخفة" قد يكون الأمر كذلك..لم لا؟" أخذ ياغيز يجمع أشياءه استعدادا للخروج فوقف صديقه أمامه و قال" ياغيز..أنت تعلم بأنك أخي..و بأنني أحبك بصدق..لكن ما تقوله خطير..أن تتورط في علاقة مع طالبتك فهذا يعني تهديدا لمسيرتك المهنية و لمصداقيتك في عيون الادارة و الأولياء..قد تعيش مغامرة عابرة..لكن..احرص على ألا تضع نفسك في موقف محرج..ثم..لازلت أعتقد بأن إيلا هي الشخص المناسب لك..تعرفان بعضكما جيدا..متقاربان من حيث العمر و الصفات..تحبان بعضكما كثيرا..و هذا الأهم" نظر اليه ياغيز و بكل ثقة قال" إيلكر..أعلم هذا جيدا..لكن صدقني..ما أعيشه الآن مختلف جدا..و أقوى بكثير مما كنت أشعر به سابقا..كما قلت أنت سابقا..ليس هذا الوقت المناسب لحديث كهذا..سنلتقي على اليخت في المساء و نتحدث مطولا..هل ستنتظرني هنا أم ستذهب الى مكان آخر؟" تنهد إيلكر بعمق و رد" سأذهب الى المكان الذي يرقد فيه أحبتي..الى المقبرة..سأزور قبر والديّ..ثم سأتفقد منزل العائلة..أنت تعلم ..يلزمه تنظيف و .." ربت ياغيز على كتفه و قاطعه قائلا" اذهب و سترى بأن شيئا لم يتغير هناك..لقد حرصت على ارسال الخالة أمينة الى هناك مرة كل أسبوع لكي تنظف..سيكون المنزل جاهزا لكي تقيم فيه..نلتقي على اليخت في المساء..الى اللقاء" و عانقه بشدة قبل أن يفتح باب مكتبه و يخرج..أمام القاعة..تأففت بتول بضيق و قالت" و أنا التي كنت اظن بأنك ستخبرينني بما يحدث معك..قضيت ساعة كاملة و أنت شاردة و صامتة..يبدو بأنني لم أعد بيت أسرارك و لا صديقتك المقربة..منذ متى كنت تخفين عني ما يحدث معك؟" ابتسمت هزان و ردت" لا تقلقي عزيزتي..ستعرفين كل شيء في وقته..و ستفاجئين بما سأرويه لك..لأنه فعلا لا يُصدّق" همت بتول بالاحتجاج لكنها صمتت فور رؤيتها لياغيز يقترب منهم..دخل الطلبة و دخل هو على اثرهم..ارتسمت السعادة جليّة على ملامحه و هو يرى هزان تجلس أمامه مباشرة..أما هي فنظرت اليه بخجل و حاولت أن تركز في كل كلمة يقولها طوال الدرس..حاول هو أن يوزع اهتمامه بين جميع طلبته لكي لا يلفت الانتباه اليهما..لكنه لم يكن ينجح أحيانا في ابعاد عيونه عنها..انتهى الدرس فقال" من يريد أن نتناقش معا في موضوع مشروع تخرجه يستطيع القدوم الى مكتبي..أنا هنا لبقية اليوم..و أنا جاهز لمساعدتكم كما سبق و أخبرتكم..بإمكانكم الخروج..يوما طيبا للجميع" خرج الطلبة فنظرت هزان الى بتول و قالت" انتظريني في الكافيتيريا..سأمرّ الى مكتب الأستاذ و ألحق بك" همست بتول" حرام عليك..ألن ترحميه من جنونك ؟" هزت هزان كتفها بلا مبالاة و ابتسمت ثم تحركت مبتعدة عنها..
في مكتبه..بقي ياغيز ينتظر صوت طرقات على الباب كان يعلم جيدا بأنها ستحصل..فهزان الذكية قد ادركت و لا شك بأنه يدعوها للقدوم اليه..كان يذرع الغرفة جيئة و ذهابا و يفرك أصابع يديه بتوتر و حماس من يقابل حبيبته للمرة الأولى..هنا يكمن الاختلاف فيما يشعر به الآن..اللهفة الدائمة و الحماس المتواصل..سمع اخيرا طرقات خفيفة على الباب فقال بصوت مرتعش حاول السيطرة عليه" تفضل" أطلت هزان برأسها فابتسم بسعادة و سارع يغلق الباب خلفها..قالت بصوت خافت" أستاذ..لقد أتيت لكي" قاطعها بأن وضع اصبعه على شفتيها و همس" شششش..لا تقولي شيئا..لا أستاذ و لا طالبة..أنا و أنت فقط..ياغيز و هزان..كنت واثقا بأنك ستأتين" و قبل أن ترد عليه كان قد سحبها بين ذراعيه لكي يعانقها بقوة و يدفن وجهه في رقبتها و يسحب رائحتها عميقا الى صدره

كنت واثقا بأنك ستأتين" و قبل أن ترد عليه كان قد سحبها بين ذراعيه لكي يعانقها بقوة و يدفن وجهه في رقبتها و يسحب رائحتها عميقا الى صدره

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
الجريئةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن