قبّل ياغيز هزان بلهفة عاشق مشتاق يريد أن يروي عطشه و يطفئ نيران قلبه..يحبّها..نعم..إنه يحبها..قلبه ينطق بهذا كلّما امتزجت شفاههما..هذه الدماء التي تغلي في عروقه و تبعث اللهيب في كل قطعة من جسده تؤكد هذا..عيونه المغمضة و التي تخزن كل لحظة و كل ثانية يقضيها معها تجزم بهذا..اندفاعه هذا نحوها..انجذابه اليها..رائحة جسمها التي تأسره..طعم قبلاتها الذي يذهب عقله..عجز عقله على الصمود أمام قلبه..كل هذا يجعله واثقا من مشاعره القوية التي يكنّها لها..أما هي فكانت تذوب بين يديه و تنصهر بفعل اقترابه منها فتصير جزءا من وجوده و قطعة ملازمة له لا غنى لها عنه..تتوحد فيه و تترابط معه برباط روحي لا انفصام له..قلبها يرقص سعادة بما سمعته منه و كأنه اعتراف أعاد لها الحياة و أعطى معنى لكل شيء..عقلها يستوعب الآن بأن ما بدأ كلعبة طفولية تحول الى مشاعر حقيقية و متبادلة بينهما..لم يكن ما تشعر به الآن هو مجرد فرح بإنتصارها و بتحقيقها لما طمحت له منذ البداية..بل على العكس..كان سعادة حقيقية بعثورها على الحب الحقيقي الذي لطالما بحثت عنه..انها تعشقه و لا تريد لهذه السعادة التي تعيشها أن تنتهي لأي سبب كان..لكن عقلها استيقظ فجأة و ذكّرها بأن هذا الرجل الذي يكاد يعترف لها بحبه مرتبط بإمرأة غيرها منذ زمن و لا تعي مالذي قد يصيب علاقتهما..ابتعدت عنه قليلا و حاولت السيطرة على انفاسها المتهدجة و هي تهمس" لكن..إيلا" نظر اليها نظرة عتاب و تمتم" إيلا قضيتي و أنا من سيحلّها..لا تقلقي..لست أنا من يتلاعب بمشاعر الآخرين أو يخدعهم..سأصارحها و أنهي الأمر..لا تقلقي" سمعا وقع أقدام تقترب من الباب فإبتعد أحدهما عن الآخر و هو يعيد ترتيب هيأته..طرقات على الباب ثم أطل شاب ثلاثيني برأسه و هو يقول" سيد ياغيز..كنت أعتقد بأنك اشتقت الي..لكن يبدو بأنك لم تفعل أبدا" ابتسم ياغيز بسعادة و علا البِشر وجهه و صاح بحماس" إيلكر..أهذا أنت؟ لقد اشتقت اليك كثيرا يا صديقي" اقترب إيلكر
من ياغيز و عانقه مطوّلا و هو يقول بعتب" لو أنك اشتقت الي فعلا لكنت اتصلت بي على الأقل..تركتني لوحدي في مصر و عدت..أنت خائن يا هذا" ربت ياغيز على كتف صديقه و رد" آسف حقا..معك حق..لم نتكلم منذ وقت طويل..لكنها المشاغل و مشاكل الحياة..أعدك بأننا سنعوض ذلك..لكن اخبرني أولا..كم ستبقى هنا؟" أجاب" شهران..أخذت اجازة مطولة..أرهقني العمل و أتعبني كثيرا..و اشتقت أيضا الى صديق خائن و بلا وفاء..لهذا أتيت" عانقه ياغيز من جديد..همت هزان بالانسحاب دون أن ينتبها اليها لكن ياغيز استوقفها قائلا" هزان..هذا صديقي المقرب إيلكر..درسنا معا علوم التاريخ و الآثار..و تخصص هو في التنقيب..إيلكر..هذه طالبتي المتميزة هزان" خجلت هزان و احمرت وجنتاها و هي تمد يدها لتصافح إيلكر الذي بدا مستغربا بعض الشيء..قالت" سررت بمعرفتك..عن إذنكما" تابعها ياغيز بعيونه فلكزه إيلكر و هو يقول" هاي..أين ذهبت؟ مالذي يحدث يا صديقي؟" تنهد ياغيز بعمق و رد و هو يجمع أشياءه" سأخبرك..تعالى لنذهب الى مكتبي..سأطلب لنا قهوة..هل تريد شيئا آخرا؟" رد" لا..شكرا" و خرجا من المدرج و اتجها مباشرة الى مكتب ياغيز..أما هزان فخرجت لتجد بتول بانتظارها..سألتها" مالأمر؟ لماذا تأخرت هكذا؟" همست" سأخبرك لاحقا..هيا لنذهب الى المكتبة"
أنت تقرأ
الجريئة
Romanceهناك خيط رفيع بين الجرأة و الوقاحة..بين التحلي بشيء من الإندفاع و الجسارة للحصول على ما نريده..و بين الضرب بكل القيم و المبادئ و الالتزامات عرض الحائط لمجرد ارضاء غرور أو اثبات شيء ما..و قد تتداخل الأمور أحيانا لكي تتشابه الجرأة و الوقاحة من أجل تحق...