-أ جننت؟!
نظرت إلى وجه ياسين المحمرّ. لاحظت أنّ يديه كانتا ممسكتان بشعره بطريقة عنيفة.
اقترب من أمّي و أمسك يديها و قال مترجيّا:
-أمّي أترجّاك، أوقفي هذا الجنون. أتوسّلك!
-لست أدري ما المشكل ياسين، لم تعارض الأمر؟ ليلى ليست صغيرة بعد. ستتزوّج الآن أو غدا.
-ليس بهذه الطريقة! ستُحطّم حياتها أمام أعيننا!
أفلتت يديه و جلست على السرير بيني و بين لينا.
-والدها توفي يا ياسين! لا والد لديها سيحميها من الآن فصاعدا. من سيضمن توفير مصاريف دراستها من هنا إلى سبعة سنوات أخرى؟ كنّا بالكاد متحملين المصاريف!
-سأتخرّج السنة أمّاه! فلنصبر هذه السنة و من بعد سأدعم تكاليف مصاريفها!
ابتسمت أمّي و قالت:
-أحبّك يا ولدي كثيرا و أثق بطيبة قلبك و لكن وعود الرجال لا يمكن أن أثق بها!
-إنّها أختي!
-و هكذا قال أخوك قبل زواجه. هذا ما وعد كلّنا به منذ الصغر. الناس تتغيّر ياسين، خاصّة بعد أن يجدوا سعادتهم و هناءهم.
-ألفة لن تمنعني عن مساعدة أختي!صمت كلّنا.
أنا على الأقلّ أعرف أنّ أخ الطفولة سرقته خطيبته منذ زمان. و لكن بعد وفاة والدي تأكدت من الأمر.نظر إليّ ياسين غاضبا و صرخ:
-تكلّمي! لم لا تعطي رأيك؟ ماذا تغيّر فيك؟ أنا لا أعرفك هكذا! أنت لست ذلك النوع من الفتيات!
أثار ذلك سخطي و فقدت رباطة جأشي.
-أيّ نوع من الفتيات؟ تقصد اللواتي يتزوّجن قبل انهاء دراستهنّ؟ مثل ألفة؟كان سيستدرك و لكن لم أترك له فرصة:
-مجتمع منافق! أنا على الأقل أحاول أن أترك لأختي الصغرى فرصة الإلتحاق بالجامعة! أريد أن أخفّف على والدتي المصاريف حتّى تتمكّن من إعطاء لينا مستقبلا! أنت كالجمل، لا ترى اعوجاج رقبتك!
إثر ذلك، غادر ياسين الغرفة و لكن ليس قبل أن يصفع الباب وراءه بكلّ ما أوتي من قوّة.جعل ذلك ثلاثنا يجفل.
مباشرة وقفت أمّي قائلة:
-كان عليك أن تصمتي! لم لم تتركيني أتولّى الحديث؟
لم تنتظر الإجابة لأنّها هي أيضا غادرت الغرفة.التفّت، إثر ذلك، يدا لينا حول خصري و وضعت رأسها على كتفي.
-ليس عليك أن تتدمّري حياتك لتبني حياتي ليلى.
-أعلم...
-ليس عليك أن تتزوجي غريب الأطوار لترضي أمّي أيضا.
لزمت الصمت لأفكّر قليلا ثمّ قلت:
-لم أقبل بالإقتراح لأرضي أمّي بل لأنّني أهيم بعزيز عشقا. لا أستطيع تخيّل يوم من دونه!
لابدّ أنّ كذبتي علقت بذهنها كما أردت لأنّ لينا رفعت رأسها و نزعت يديها من حولي.
-ليلى، أنا حقّا لا أريد عزيز أن يكون لك زوجا.
-و أنا حقّا لا أريدك أن تواعدي ذلك المنحلّ أخلاقيّا و لكن لا يمكننا الحصول على ما نريد كما ترين!تنهّدت لينا عميقا و وقفت معدّلة من ثيابها:
-أنا حقّا أحاول أن أكون هنا من أجلك و لكنّك تدفعينني كلّما حاولت المساعدة.تجاهلت وجودها و استلقيت على السرير. لابدّ أنّها سئمت الانتظار لإجابتي لأنّني سمعت مرّة ثالثة الباب يفتح و يغلق إعلانا لخروج أحدهم من غرفتي و حياتي.
أنت تقرأ
قلوب لطيفة (مكتملة)
Teen Fictionليلى فتاة تونسية، صاحبة أهداف كبيرة. لا طالما كان هدفها من الحياة، إرضاء خالقها و والديها ثم تحقيق حلمها. ألا وهو الإلتحاق بكلية الطب. لكن الكثير يمكن أن يحدث و يحول بيننا و بين أحلامنا. بعضنا قد يتحطم و يفقد الأمل في إمكانية تحقيقها بينما يتشبث الب...