تشويق ٤

1.9K 103 15
                                    

دلفت إلى بوابة بيت العائلة وجسدها بأكمله يرتعش بقوة كبيرة، ملامحها باهته كأنها رأت ملاك الموت أمامها منذ لحظات.

أخذت نفس عميق ذافرة إياه ببطئ وهي تنظر أمامها بأعين غاشية من الدموع المتكونة بهم لترفع يديها التي ترتعش بقوة كبيرة مثل جسدها ناظرة لهم برؤية مشوشه، والنصيب الأكبر كان لركبتيها اللتان كالهلام في رخوهم.

رفعت رأسها للأعلى قليلا مغلقة عيناها أخذه نفس عميق ذافرة إياه ببطئ تحاول أن تهدئ من نفسها قليلا قبل أن تصعد إلى والدتها والتي وحدها في المنزل في هذا الوقت من اليوم بسبب إنشغال باقى أخواتها.

تقدمت من الأدراج بخطوات بطيئة وإرتعاش جسدها في إزدياد حتى وقفت على أولى الدرجات ممسكة بمقبض السور الذي يحيط الدرجات، واضعة قدمها على أولى الدرجات ولا تستطيع الخطو خطوة أخرى بعدها.

وصل إلى مسامعها صوت فتح البوابة من خلفها ولكنها لا تملك القدرة على الإلتفات وجعل أحد يراها بمثل هذا الضعف الذي تشعر به لأول مرة بحياتها.

حاولت الضغط على نفسها والصعود ولكنها لا تستطيع، أعصابها بأكملها في حالة إنهيار وعيناها مليئة بالدموع التي تمنعها من الرؤية بوضوح.

-يا رب نخلص.

إستمعت إلى صوت أكثر شخص لم ترد أن تراه في هذا الوقت بالتحديد، لتلتفت جالسة على جانب السلم منزلة رأسها للأرض مشيرة له بالصعود دون التفوه بأي حرف.

-إيه القطه أكلت لسانك!

سخر منها ولو كانت في وقت آخر لكانت ردت عليه بسخرية لاذعة أصابته في مقتل، ولكنها فقط في أسوأ حالاتها النفسية والجسدية الآن، لتتحدث بصوت مهزوز ومكتوم من محاولتها لإمساك دموعها:

-سيبني في حالي وإطلع شقتكم كأنك مشوفتنيش.

وقف أمامها قاطبا حاجبيه بإستغراب، لأول مره منذ أن دلفت إلى منزل العائلة وهو يراها بمثل تلك الحالة، والأهم بمثل ذلك الضعف.

-إنتي كويسة؟

تسائل بقلق وهو ينحني يحاول رؤية وجهها التي تخفضه للأسفل، متحدثة بصوت مكتوم:

-سيبني في حالي بالله عليك.

شهقة مكتومة خرجت من فاهها وقد إنتبه هو لها، بينما هي لم تستطع إمساك دموعها أكثر من ذلك، لتنساب الدموع بشدة على وجنتيها.

-يلهوي إنتي بتعيطي! طيب معلش طيب، طيب إنتي في حاجه وجعاكي! طيب إنتي فيكي إيه؟!

صاح بتوتر وهو لا يعلم ماذا يفعل لها، هو يشعر بالعجز أمام دموعها التي يراها لأول مره.

-فضل ماشي ورايا بالعربية ويقولي تعالي أوصلك، والشارع كان فاضي ومكنش فيه حد خالص، نزل من العربيه وقرب مني وأنا قعدت أجري في الشارع، كان عايز يركبني العربية معاه بالعافيه.

تفوهت بكلمات غير محدده، وبصعوبه إستطاع فهم بعض حديثها الذي يخرج من بين شهقاتها القوية، ودموعها تنساب بقوة من عيناها، ليشعر هو بالحيرة وربما بالغضب لا يدري، حالتها صعبة وإرتعاش جسدها القوي الذي لتوه إنتبه له زاد من غضبه، ليذفر بقوة مخرجا علبة عصير من الحقيبة البلاستيكية التي كانت بيده، فاتحا إياه مناولا لها وهو يتحدث:

-إهدي طيب وخدي إشربي العصير ده، خلاص إنتي في البيت ووسط العيله ومحدش هيقدر يقربلك، ولا تحبي نطلع وأمسكه أضربه! ولا أقولك خلينا بكرا تكوني شديتي حيلك علشان تضربي معايا.

إبتسمت "منه" بخفة وهي ترتشف القليل من العصير وهي تشعر أن روحها تعود إلى جسدها مرة أخرى، بينما هو تابعها بأعين متفحصة وهي تعود إلى طبيعتها تدريجيا.

-إنتوا بتعملوا إيه على السلم؟!

**

"يتبع💙"

أم البناتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن