وجدت نفسي وحيدة في غرفة أراني إيّاها عزيز.
غادر بسرعة ليوصل ياسين لأنّه قلق أن لا يجد طريقه إلى مبيته الجامعيّ.الغرفة كانت واسعة جدّا، مساحتها تفوق ضعف مساحة غرفتي. الأثاث كان دليلا قاطعا على ثراء عائلته. أعني كلّ شيء بدا راقي جدّا لتستطيع تخيّل تصوير مسلسل هنا.
مشيت حافية (لأنّ أوّل ما فعلته هو نزع الكعب الذي لا شكّ أنّه غيّر ترتيب عظام كاحلي) و اقتربت من المرآة. نزعت الطرف و هممت بإزالة كلّ الحليّ الذي ارتديته.تمكّنت من التخلّص من البعض و لكنّ القلادات بدت أمر عسيرا. مهما حاولت، لا أتمكّن من نزعها لذلك استسلمت و اغتنمت غياب عزيز لأغيّر ملابسي.
فتحت حقيبتي و بحثت عن ما رتّبته لي أمّي و لجين. لمّا وجدت ما نبّهنني لإرتدائه، عدلت عن ذلك:
فستانا أبيضا حريريا سأكون محظوظة لو تجاوز ركبتي.شيء مقزّز، لا أريد التفكير حتّى في حقيقة أنّ والدتي اشترته لي.
بحثت مجدّدا في الحقيبة حتّى عثرت على بيجاماتي المفضّلة. آه، سأختار هذه البيجاما و إن خيّرت رحلة إلى أحسن منتجعات العالم.
سروالها واسع جدّا و يصل إلى أعلى خصري من فوق و قميصها طويل ينسدل إلى منتصف فخذي.وقفت و كنت بصدد تغيير ملابسي إلى أن فُتح الباب و رأيت عزيز يدخل الغرفة. تسمّر كلانا في مكانه إثر رؤية الآخر. التوتّر قتل بعض خلاياي العصبيّة أكيد لكنّي متأكّدة أنّ ذهني يجهّز مقبرة كاملة الآن مع أخذ عزيز لخطوات تُقلّص المسافة بيننا.
بلعت ريقي و مسحت العرق الذي تكوّن في يدي بثيابي.
حاولت الإبتسام و لكنّ انتهيت بتجهّم.أرجوك توقّفي عن المحاولة و لا تحرجي نفسك!
رفع يده إلى أعلى و عدّل خصلة من شعري وراء أذني. لم يكتف هناك بل بدأ باللعب بخصلات أخرى.
ماذا يفعل؟
قال ببطء:
-شعرك جميل...و ناعم.ماذا أقول؟ ماذا أقول؟
-فعلا؟ هاها...بفضل زيت الزيتون و الحنّة!
اقتلي نفسك ليلى! اقفزي من الشرفة قبل أن تسبّبي احراجا أكبر!
سرق منه ذلك ضحكة و قال:
-أحدنا صريح هنا.
-نعم و يريد تغيير ملابسه، فهل لك أن تترك له الغرفة؟
بدأ يفكّر قليلا ثمّ أضاف:
-دعني أساعدك بال...آه..
أشار إلى رقبتي لأدرك أنّه يقصد القلادات.
لم أعلم ما أفعل لكنّه تحكّم بالموقف و التفّ ورائي.
أحسست بنفسه الدافئ يلامس جلد رقبتي مسبّبا لي قشعريرة. لم يمض الكثير من الوقت لأحسّ ببرودة أصابعه و هي تحاول فكّ القلادة الأولى:الشعيرية.
ارتجفت لذلك و شعرت بانقطاع نفسي.تأثيره عليّ كان كالمخدّر و لم أستطع أن أنتظر سوى أن يترك مساحة بيننا و إلاّ قتلني من تضاعف الأحاسيس.
-آه، ليلى؟
أيقضني ذلك من لا وعيي و أجبته بصوت مرتجف.
-نعم؟
بنبرة لم تخفي المزاح، ردّ:
-قلادتك.
أدركت أنّه انتهى من فكّها عندما كنت في غيبوبة. هل يمكن أن آخذ دقيقة راحة من كلّ هذا الإحراج؟لم أجاوب هذه المرّة خوفا من أن أفقد صوتي و أخذت القلادة من يده.
أحسست بيديه قرب رقبتي ثانية و خفت من أن أفقد صوابي فابتعدت و قلت:
-لا عليك، سأعتني بالأمر!
-لا بأس، سأفعل ذلك.
-لا فعلا! سأفعل ذلك وحدي!
-ليلى!
أذعنت في الآخر و لم أبتعد عندما اقترب ثانية.
صمت قليلا و قال:
-امم، ليلى؟
-نعم؟
-أظنّ أنّ شعرك علق بالقلادات...
-إذا حاول أن تنزعه!بدأ قليلا و لكن الألم الذي أحسست به في قشرة رأسي جعلني أصرخ:
-آوه!
-أنا آسف! يا إلاهي! لم أقصد! سامحيني!
بدا محرجا هو أيضا لذلك لم أرد أن أزيده إحراجا و كذبت:
-لا عليك، لم تؤلمني.آه هاه؟ إذا لم تكاد دموعك أن تنزل؟
أريد فعلا أن أُصمت لاوعيي.
هذه المرّة، لم يأخذ عزيز الكثير من الوقت ليسلّمني القلادات بعد فكّها و من دون إيذائي شعري.
بعد ذلك، ذهب إلى خزانته و أخذ ملابسا و غادر الغرفة. فهمت أنّه عليّ أن أغيّر ملابسي بسرعة قبل أن يأتي.
فعلت ذلك ثمّ توجّهت إلى الحمّام أين مسحت كلّ مساحيق التجميل من وجهي و غسلته.
ربطت شعري أيضا ثمّ غادرت الحمّام لأجد عزيز غارقا بالنوم.اقتربت من السرير و استلقيت بجانبه.
لاحظت قفصه الصدري يرتفع و ينخفض في نسق منتظم. على وجهه لاحت البراءة و السكينة فبدا كالطفل.نزلت بنظري من وجهه إلى كتفيه الذي بالكاد أخفاهما الغطاء.
من دون قميص! الأحمق!هل أوقضه و آمره بارتداء قميص؟
لا، لا....هذا لا يجوز....
و لكنّه يبدو مرهقا جدّا و لا أريد أن أزعجه.
أخذت وسادتي من تحت رأسي و وضعتها بيننا.
أظنّ أنّ ذلك سيكفي بالغرض.😂😂😂😂ّ
أنت تقرأ
قلوب لطيفة (مكتملة)
Teen Fictionليلى فتاة تونسية، صاحبة أهداف كبيرة. لا طالما كان هدفها من الحياة، إرضاء خالقها و والديها ثم تحقيق حلمها. ألا وهو الإلتحاق بكلية الطب. لكن الكثير يمكن أن يحدث و يحول بيننا و بين أحلامنا. بعضنا قد يتحطم و يفقد الأمل في إمكانية تحقيقها بينما يتشبث الب...