نبضات قلب تعود

2.1K 135 35
                                    

نعم، إنّه تحديث آخر...صدقا.
أحدكم لديه فكرة كيف أوقف إزعاج الرسائل التي يكتبها الأشخاص الذين أتابعهم. الأمر مزري، أريد أن أجد تعليقاتكم بين كتل الرسائل. 😭

****
لازال ذهني مشوّشا بعد لقاء عزيز.  أسئلة تكاثفت  داخلي بشدّة. ما الذي كان يفعله هنا؟ هل أخبرته ياسمين؟ أ كان هنا يتأكد من صحّة ما قالته؟ أ لا يثق بها؟ أ يثق بي أكثر منها؟ لم يكن خلافنا أبدا بسبب ثقة بعد كلّ.

-رأيتك معه؟
قفزت من مكاني فزعة و إلتفتّ نحو مصدر الصوت. إرتحت لمعرفة أنّه مراد فقط.
-لم أدرك أنّك بفريقي.

وجهه شحب للحظة ثمّ عاد إليه لونه.
-منذ أن عرفته، نسيت العالم حولك. ظننت أنّ الأمر سينتهي الآن و لكن يبدو أنّه سرق منك عيناك و لم يعدهما يا ليلى. عيناك لا يشعّان بالطموح و البهجة كما كانا. كنت بسيطة جدّ-

لعق شفتيه ثمّ واصل:
-ليس بسيطة بمعنى باهتة الشخصية و لكن... إسعادك كان سهلا. للغاية.
-مراد...
-دعيني أنهي كلامي بما أنّي وجدت الجرأة لتبليغك ما يدور بذهني. ليلى، أنت فتاة أحلامي و أعلم أنّي أخطأت بإعترافي الذي جاء متأخّرا و لكن هذه المرّة لن أكرّر الخطأ. ليلى محمودي، أنا أحبّك. منذ اللحظة الأولى التي وقع نظري عليك. ربّما قد إتّخذك الخذلان مسكنا لكن أهربي إليّ لأعيد لك ما حطّمه هو. ستجدينني أنتظرك مهما طال الأمر.

وقفت كالجثّة الهامدة. مراد إعترف لي سابقا و لكن فاجآني مع ذلك ثانية. إبتسمت:
-ما أجمل الكلمات. لو أنّها فقط تصبح أفعال. هذه الوعود لم تعد تعني لي شيئا. الوعود مجرّد كلام كغيره، كلّ الكلمات التي تستعمل فيها فقدت لونها لكثرة استخدامها. فقط الزمن يكشف الحقيقة.

أومأ قبل أن يقول:
-صحيح. الوقت يكشف كلّ شيء و لكن دعيني أخبرك حقيقة أخرى-

قال ذلك و تقدّم منّي خطوة:
- الوقت لا يقف لأحد. لن ينتظرك عندما تقفين و تراقبي الظلام يذهب ليأتي صباح جديد. سيمرّ و يحسب يوما في خانة عمرك.

كتفت يداي و نظرت إليه:
-أنظر ماذا حدث إليّ. أ ما يكفيني دمارا لحياتي؟ أ من الأفضل إستباق الأحداث؟ نعم... سأخسر يوما بإنتظاري للصباح و لكن ماذا لو كان لديّ مكان أذهب إليه؟ أ أذهب في ظلام اللّيل أم أنتظر إشراق الشمس؟
خمّن قليلا و قال:
-و ماذا لو كان لديك من يدلّك في الظلام و يحميك؟
ضحكت سخرية و قلت:
-يجب أن يقودني جيش هكذا.
-سأكون جيشك؟

لعقت شفتاي و قلت:
-لست ملكة لأمتلك جيشا؟
-أنت ملكة بعينيّ.
-و ماذا إذا حدث إنقلاب عسكري؟
-ستكونين ضعيفة الإيمان بما قد يقدّره اللّه لك.

بعد قول ذلك، إلتفت و عاد إلى مبنى المستشفى تاركا إيّاي بالحديقة.

تنهّدت و تبعت خطواته.

******

بعد إنتهاء دوام المساء، وجدت ياسين ينتظرني في سّارة والدي، رحمه اللّه. فرحت لرؤيته و جريت نحوه متجاهلة نظرات من حولي. فتحت الباب و صعدت.
- تبدين سعيدة جدّا.
-أنا بخير و لكن لست سعيدة لدرجة الملاحظة.
حدّق بي قليلا و قال:
- أوجدت لك عزيزا؟
نفخت باستهزاء و حاولت التحكّم بتعابير وجهي:
-ها ها ها... أين لي أن أقابله في المستشفى؟ أ أنت جدّي؟ ولو قابلته-
- ليلى-
-لن ألتفت جهته-
-ليلى-
-و لن أتحدّث معه أصلا-
-ليلى!
صراخه أوقف لساني.
-ما أقصده هو....هل قابلت شخصا آخر؟

