اليوم..استيقظت هزان في شقتها الصغيرة التي اشترتها بعد أن قبضت اول راتب لها على رنين هاتفها..فتحت عيونها على مهل و اخذت الهاتف من على الطاولة ونظرت الى شاشته فرأت إسم برنار رئيس البعثة الأوروبية للتنقيب عن الآثار و دراسة مخلفات العصور القديمة..برنار شاب فرنسي في منتصف الثلاثينات من عمره
..تعرفت اليه للمرة الأولى عندما كانت في اسبانيا..التقته هناك عندما كان ينهي بحثه الخاص عن الآثار الإسلامية حول العالم..تناقشا مطولا في موضوع بحثه و اصبحا صديقين منذ ذلك الوقت..و هو الذي طرح اسمها لدى البعثة الاوروبية لكي تكون عضوا فيها..ردت" صباح الخير برنار..مالأمر؟" اجاب" صباح النور هزان..اتصلت لكي اخبرك بأن البعثة مسافرة الى مصر مساء اليوم..و نريدك أن تلتقينا هناك..لقد حجزت لك تذكرة الطائرة و ارسلتها لك عبر البريد الالكتروني" قطبت هزان جبينها و سألت" مصر؟ و لماذا؟ ما سبب هذه الرحلة؟" ابتسم برنار و رد" من اجل صديقاتك المومياوات..لا بد انك شاهدت حفل نقل المومياوات الملكية الى متحف الحضارة في القاهرة..لقد تم السماح لنا بالقيام بالأبحاث الدقيقة و المفصلة على تلك المخلوقات العجيبة..و نريدك معنا هناك" استوت هزان جالسة في سريرها و قالت بحماس" هذا رائع..انا جاهزة..و سأحضر صديقتي بتول معي" قال" كنت اعلم بأنك ستحضرينها معك..ارسلت لك تذكرتها أيضا..طائرتك على الساعة الثانية بعد الظهيرة..هيا..تجهزي جيدا..نلتقي هناك..لا تتأخري" و انهى المكالمة..غادرت هزان سريرها بحماس لا مثيل له..لطالما كانت تحلم برؤية المومياوات و تحليل ما تبقى من أجسادها المحنطة و فهم طريقة عيشها أكثر فأكثر..ستكون هذه فرصة رائعة لتحقيق حلمها و لزيارة بلد جميل كثيرا ما رغبت في زيارته..كانت هزان قد علمت عندما سافر ياغيز بأنه ذهب الى مصر..لكنها رجحت ان يكون قد انتقل من هناك بعد أن صادف ذات مرة ان رأت صورة له على حسابه على مواقع التواصل الاجتماعي و هو مع إيلكر في ماليزيا..كانت تعلم جيدا بأنه لا يطيق البقاء في المكان ذاته لأكثر من سنة..و هذا ما اخبرها اياه ذات مرة عندما سألته عن اليخت..اتصلت هزان ببتول و أعلمتها بموعد الرحلة و التقتا لاحقا في المطار لكي تنطلق رحلتهما الى بلاد الفراعنة..
هناك..في مكتبه..جلس ياغيز يراجع آخر التقارير عن الزيارات المحتملة للوفود العلمية و السياحية للمواقع الاثرية المصرية..و لعل ابرزها متحف الحضارة حيث نقلت المومياوات الملكية و صارت معروضة للعموم..سمع صوت طرقات على الباب فقال دون ان يرفع نظره عن الاوراق" ادخل" ..اطلت فتاة شقراء برأسها و قالت بتركية متعثرة" صباح الخير سيد ياغيز" رفع ياغيز رأسه و انفجر ضاحكا قبل أن يجيب" ليلى..متى ستغيرين هذه العادة السيئة..لست مضطرة لمخاطبتي باللغة التركية..أنت تعلمين جيدا انني أجيد الحديث باللغة الانقليزية و العربية..المهم..ماذا تريدين؟ لماذا اتيت؟" ردت ليلى و هي إمرأة في الثلاثينات من عمرها..مطلقة و لديها ابن صغير يدعى إسلام..تعمل في الإدارة صحبة ياغيز و لم تنجح يوما في اخفاء اعجابها به..ردت" ياغيز..اليوم عيد ميلاد ابني إسلام..و سأقيم له حفلا صغيرا في منزلي..هلا شرفتني بحضورك؟" ابتسم ياغيز و قال" سأفعل ان انهيت عملي باكرا..كم صار عمر البطل الصغير؟" اجابت" ست سنوات..الحفل على الساعة التاسعة ليلا..أتمنى ان تكون موجودا" ابتسم ياغيز و عاد للتدقيق في اوراقه فغادرت ليلى المكتب..
في مطار القاهرة الدولي..حطّت الطائرة القادمة من تركيا..و نزلت هزان و بتول لتجدا برنار في انتظارهما..صافحهما و هو يقول" أهلا بكما..هزان..أنت مشعّة كعادتك..اشتقت اليك كثيرا..اقصد للعمل معك..سنذهب الآن الى الفندق لنرتاح و سنلتقي على العشاء للحديث اكثر عن العمل"
أنت تقرأ
الجريئة
Romanceهناك خيط رفيع بين الجرأة و الوقاحة..بين التحلي بشيء من الإندفاع و الجسارة للحصول على ما نريده..و بين الضرب بكل القيم و المبادئ و الالتزامات عرض الحائط لمجرد ارضاء غرور أو اثبات شيء ما..و قد تتداخل الأمور أحيانا لكي تتشابه الجرأة و الوقاحة من أجل تحق...