قرار

2.1K 96 21
                                    


نظراتها القاسية تحولت إلى تعاطف معي. دفعت عنها كأس الشاي إلى الطاولة و نظرت نحوي.
لعبت بأصابعي لأخفف توتّري.

-ظننتك تريدين أن تأخذي قرارتك بنفسك.
-ظننت أنّ ما أريد لا يهمّ. لم آتي لهذا النقاش على كلّ حال.
-و أتوقّع أن تنصتي لما أقول؟

أومأت.  ماذا كنت سأفعل؟ فقدت حيلتي. أنا في دائرة مغلقة.

تنهّدت أمّي و قالت:
-أنا و والدك لم نكن دائما على إتفاق. أتعرفين؟ لكن في نهاية اليوم نتحدّث و نصارح بأفكارنا.

-أظنّ أنّني صارحت بالكثير. مع ذلك لا أفهمه. لا أفهم سبب أفعاله. ذهابه و عودته إليّ.
-هل تحبّينه؟
إحمرّت وجنتاي:
-لا أعرف. كان يعجبني كثيرا، أمّي. أظنني كنت لأحبه لو أمضينا وقتا أكثر. كنت لتمسّكت به مهما فعل بي. لعدت إليه زحفا.
-بالعكس. أظنّك تحبينه و إلاّ ما كنت تحاولين إصلاح الحياة معه.
-أنت تعرفين أنّي عدت إليه إجبارا.
-لم أكن لأجبرك لو لم تحبّينه. كنت لتحطّمت لو أنهى حياته مع ياسمين. تعرفين ذلك.
-أظنّني أقوى من ذلك.
-أظنّك لا تعرفين سهولة تحطّم النفس و صعب إصلاحها.
-ماذا أفعل؟ أنا تائهة.

-الحياة الزوجية ليست حبّا. سيكسر الروتين ذلك. إنّها عمل ثنائي، احترام، تناقش و محاولة للإصلاح من النفس و الزوج.
-ليست حبّا؟ تريدين القول أنّني أستطيع الحياة سعيدة معه دون حبّه؟
-تماما.

نظرإلى ركبتاي مع سقوطي دموعي:
-لم يصعب أن أُحبَّ؟
-من قال ذلك؟
-لا تحبّيني كثيرا. صحيح؟
-لا أمّ تكره إبنتها. نحن مختلفين و لا نشارك الكثير من الآراء. أنا أقسو عليك  خوفا و أنت تجيبين عنادًا.

صمتت ليلى غير مقتنعة. يوما ما ستنجب أطفالا و ستري والدتها معنى أن يُحب الطفل بكل الجوارح.

****

وقفنا ننظر إلى بعضنا البعض لوهلة. ثمّ، قبل أن ترتجف أعصابي، إرتميت نحوه حاضنة إيّاه، دموعي تنهمر. أستطيع العيش معه سعيدة دون أن أحبّه، ربّما. لكن سأعيش سعيدة معه لأنّي أفعل. أحبّ عزيز بقلب كسره. أحبّه. أعرف ذلك لأنّ مسامحته أسعدتني و جعلت قلبي ينبض من جديد. حبّي له تجاوز حقدي عليه. أحبّه و أشعر بصدى ذلك في عروقي. في الدماء التي تسخن و هو يحضنني مستغربا تصرّفي. في عسل العيون البنيّة التي تبحث عن إنعكاس إنكساري في عيوني. عن الشفاه التي تردّد "ما الذي حدث؟" غير مصدّقة لما يحدث.
أزلت يداي عنه و إبتعدت خطوة:
-سأسامحك. سأسامحك و سأحبّك كما لم أفعل. ستفعل المثل. و لكن سنتحدّث عناّ و نصرّح بمشاعرنا و أفكارنا، مخاوفنا و أهدافنا. سأجد لك مكانا في حياتي يوما بعد يوم و ستنزع لي قناعا من الأكاذيب يوما بعد يوم.
***

بعد سبع سنوات:

وقفت أراقب يوسف يرمي الكرة في الحديقة و يصرخ:
-بابا! أمسكها! أمسكها!
حاولت إخفاء بسمة لرؤية عزيز يتنهّد و يذهب في إتّجاه الكرة بزيّه الرسمي:
-لم لا ندخل إلى المنزل و نتناول الغداء ثمّ نلعب. هاه؟
-وعدتني! وعدتني! بعد الروضة لعب!
-كذلك، و لكن بعد الغداء؟
-لا!