إحمرّت وجنتاي و إلتفتّ إلى البلّور:
-لا. لا أحد.
-صديقي... رامي... أ تذكرينه؟ كان يزورنا و يلعب معنا  عندما كنّا أطفالا ثمّ إنتقل و عائلته إلى ولاية، نسيتها بالتحديد، بسبب تغيير والده لعمله.
-نسيت.
على كلّ. هو طبيب مقيم الآن، أ تصدّقين؟ إلتقيت معه منذ قليل. بالكاد تعرّفت عليه-
-ياسين! أنا خقّا لا أكترث لصديقك، هل لك أن تأخذني للمنزل لأنام قليلا.
رفع يديه في إستسلام و شغّل محرّك السيّارة.

*********

كنت غارقة في نوم عميق عندما رنّ هاتفي ليحرمني من لذّة الراحة. رفعته لأرى المتصل.
رقم مجهول.
ثبّته على وضعيّة الصامت و واصلت نومي.
بعد ذلك بقليل، شعرت بشاشته تضيء لتحرمني من ظلام الغرفة.
أخذته ثانية لأجد رسالة.
فتحتها.

" ليلى إنّها عمّتك سناء... أترجّاك، هناك خطب ما بعزيز... مهما أحاول لا أستطيع إيقاضه، سيّارتي لا تعمل ... أترجّاك أن تضعي كلّ شيء حدث جانبا و تساعديني... عزيز لا يبدو بخير"

خوف دبّ بقلبي و شعرت بعظامي ترتجف. دون تفكير، وضعت حجابي و بدأت كالمجنونة أبحث عن مفاتيح السيّارة.
-ليلى... أ هناك شيء ما تبحثين عنه؟
جريت نحو والدتي و سألتها، عيوني تملؤها الدموع:
- مفاتيح السيّارة ماما....عزيز...شيء ما حدث له...
-ليلى-
-أنا لا آبه لمن يكون بالنسبة لي الآن. هو مريض و سأكون بلا أخلاق إن لم أفعل شيئا. على الأقلّ سآخذه للمستشفى.
و لكن كذبت. أنا خائفة من أجله و لا فكرة لديّ عن مدى خطورة الأمر.

مدّتني إياّهم من جيوبها و راقبتي للحظة قبل أن تقول:
-إفعلي ما ترينه صائبا.

وفعلت. قدت نحو منزله و طرقت الباب بحدّة إلى أن كشف على عمّتي شاحبة الوجه:
-إنّه هنا.

دون أن أجيب تبعتها إلى غرفة عزيز، كلّ خطوة إزدادت فيها دقّات قلبي.
وجدته مستلق على السرير كالجثّة الهامدة.
جريت نحوه و بحثت عن دليل على تنفّس يجري. تجمّد الدم في عروقي.

بيد مرتعشة، وضعت السبابة و الوسطى برقبته يحثا عن نبض، عندما لم أجد كدت أفقد وعيي.
لم أكن متمرّسة بالأمر... جرّبته فقط عن دمى إصطناعيّة و مع ذلك وضعت يدي اليمنى على النصف الأسفل لعظم الصدر، كفّي كامل عليه. شبكت اليسرى باليمنى و عمو ديّتان بدأت الضفط بأقصى ما عندي كما بدأت العدّ. كان الأمر مجهدا و شككت أن أستطيع إعادة نبضه لوحدي:
- إتّصلي ب 190... حالا!
خائفة سألتني:
-من؟
-الإسعاف...190!
-ماذا أخبره؟
خفت من أن يغمى عليها و أفقد يد المساعدة الوحيدة التي لديّ.
-أخبريهم بأنّ أحدهم سقط ضحيّة CPR و أخبريهم العنوان بالتدقيق و لا تقفلي الخطّ حتّى يأمرونك بذلك!
-ما هو ال CPR؟
-ليس الآن عمّة سناء!!!
مرتعبة قامت بما أمرتها به.
كنت بذلك الوقت قد أنهيت دورة الدفع و آن لي أن أنفخ في رئتيه مرّتان. أمسكت أنفه و أغلقته بين إبهامي و سبّابتي و زفرت عميقا فما لفم.

رفعت رأسي لأتحقّق من نبضه و تنفّسه ثانية. لا تحسّن.

أعدت كلّ شيء من الأوّل.
في الزفير الثاني أحسست بشيء يتحرّك تحت خدّي. عندما رفعت رأسي وجدت عينان بندقيّتان تراقباني.
غير مصدّقة تحقّقت من نبضه و تنفّسه... كلّ على ما يرام.
من بعيد صوت صفير سيّارة الإسعاف سُمع. إبتسمت نحو عزيز قبل أن أفقد التحكّم بساقيّ و يغمى عليّ.

قلوب لطيفة (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن