جدّة عزيز

1.7K 111 36
                                    

قراءة ممتعة!
******

-ليلى؟
-إممم...
-ليلى!
تجاهلت الصوت و واصلت نومي.

كنت سأقع في غيبوبة تامّة عندما أحسست بيدين تهزّان كتفاي بقوّة كاد أن يسقط رأسي من رقبتها بسببها.
صرخت:
-حسنا، حسنا. إستيقضت!
بدأت بفتح عيني اليمنى لأتفقّد درجة الإضاءة خوفا من إيلامي بعيناي. عندما وجدت الإضاءة خافتة فتحت عينيّ تماما لألاقي وجه عزيز أمامي.
إستويت في جلستي و عدّلت من حجابي.
جلست أنتظر صفاوة عقلي و تعديله على أرض الواقع لكنّ عزيز قرّر أن يقطع الظاهرة بقوله:
-ليلى ليس لدينا متسّع من الوقت، والدي ينتظرنا بالخارج.
نظرت إليه بانزعاج و قلت:
-وصلنا؟
أومأ رأسه ليجيب بالتأكيد.

وقفت من مكاني و ذهبت إلى الحمّام لأغسل وجهي. عندما عدت وجدت عزيز ينتظرني.
أخذت يده الممدودة. كانت دافئة جدّا و كبيرة. لقد غطّت كامل يدي و عوّضت برودة أصابعي بالدفأ.
ابتسمت للفكرة و نزلت معه السلالم. من بعيد لاح والده و بيده هاتف أمسكه بقرب أذنه.

أزعجني أنّي لم أتكلّم معه بعد بغير الابتسام و نظرات الأعين لذلك سألت عزيز:
-أيتحدّث والدك لغة أخرى؟
-الأنجليزية، لماذا؟
-قلت أنّه سيكون أفضل لو قلت "صباح الخير".
-فهمتك.
وجدنا أنفسنا أمام والده الذي، عند رؤيتنا، أقفل الخطّ و ابتسم.
معتمدة رصيد ثماني سنوات من تعلّم الأنجليزية، توجّهت له بالكلام:
-صباح الخير عمّي.
بدا غير متوقّع حديثي لأنّه صمت قليلا قبل أن يردّ:
-صباح الخير ابنتي. أرجو أنّك نعمت بنوم جيّد.
أومأت لذلك ليبتسم لي. لديه نفس ابتسامة عزيز. لا بدّ أنّ زوجي قد ورثها.

زوجي؟ لم أتعوّد المصطلح بعد.

توجّهنا نحو مبنى المطار و ولجناه. بعد القيام بكلّ العمليّات اللازمة لأخذ أدباشنا توجّهنا إلى سيّارة عمّ عزيز الذي قال أنّه كان ينتظرنا.

جلس والد عزيز بالأمام مع أخيه بينما جلسنا بالخلف.

تركت يد عزيز و إقتربت من النافذة لأمتّع نظري بالمشاهد الجميلة.
رؤية المباني العالية و الطرق الشايعة و العديد من الأشياء التي لم آراها قبل حفّزت الأدرنالين بجسدي و وجدت نفسي سعيدة. إسطنبول كانت روعة، لم أتوقّع أبدا زيارتها قبل أن تنتهي دراستي.
ّراقبت الأشخاص على الطريق و أعجبت بذوقهم. ملابسهم كانت أنيقة جدّا و شيئا وددت ارتداءه.

إلتفت لعزيز و قلت له بنبرة لوم:
-لم تحدّثني أبدا عن جمال هذا المكان!
هزّ كتفيه و قال:
-عندما يعتاد الإنسان شيئا ما يملّ منه و لا يراه جميلا كما هو حاله.

عندما يعتاد الإنسان شيئا ما يملّ منه...

أرجو أن لا تعتاد وجودي، إذن.

أعدت نظري إلى الشباك و راقبت الأشخاص على الشارع و بتّ أقارنهم يالتونسيين.

بعد نصف ساعة أخرى، توقّفت السيّارة. نزلنا من السيّارة و أخذنا الحقائب من الباب الخلفي. بالطبع، لم يتركوني أحمل حقائبي بدعوى أنّني بالكاد أستطيع حمل نفسي لأنّني رفضت الفطور.

قلوب لطيفة (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن