المئة واربعين :

9 4 0
                                    

 
لقد كانت بداية اليوم الثاني بعد استيقاظه ،
لقد وقف في منتصف الغرفة بينما وقف امامه مصمم القصر
يؤكد علي التفاصيل الأخيرة لحلته بعدما وضعها ،

لقد ولأول مرة منذ سنين ارتدى حلة من قطعتين فقط دون
الصديري اسفلها ، ولأول مرة كذلك منذ سنين :

لم تُضع عليه العباءة الملكية الذهبية ،
لم يضع التاج الملكي علي رأسه ، ولم ينتظر
ان يأتي الدبوس الملكي ليوضع علي سترته ،

بدلا من ان توضع عليه عباءة الملك :
لقد وضعت عليه سترة من الجوخ الاسود الطويل لتدفئه ،

وبدلا من يوضع عليه تاج الملك :
لم يوضع شيء مميز علي رأسه سوى قبعة من دائرية من الفيدارا
حولها شريط ذهبي ،

وبدلا من أن يعلق الدبوس الملكي ذو التاج الملكي علي سترته:
علق دبوس الأمير بتاج الأمير وبقيت احرفه كما هي اسفلها
فقد بالفعل تم صنعه له وتغيير الأمور ،

لقد انتهى من ارتداء ملابسه والاستعداد خلال وقت بسيط ،
لم يأخد الامر من ابدا وقتا ليستعد ولكن ما كان يأخد منه الوقت دائما :
هو ان يجهز ذاته ليضع معالم الملك الهادئة علي وجهه ،

ليحفظ كل شيء بداخله ، ويظهر فقط ما يجب اظهاره،
ليكبت جماح نفسه والمه ويشارك منه فقط ما يحتاجه شعبه ان يشاركه،

لكن اليوم ، حين وقف امام المرآة ينظر لذاته ،
هكذا متعريا من كل ما يجعله ملكا ، خاليا من كل العناصر
التي اعتاد ان يراها عليه حتي صارت عضوا من اعضاؤه:
لقد شعر انه يرى ذاته ،

يرى انعكاسه خلال المراءة ،
يرى تشارلز بدون كل تكاليف الملك واعبائه ،

يرى ذاته فقط دون تكاليف ،
دون ملك ، دون مسؤليات عظمى ، دون توقعات كبرى:
فقط تشارلز ، تشارلز الذي عاد حيا،

نشوة هذه اللحظات المؤقتة من الراحة :
انها ما يعيش المرء لاجله .

لقد ظل ينظر لذاته للحظات في صمت هكذا ،
ثم في النهاية تنفس الصعداء بينما التفت بجانبه لينظر للشاب الذي
وقف ينظر له كما نظر له دائما ،

هذه المرة ليس كأنه سيتلاشى ، لقد بدا انه بدأ بالفعل يصدق وجوده ،
وانما ، كما نظر له منذ عمل لديه :
بفخر .

بحلته السوداء كما اعتاد وبشريط ملكي حول قبعته -فوق رأسه التي قص شعرها ليعود لطوله المتوسط - عُدل عليه ايضا منصبه ليصبح مساعد الأمير : لقد وقف مالك ينظر للرجل الذي عمل لديه منذ سنين كأنه يرى
اكثر شيء براق ومميز ومشرق في العالم كله ،

A man of gray and gold : رجل من الرصاصي والذهبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن