تناولنا الطعام بصمت. محاولات لينا لإختلاق حديث إنتهت بفشل ذريع و أخمدت. أشفقت عليها. كان من المفترض أن تحضى بالكثير من المرح معي.
عزيز أنهى طعامه بسرعة و ذهب إلى الغرفة.
-لا تعيري هماّ لما قاله ذلك الأبله. يبدو شخصا مجنونا.
-أنا لا أعير همّا لأحد، لينا.
-لو كنت كذلك لما غضبت.
-لست غاضبة.
-بلى.
-لم لا يهاتفني ياسين؟
-لأنّه مشغول. أعتقد أنّه يواعد ثانية. ليس مهمّ. ليس موضوعنا. أعتقد أنّني أطلت إقامتي.توقّفت عن الأكل:
-ليس صحيح. بالكاد أمضيت يوما.
-لا أقول هذا لأضغط عليك ليلى و لكنّي لا أشعر بالراحة هنا معكما مستعدان لقتل بعضكما.
-أتفهم ذلك. لنخرج سويّا. ليس علينا البقاء بالمنزل.
-أودّ ذلك. ربّما فرصة أخرى. سأعود إلى المنزل غدا.
-أرجوك إبقي.
-ماما تحتاجني لأساعد بالمنزل. ربّما لم تلاحظي. لكنّها بدت مرهقة منذ موت والدي رحمه اللّه.لم ألاحظ. كنت غارقة بآلامي لالاحظ آلام غيري.
-معك حقّ. ياسين يواعد ثانية؟
أخفت لينا قهقهاتها خلف يدها:
-لا يجيب الإتصالات بجانبي.هو فعلا يواعد إذا.
-لهذا يتجاوزني. يخاف أن أسأل عن الأمر.
أومأت لينا.بعد أن إنتهينا من طعامنا، رتّبنا الطاولة و جهّزنا فيلما لنشاهده. أعددت الفشار و جلست مع لينا نشاهد مقاطع الكوميديا. لم أظنّ أنّي سأضحك لهاته الدرجة. سعادة لينا بجانبي مدّتني شحنات إيجابية و وجدتني أعود إلى الفتاة التي كنت. طفولية و لا همّ يثقلها. إشتقت إلى هذا الإحساس فضحكت أكثر و حضنت لينا بجانبي. همست في أذنها:
-عديني أن نفعل هذا أكثر.
ضحكت هي التالية:
-سنفعل لو تصمتين و تدعين أشاهد في سلام.فعلت.
لم أدري لماذا و لكن نظري تسلّل إلى الغرفة المغلقة. هل يسمع ضحكتنا؟ هل يحزن بين ما أستمتع بوجود أختي؟ لم لم يزره أخوه منذ زواجنا؟ أ يتصلّ به؟ و والده؟ لم لا يهتمّ به؟
دفعت الأسئلة جانبا و وقفت. ذهبت إلى المطبخ و جلبت قطعة المرطبات التي أعددتها. ملأتها شكلاطة حتّى إنفجرت بها من جوانبها.
أعطيت قطعة للينا و أخذت قطعة لي. واصلنا المشاهدة بينما تسلّل إلى قلبي شعور بالذنب. لولاه لما كنّا نأكل ما نأكل الآن. الطعام للجميع و مشاركته بركة. هكذا علّمني والدي، رحمه اللّه.
وقفت ثانية لتنظر إليّ لينا:
-ثانية؟ يكفي ما لدينا من أكل. لنواصل المشاهدة فقط.
-آه، لا. ليس- أنا، عزيز - لا يجوز، أقصد—
-أفهمك.جريت إلى المطبخ متفادية بسمة لينا المخيفة. أحضرت صحنا وضعت فيه قطعة مرطبات و إتجهت نحو الغرفة.
وقفت أمام الباب و قرعت بلطف. عندما لم يجب، فتحت الباب و دخلت.
وجده جالسا على السرير، مذعورا.
-هل أتيت في وقت غير مناسب؟
أخذ دقيقة ليجيب:
-لا، مطلقا.
قلبي إرتجف لسماع الإنكسار و البكاء في صوته. راقبته بحذر لألاحظ عينين حمرواتان و أنف مثلهما. عزيز كان يبكي. و حسب ما أرى، بكاء حارّا.
أنت تقرأ
قلوب لطيفة (مكتملة)
Teen Fictionليلى فتاة تونسية، صاحبة أهداف كبيرة. لا طالما كان هدفها من الحياة، إرضاء خالقها و والديها ثم تحقيق حلمها. ألا وهو الإلتحاق بكلية الطب. لكن الكثير يمكن أن يحدث و يحول بيننا و بين أحلامنا. بعضنا قد يتحطم و يفقد الأمل في إمكانية تحقيقها بينما يتشبث الب...