﴿وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ﴾ "أوكل إليك كل أمري يارب.. سامحني إذا نفذ صبري، وسامحني حين أحزن على قضاءك رغم إيماني به.. اجعل أيامي القادمة فيها هدنة للقلب، استراحة من ما فات، وقوة في كل ما هو آت"
**
صباح يوم جديد علم الجميع به أن "عمر" و"أدهم" اللذان لا ينفصلا أبدا حدث بينهما خلاف شديد بالأمس وإرتفعت أصواتهم على بعضهم البعض، حتى أن "عمر" غادر غاضبا بشدة.
شعرت "منه" بتأنيب الضمير لشعورها أنها السبب فيما حدث بين الإثنان، لتغادر بيت العائلة بأكمله ليظن الجميع أنها ذهبت إلى دروسها، بينما "أدهم" لم يظهر بل ظل حبيس غرفته منذ ذلك النقاش الحاد الذي حدث بينه وبين صديقه ورفيق دربه.
**
الساعة الثالثة عصرا بإحدى الكافيهات، كانت "منه" تجلس على إحدى الطاولات وكتبها مفرودة أمامها على الطاولة بينما بجانبها كوب من القهوة الشبه منتهي، ليسحب المقعد الذي أمامها بينما هي لم ترفع عيناها من على الورقة التي تدون بها بعض اشياء.
إنتهت "منه" من ما تفعله ممسكة بكوب قهوتها منهية إياه واضعة إياه على الطاولة مرة أخرى، متحدثة بهدوء:
-القهوة مرة جدا، ومرارتها دي أثرها بيفضل معانا فترة بس في نفس الوقت بنحبها ومنقدرش نستغنى عنها، زي بالظبط علاقتك إنت و"عمر" مش كدا؟!
أنهت "منه" حديثها ناظرة إلى "أدهم" الذي يجلس أمامها بوجوم، لتكمل "منه" حديثها:
-بس في حالتكم إنتم إنت فيها القهوة المرة مش العكس يا "أدهم".
-إنتي عايزه إيه يا "منه"؟ أنا عايزك بس قبل ما تتكلمي تعرفي وتفهمي كويس إني مش هسيبك تتحكمي فيا وفي حياتي.
إبتسمت "منه" بسخرية وهي تتربع أمام "أدهم" الذي يتابع "منه" يلتقط أقل حركة منها، لتتحدث "منه" بهدوء:
-أنا حقيقي مش فاهمه إنت ليه واخد الكل عدو ليك؟! ليه مش حابب تسمع لحد أو حتى تتقبل كلام من حد؟! ليه شايف إن إنت الوحيد إللي صح رغم إن إنت الوحيد إللي غلط؟!
لم تتخلى "منه" عن إبتسامتها الساخرة أو حتى قامت بفك ذراعيها المعقودين فوق صدرها، لتتحدث مرة أخرى:
-أنا مش بتحكم في حد ولا بفرض رأيي على حد، الفرق بيني وبينك وإللي بيخلي الكل يشوف إن رأيي صح إني بحكم عقلي ومش بخلي عصبيتي تسيطر عليا، إنت حتى لو صح عصبيتك بتضيع حقك وبتخلي الكل يشوفك غلطان، وهو ده الفرق بيني وبينك، وهو ده نفس الفرق إللي بيخلي كفتي أنا إللي ربحانه، وإنت مستحيل تعرف تعمل زيي لأنك مش هتقدر، إنت كل إللي تقدر عليه إنك تبوظ علاقتك بكل إللي حواليك، حتى "عمر" فاض بيه الكيل ومقدرش يستحملك أكتر من كدا.

أنت تقرأ
أم البنات
General Fictionظنت أن بناتها لن يسألوا عن الماضى، و هى ستكفيهم، و لكن القدر يصمم على نبش الماضى بكل ما به من مشاعر مختلفه.