توقّفت عن مراقبتهما من نافذة المطبخ و خرجت للحديقة:
-يوسف! أين عناق العودة؟
عند سماع صوتي نظر نحوي يوسف. عيناه لمعتا و بسمة اعتلت وجهه. جرى نحوي بسرعة و قفز بين يداي التي إنتظرتاه. حملته عن الأرض و ابتسمت لعزيز.
إنتظرته حتّى شاركني الخطى إلى المطبخ.
-ظننتك تعملين اليوم؟
-أخذت عطلة.

جلس على كرسيّ بالطاولة و نظر نحوي:
-عطلة؟ أهناك خطب ما؟ أ أنت بخير؟
-أنا بخير.
غسلت يدا يوسف و وضعته بجانب والده:
-أردت أن أراكما اليوم و أشبع من وجودكما.
مررت يدي بين خصلات شعري عزيز مرارا و تكرارا:
-كيف كان يومك؟
أغمض عيناه و قال:
-كباقي الأيّام. شاقّ. يوسف يعذّبني و يرفض الدخول إلى الروضة.

قطّبت حاجبيّ:
-ظننت أنّنا تحدّثنا بهذا الأمر يوسف.
-ليس صحيح. أنا أذهب إلى الروضة. إسألي آنستي!
غسلت يديّ أنا أيضا و بدأت أحضر الأطباق. عندما حاول عزيز مساعدتي، منعته.

-لماذا ترهق بابا ، يوسف؟ أنت تعرف أنّ لديه الكثير من العمل.
إحمرّت وجنتا يوسف و نظر إليّ بعيون بندقيّة لا تزال تسرق إنتباهي. أضفت:
-أ يحدث معك شيء بالروضة؟

جلست بمكاني بالطاولة بجانب يوسف. عزيز على يساري.
-تستطيع أن تخبرني. تستطيع أن تخبر والدك أيضا.

صمت قليلا و إنهمر بالبكاء:
-أنتما ترسلانني إلى الروضة لأنّكما لا تريدانني.
-من قال ذلك يوسف؟
أخذته من كرسيه و أجلسته على ساقيّ. ربّتت عن ظهره:
-نحبّك كثيرا، لم قد تظنّ ذلك؟
-لأنّكما ستحضران طفلة إلى المنزل و ستصبح إبنتكما!
نظرت نحو عزيز الذي بدا باهت اللون هو أيضا:
-من أخبرك؟
-سمعتك تخبرين بابا.
إحمرّت وجنتاي:
-مع ذلك ستبقى إبني. تعرف أنّها ستصبح أختك و ستشاركك اللعب، هاه؟ أنت تحميها و هي تساعدك عندما لا نكون معكما. ألا تريد أختا؟

مسح يوسف دموعه و أومأ.
أحسست بيد تمسك يدي اليسرى و ترسم دوائر بكفّها.
نظرت نحو عزيز. الحبّ في أعينه يُكاد يُلمس.
لم يعد شابّا يخطئ و يتعلّم. بل هو رجل ثابت الخطى كثبات حبّه، هو زوجي و صديقي،هو رفيق حياتي و شريكها.

النهاية

آه... ثلاث سنوات و نصف. أخيرا إنتهت قصّة ليلى و عزيز. لنطوي ورقتهما و نمرّ إلى فصل جديد.
كانت تجربة رائعة بالنسبة لي، أرجو أنّها ممتعة بالنسبة لكم أيضا.

بدأت هذه الرواية بهدف تحسين لغتي العربية التي بالكاد أستعملها. صحيح لست كاتبة الآن و لكن أستطيع الجزم بتحسّني.

آسفة على التأخر و لكن رغم قلّة أوقات الفراغ، إنهاؤها كان صعبا. ربّما لم تكن نهاية رائعة و لكن أظّنها معقولة؟

ما كانت توقعاتكم للنهاية؟

أيضا، أريد مواصلة الكتابة، لكن بعيدا عن عالم ليلى و عزيز. بالكاد أجد الوقت لنفسي و مع ذلك أريد المحاولة. لذلك ستجدون عملي الجديد بحسابي.
لازلت لا أعرف إذا ما سأبدأ التحديث الذي سيكون بطيئا جدّا جدّا أو أنهي القصّة ثمّ أبدأ التحديث؟ ما رأيكم؟

سأشتاق إليكم ❤

سنة إداريّة موفّقة. لن أقول ما هي طمحاتكم لهذه السنة لأنّه يجب أن نطمح دائما و لا نشبع من إرادة أن نكون أفضل صورة لنا.
كونوا أشخاصا يبثّون الأمل: أمّا قويّة، أختا تدعم، صديقة تشجّع، إبنة تساعد، تلميذم مجتهدة...






قلوب لطيفة (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن