ثلج-2

1.6K 111 26
                                    

رأيته يتقدّم نحوي فصرخت. "لا تقترب منّي! حطّمتني، أتعلم؟ أكرهك! و أكره نفسي لإشتياقي إليك."

كتفاي إنخفضا بثقل ما يحمله قلبي. "أشتاق لك كأنّما لم يحدث بيننا شيء. أحبّك. لا أظنّني أستطيع أن أتوقّف و لكن أكرهك بما فعلته بي. لأنّني عندما أنظر إليك أرى أسوء صورة لي. خسرت نفسي إليك. لقد جعلت أكبر مخاوفي يتجسّد."

صوتي بالكاد يسمع. إعترافي بعدم ثقتي بنفسي أحرجني.

تقدّم عزيز نحوي و أخذ يداي في يديه. لم أمنعه مع كلّ ما يدور بذهني.

"أنا آسف، ليلى. أنا جدّا آسف. أنا السبب."

"الأسف لن يصلح شيئا."

"أنا فعلا آسف. آسف-"
"توقّف. لا تبدو لي أكثر من مذياع فقد تردّده و يعيد تكرار البثّ. كلماتك فارغة المعنى."

يداه أمسكتا أكثر كأنّما سأنصهر أمامه. "قولي لي. ما الذي أفعله. ماذا أفعل لأسعدك؟ ماذا أفعل لأعيد المياه لمجاريها؟"

"لا شيء."

يداه أمسكتا وجهي و بدأتا مسح دموعي. كأنّما ذلك سيخفّف آلامي.
"لا تبك ليلى. ليس لوغد مثلي."
"أريد شرحا."
بلع ريقه ببطئ. "تقصدين الأمر مع ياسمين؟"
"نعم.الخيانة."

يداه تركتا وجهي. ركل حجارة أمامه. و تظاهر باتباع مسارها ليتفادى النظر إليّ. "لا أعرف من أين أبدأ."

"متى؟"
"أوّل لقاء؟ جاءت لزيارتك. تبحث عنك. كنت مع ياسين. أخبرتها بذلك. ضحكت و أخبرتني أنّها لو وجدت شخصا مثلي لما تركت جانبه. لأوقف دراستها من أجله و جلست تنتظره بالمنزل."
إعتصر جسمي من الداخل. "و؟"
"لم أعر كلامها بالا. ودّعتها فقط. كنت سعيدا أنّك غادرت المنزل و أخذت راحة بعد أن أنهكت بالدراسة."

"فقط؟"

"بعد ذلك بأيّام. كنت معنا عائدين إلى المنزل عندما إقترحت أن نوصلها إلى منزلها. فتحتِ موضوع الهوايات. لاحظت أنّ لدينا الكثير من النقاط المشتركة."

"فأعجبت بها؟"
"لا. ليس بتلك السهولة. كنت أعلم أنّ عيد ميلادك إقترب. أردت أن أرتّب لك شيئا لم ترينه قبل. و لكن لم أثق بقدراتي على فعل ذلك وحدي. أمّي لم تكن اختيارا و هدى كانت خارج تونس. أرسلت لها طلب صداقة على حسابها. قبلتها و بدأنا التحدّث. في الأوّل دار كلّ شيء حولك أنت فقط. ثمّ طلبت منّي أن أخبرها عن تركيا. عن طفولتي. في باطني تساءلت لم لم تكوني فضوليّة مثلها؟"

حبس الدم في عروقي. "لأنّك إمتنعت عن ذكر أيّ شيء! كلّ ما سألت شيئا تتفادى الإجابة و تتحدّث عن أهميّة الحاضر!"

"لأنّك فضوليّة بشأن صداقاتي فقط! لأنّ الغيرة أعمتك!"

"هل تلومني؟ غيرتي كانت في محلّها. خنتني في النهاية!"

"أعلم! ولكنّك لم تهتمّي. بالكاد تعرفين والدي و أخي."

"لأنّني لا أريد فرض وجودي على شخص لم يعطي لي تلميحا بأنّه لا يمانع. مع ذلك،هذا لا يبيح ما فعلته."

"على كلّ. إجتمعنا و صرنا نخطّط لعيد ميلادك. مع توالي لقاءاتنا وجدتني أستمتع بوقتنا. كنت أودّ لو حضيت بذلك الوقت معك. أعود للمنزل لأجدك نائمة على مكتبك منهكة. لا أفعل سوى أن أنقلك إلى السرير و أنتظر نهوضك. مع الوقت أرهقني إشتياق لك. أنت و ياسمين بنفس الصف و كانت هي متفرّغة أكثر منك. نقمت عليك. لم أكن من أولويّاتك. ثمّ حدث خصامي مع مراد و لم أتمكّن من الإحتفال بعيد ميلادك لأنّني لم أطل كثيرا و ذهبت إلى تركيا. بتلك الفترة واصلت الحديث مع ياسمين. أخبرتني أنّها إنفصلت عن خطيبها. و أرادت شخصا لتتحدّث معه غيرك لأنّك بدوت كمن لا يهتمّ لأمرها. لم أعارض فيما أكّدت هي برودك. تحدّثنا عنك و عن خطيبها. عن برود كليكما. عن عدم اهتمامكما.عندما أخبرتني بأنّه إشتاقت إليّ في الأيّام الموالية لم أمنعها عن قول ذلك. واصلت قول ذلك و اعترفت أنّها تنتظر عودتي.
بذلك الوقت كنت قد أخذت قرارا بالخصام معك. لم أرد أن يكون الأمر نهائيا ولكن فقط لأجعلك تدركين قسوتك. ظننت أنّ الأمر سينتهي بسلام."

"و كيف إنتهى، هاه؟ أخبرني كيف إنتهى!"

"عند عودتي وجدت ياسمين بانتظاري بالمطار. عانقتني. و أعجبني الأمر-"
"أ تعرف ماذا؟ لا أريد سماع المزيد. لا أريدك بحقل نظري. أغرب عن وجهي!"

"أردت أن أكون صريحا معك!"
"أخذت قدرا كافيا من أكاذيبك و صدقك. لك أن تأخذ الإثنين و تغادرني بهما."
"ليلى، فرصة واحدة! أنا أعلم أنّ في قلبك متّسع لي! متّسع لصفحك عنّي..."

إقترب لأبتعد.
"أنت أسوأ ممّا تصوّرتك أن تكون. أنت خيبة ظنّ."
رأيت وجهه ينكسر. "لن أعطيك الوقت الذي حرمتني منه عندما ترجّيتك إليه. إليك قسوتي و لتجد نفسك أحضانا تمسح عنك برود قلبي و عدم إهتمامي لأنّي لا أهتمّ لحثالة مثلك."

"لن أمنعك من أن تقولي ما أردت إذا كان سيبهت غضبك."

ضحكت سخرية و أخذت خطى أوسع، أنفاسا أعمق لأتركه واقفا وحيدا تنهش قلبه ما فعله و فعلته.

*****

تكملة الفصل.

ما رأيكم بما قاله عزيز؟

ماذا تفعلون لو كنتم مكان ليلى؟ أريد رأيكم الصادق لأنّي كنت سأفعل نفس الشيء. أظنّ 😁😁

قلوب لطيفة (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن