مجتمع غريب

2.9K 163 17
                                    


"نعيش في مجتمع غريب، يهتمون بكلام الناس و لا يهتمون بمشاعر الناس." ~ جبران خليل جبران.

تجاهلت وجود عزيز الذي مشى بجانبي كل الوقت

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

تجاهلت وجود عزيز الذي مشى بجانبي كل الوقت. كنت أتصرف بطفولية كالعادة و لكن لم أكن من الأشخاص الذين يسهل عليهم حوار ما بعد الكوارث.

كنت من الأشخاص الذين يتجاهلون المشكلة ظنا أن ذلك سيجعلها تختفي في النهاية. بالطبع المشكل يتفاقم و ربما يفسر ذلك قلة صداقاتي و صعوبة تكوين أخرى جديدة.

لكن بالنسبة لي، لا يهم ان أخطأت في حق غيري أو أخطأ الآخر في حقي طالما تفاديت الحوار و كلما يفرضه من تبرير و تعبير للأحاسيس و الأفعال.

لكن أزعجني إصرار عزيز الذي سكب قطرات الصبر الأخيرة المتبقية مما استنزفه هذا اليوم، لذلك تظاهرت بالحديث مع نفسي:
-أظنني سأصل الأولى بين زملائي إلى قسم الموتى. سيوفر لي ذلك بعض الوقت لمراجعة درس اليوم.
سمعت صدى خطاه يتوقف مما جعلني أبتسم لنجاح خطتي.
-أنت جادّة؟ لن تأخذينا إلى هناك، صحيح؟
-أنا لم آخذك إلى أي مكان، أنت من تبعتني إلى هنا.

شبكت يدي أمامي و نظرت خلفي، إليه. كان وجهه نوعا ما مصفرا.
-أردت فقط أعلمك أن أمي تريد أن تعتذر لما بدر منها.
عضضت لساني حتى لا أقول شيئا أندم لقوله لاحقا و أعلمته:
-اعتذارها مقبول. تستطيع أن تذهب الآن.
-أنت لا تعنين ذلك.

أخذ خطى واثقة نحوي حتى صارت المسافة التي تفصلنا لا تتجاوز المتر.
وضع يده على ظهر عنقه و بدى يفكر في شيء ما عندما رأيت نظره موجها إلى السقف.

بدى لطيفا و طفوليا و هو مغرق في التفكير و أشعرني ذلك بنوع من الدفأ بقلبي لم أتفطن لتسلله إلى أعماقي.
ذعرت من أمري و أدركت ضرورة الاستيقاض من شرودي.
و ربما دفع هذا الشعور الغريب أيضا.
ما الذي يفعله بي؟ أهذا نوع من التلاعب الذهني؟ لحظة واحدة، هذا غير ممكن علميا...و لكن علميا، نظرية التلاعب العاطفي مثبة. عليّ مراجعة مادة تاريخ الانسان. و لكن ماذا عن درس الفيزيولوجيا و تقرير حراسة أمس و بحث المناعة و درس الكيمياء؟
يا إلاهي كيف سأنهي كل...
-ليلى!
-هه؟
-لم تجيبي على سؤالي.

سؤال؟ أي سؤال؟ لماذا لا يتركني و شأني فحسب؟ أجيب بنعم أو لا؟ و لكن ماذا لو لم يكن سؤالا ذا إجابة قطعية؟  سأجيب بالتعديل.
-أظن ذلك.
-تضنين أنني وسيم؟
شعرت بالخجل و أحسست وجنتاي تحترقان كمن نفخ بهما نارا.
-أنا لم أقل شيئا! لماذا تزعجني؟ أنا فعلا ذاهبة إلى غرفة الموتى. لا تلحقني.
-كنت أمزح! يا لك من عصبية. كنت أعلم أنك لم تعيري كلامي اهتماما. كان عليّ أن أفعل شيئا حتى أجبرك على الإستماع.
-مالذي تريد قوله؟ بسرعة أخبرني.
-لما العجلة؟
-أنا جائعة، لم أتناول غدائي، انتهت استراحتي و أنا أقوم بأعمال غيري و الكل يصرخ عليّ، لديّ أكداس من الأعمال المنزلية، لازال لديّ أربع ساعات لأمضيها أمام عملية جراحية أدرس خطوات الطبيب ثم هنالك أنت. أنت لا تنفك عن ازعاجي!

سأعترف، تجاوزت حدودي مرّة أخرى ولكن ما كان عليه اجباري على الحديث. لما يصر على محادثتي؟

-لما كل هذا المزاج المعكر؟ هل كل من في المستشفى هكذا؟ مزاجي و عصبي؟

حسنا لنعد إلى عملية الصمت و التجاهل. تبدو ناجحة و أسهل بكثير.
-حسنا، حسنا، سأتوقف عن مضايقتك. ما أتيت من أجله هو الإعتذار لما قالته. ما وجب عليها فعل ذلك.
-ماذا؟ أن تستنقصني؟
-نعم ذلك.
-حقيقة لم يقلقني ذلك بقدر اعتذارها. أن ترى أني جديرة بالإحترام فقط لأني أدرس الطب و ليس لكياني و وجودي. إعتذارها كان بمثابة الإهانة لشخصيتي التي تجاهلتها و نظرت إلى صورتي الإجتماعي اجمالا. أنا لم أتغير فلم تغير حكمها عليّ؟
-أنا فعلا آسف. أمّي لم تعني ذلك، لو كنت تعرفينها شخصيا لما أخذت كلامها على محمل الجد. هي حقيقة طيبة جدّا و لا ترضى الأذى لأحد.

لم أرد أن أنفي ذلك لأنه أولا، لا أعرفها بالفعل شخصيا و ثانيا حتى و إن كانت قاسية الطباع لن يكون مجديا، جيدا أو مقنعا إخبار ابنها بذلك.

أومأت برأسي و زيفت ابتسامة حتى أزيح همه و أضع نهاية لهذه المحادثة.
أعاد لي الإبتسامة و قال:
-سعيد أننا حللنا هذا المشكل...أوه و سأعوضك غيابك على الغداء. ما رأيك، ألاقيك المساء بعد انتهاء صفوفك و نذهب إلى المطعم بالجوار؟ الوجبة عليّ.
قبل أن أرفض ذلك و جدته عائدا أدراجه من حيث أتى. لم لم يفعل ذلك منذ حين؟ لما الآن عندما احتجت بقائه قليلا؟

 لم لم يفعل ذلك منذ حين؟ لما الآن عندما احتجت بقائه قليلا؟

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

تنزيل آخر 😊 عندي وقت بزايد. 😂

قلوب لطيفة (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن