حبّ أم تحكّم؟

1.6K 112 12
                                    

جلست بتوتّر مع ياسين بقاعة الإنتظار. مضت قرابة الساعة و عزيز لم يخرج بعد من غرفة الفحص. لست أدري ما الذي أخّره لذا بدأت حديثا مع أخي:
-كيف حال دراستك؟
-جيّدة...
-علاماتك جيّدة؟
-نعم...

قطّبت حاجباي غير راضية بإجاباته المقتضبة.
عدّلت من قميصي و نظرت لياسين دارسة تعابير وجهه.
بدا غير مرتاح، كمن لم ينم لأيّام و لم يعتني بصحّته.
بلعت ريقي و لم أستطع من منع أفكاري من الخروج بصوت ضعيف:
-أتشتاق إليه؟
صمت قليلا و قال:
-من؟

كان يعرف تماما من و لكنّه أراد أن يخفي مشاعره. لماذا؟ لأنّه رجل و من الخطأ في مجتمعنا أن نعبّر عن أحاسيسنا و لو لأقرب الأشخاص.

بلّلت شفتاي بلساني و نظرت للسقف كمن يبحث عن كلمات كُتبت لفاقدها. قلت دون أن أنظر إليه:
-لقد تظاهرت بالفرح و أنّ كلّ شيء يسير كما أريد لكن هناك ثقب في قلبي لا يملؤه شيء. لا أحد يعوّضه ياسين. والدي سيبقى والدي الوحيد.

دموعي التي حُبست لأسابيع بدأت تهدّد بالخروج.

-ليلى... لا تبكي. كلّ شيء سيمرّ و يتحسّن—
-لا أريد أن يتحسّن! لا أودّ للألم أن يذهب! لا أريد أن أنساه!
-لن تنسيه ليلى. هل نسيتك و أنا أشعر بخير؟ هل تذكّرتك أكثر و أنا أتألّم؟

كانت لديه وجهة نظر لكنّني أردت الحديث أكثر. ياسين هو الوحيد الذي سيفهم تعقيد مشاعري.

بصوت متقطّع قلت:
-يجب أن نستغفر له... دائما. هو يستحقّ ذلك.

إبتسم ياسين و أومأ.

على إثر ذلك، فُتح الباب و بان لنا وجه عزيز الشاحب. ذهبت بسرعة إليه و وضعت يده على كتفاي لأساعده على المشي.

رُسمت على محيّاه بسمة فتى لعوب. تجاهلته خجلا من ياسين و أمرته:
- هيّا...

ياسين، لابدّ من أنّه أحسّ كعجلة ثالثة لا معنى من وجودها، سبقنا إلى السيّارة.

مشيت على خطى عزيز محاولة أن لا أسبقه.
-ماذا قال لك الطبيب؟
-طلب منّي بعض التحاليل و أعطاني مسكّن ألم.

أبديت إستغرابي و سألته:
-تحاليل؟ تقصد أنّك ستعود من أجل المزيد من الفحص؟
-يبدو ذلك.

لم أضف المزيد.

عندما خرجنا، وجدنا ياسين جالسا بمقعد السائق في هدوء.

فتحت الباب الخلفي و ساعدت عزيز بالجلوس. بعد ذلك، أغلقت الباب و توجّهت إلى مكاني حذو ياسين.

ما إن أغلقت الباب حتّى إنطلقت السيّارة.

الصموت كاد يخنق ثلاثتنا لمدّة من الزمن إلى أن رنّ هاتفي.

بسرعة، أخذته من حقيبتي لأجد أنّ المتّصل لم يكن غير ياسمين.

لم قد تتّصل؟

قلوب لطيفة (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن