سر الممر الابيض!!

21.1K 837 102
                                    

جيسيكا

شعرت باحساس مريع وضيق قاتل في هذا الممر الاسود الموحش فقد كان بغاية البرودة ، كان عكس الممر الابيض الدافئ الذي كنت اشعر بالارتياح اثناء تواجدي فيه ..
لم اكن ارى امامي غير الظلمة الدامسة والابواب الواقفة بشموخ وكانها تحذرني من التقدم خطوة للامام ، استجمعت شجاعتي وقررت فعل ما اتيت لاجله ، نعم سادخل احد الابواب حتى اكشف الحقيقة ، تقدمت خطوة للامام فوقفت على شيء حاد جعلني اصرخ الما حين استقرت قدمي الحافية عليه ، نظرت تحتي لارى لمعان شظايا زجاج موجودة على طول الممر بالكامل ،
كان لمعان هذا الزجاج يميل للسواد بينما يميل لون الابواب للاحمر الدموي ، نزفت قدمي الدماء فتاوهت في الم ، امسكت قدمي محاولة ابعاد الالم ، ثم قررت ان اقطع قطع قماش من ثوبي لاضمد قدمي فلم انتظر اي دقيقة وبدات بتنفيذ خططتي فلففت قدمي بالقماش حتى اصبح كالحذاء وفعلت نفس الشيء لقدمي الاخرى حتى اتمكن من المشي على الزجاج بسلام ، قطعت اخر قطعة من طرف الثوب حتى اصبح فوق الركبة وفجاة بدا يتحول لونه ببطء الى اللون الاسود ، شعرت بذعر حين رايت اللون الاسود ينتقل بين ثنايا الثوب حتى يغير لونه بالكامل ، وقفت صامتة لبضع دقائق محاولة استجماع ما تبقى لي من شجاعة حتى اكمل طريقي .. ثم قررت المضي بطريقي مهما كان الثمن .
مشيت بحذر شديد فان الضمادة لن تمنع الزجاج بالكامل من اصابتي .. وصلت لاقرب باب وترددت في فتحه فمن يدري ماذا ساقابل بالداخل بعد كل الذي رايته ، وضعت يدي على مقبض الباب بتردد ، ثم قررت التراجع لكن يدي التصقت بالمقبض ولم استطع سحبها بينما سمعت اصوات داخل راسي .. تاوهات حزن ، صرخات نجدة وبكاء وهمس لا يطاق ، اصوات توسلات واصوات توجع القلب ..
فجاة فتح الباب من تلقاء نفسه لتظهر غرفة معيشة صغيرة يتوسطها كرسي هزاز تجلس عليه فتاة جميلة وهي تقرا كتابا وعلى وجهها ابتسامة دافئة دخلت الغرفة بتمهل فاغلق الباب ورائي بصوت مدوي لم تسمعه الفتاة ، كانت تبدو بالسادسة عشر من العمر وكانت رقيقة ناعمة تارجح قدميها ناحية المدفئة التي تبعث بحرارة مطمئنة لجميع انحاء الغرفة ، اقتربت منها بخطوات غير ثابتة محاولة معرفة هويتها ، لقد شعرت بانني رايتها سابقا ، اشعر بانني اعرفها ... انها تشبهني كثيرا
مشيت لوسط الغرفة وانا اعبث باطارات الصور التي على الرف حتى اعرف من هي هذه الفتاة . فجاة رايت صورة جعلتني افتح فمي بصدمة .. كانت صورتي ، مكتوب عليها

" اشتقت لك امي الغالية ،ابنتك جانيت "

يا الهي ..
التفت لها لاجدها تقف وتتجه نحو الصورة وقالت وهي تقبلها

" ها انا اتية لاراك امي ، وساحضر معي ورد البنفسج فانت تحبينه جدا ..احبك "

شعرت بدموع ساخنة تجتاح وجهي بعد ان عادت جانيت لتقرا كتابها بابتسامة مشرقة ..
لطالما ظننت انه من الجميل رؤية المستقبل وان كان حدث سيء ، لكنني الان اشعر بفراغ عظيم .. لقد اكتشفت شيئا كان يجب علي اكتشافه قبلا ، شعرت بان عقارب الحياة لا تعطي اهمية لاي شخص بشكل خاص فهي فقط تعطي اشخاص اشياء منع منها اشخاص اخرين ، حياتي بهمومها ومشاكلها لا تساوي شيئا من بحر هذه العقارب وما حرمت انا منه اخذه غيري ، والعكس صحيح ، ان الحياة لا تقف بصف احد ولا تميز شخصا عن اخر هي فقط تعطينا زمام الامور ، ستستمر الحياة بعد موتي ، ستستمر لتاخذ وتعطي ، تعدل وتظلم ، ستسرق سعادة البعض لتعطيها لناس اكثر احتياجا .
شعرت بهذه اللحظة ان الحياة سريعة وان ما فعلته طوال حياتي كان تراجعا وليس تقدما البتة .. لقد اكتشفت سر الممر الابيض ..
الممر الابيض وجد حين اقنعت نفسي بان الماضي كان محملا بهموما لن تنسى ، كنت اعتقد بان الام الماضي ستبقى في قلبي وستاثر على حياتي وامنت بان ما حصل لي قبلا هو الذروة لكل ما قد يحصل لي ،فنسيت امر المستقبل ، انشغلت بالماضي ونسيت ما هو اتي .. على اعتقاد بانني لن اتخلص من اطياف الماضي ابدا ..
الممر الابيض كان هو الماضي بهمومه والامه ولكنه كان مريحا ومضيئا نسبة للممر الاسود الذي هو المستقبل .. هموم الماضي لا توازي شيء من هموم المستقبل، ان لم اهتم بمستقبلي واترك الماضي ستتحول حياتي لهذا الممر الاسود ، زجاج ، صراخ ، ظلمة ووحدة ..
نظرت الى جانيت بعطف وود فهي تذكرني بداني بطريقة او باخرى ، كم اتمنى ان اراها تنظر الي وتناديني ب يا امي ، ساتذكر اسر قلبي داني ، يجب علي نسيان الماضي والا تحول مستقبلي الى ممر اسود يملئه شظايا الزجاج ..
بقيت احدق بابنتي المستقبلية وانا غارقة بتفكري حتى سمعت طرقا على الباب فقامت جانيت لترد على الطارق فسمعت صوت ضحكها مختلطا بصوت ضحك شاب ، دخلت غرفة المعيشة مجددا وعانقت الشاب بينما حملها ودار بها بسرور ، وصاحت

احببت قاتلي .!! ❤( قيد التعديل )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن