الأخرى

1.7K 111 12
                                        


اليوم الموالي، و بعد إستهلاك الوقت في إخراج الملابس من الحقائب و تنظيمها ثمّ التعرّف على أفراد عائلة عزيز، وجدت نفسي أتناول الفطور في طاولة بالكاد تسع الكلّ.

الضحك كان موزّعا من هنا و هناك. بين الفينة و الأخرى يبتسم لي أحدهم لينقص شعور الوحدة لي.
آمل أنّهم يضحكون معي، لا عليّ.

بالنسبة لليوم، سأكتفي إحضار فستان الزفاف مع بنات أعمامه. سبق و أن إهتممنا بالإختيار و الدفع غبر الإنترنت.
حسب ما فهمت سيكون الزفاف حفلا صغيرا يضمّ أفراد العائلة حتّى لا يحرموا من الفرحة.

بعد الفطور، جلست أنا و بنات أعمامه بالحديقة قرب حوض السباحة: رايان، لميس و زينة. كنّ لطيفات جدّا و اقترحن أن يتحدّثن بالانجليزية لننسى ضغط التجهيزات.

-رأينا الفستان.
كانت تلك رايان. إبتسمت لها و وضعت قدميّ بالحوض.
-فعلا؟
-لم نستطع منع أنفسنا، ألححنا على عزيز حتّى أعطانا عنوان المحلّ.
أضافت زينة:
-ذوقك جميل.
أشرت إلى فستانها و قلت:
-شكرا، ذوقك الأروع.
لميس كانت ستضيف شيئا ما لكن رنين الجرس أوقفها.
سبقت رايان الكلّ و فتحت الباب.

ترشّفت كأس القهوة الذي أحضرته معي و أرجحت قدميّ تحت الماء.

-إنّها ليلى!

لا إراديّا، رفعت رأسي إثر سماع إسمي.
لميس حرّكت رأسها نفيا و شرحت:
-آسفة... قصدت ليلى الأخرى. صديقة عزيز.

أومأت برأسي بينما شاهدت ملكة جمال تركيّة تدخل المنزل مع رايان.

صمت كلّنا برهة. شخصيّا، كنت أفكّر كم سيكون جميلا لو قفزت بحوض السباحة لكنّ زينة كانت لها مخطّطات أخرى عندما صرخت بصوت ملؤه الحقد:
-لم و لن أحبّ تلك الأفعى مهما حدث.
-زينة!
لم تعطي بالا لصراخ لميس و واصلت:
-ماذا؟ لا أطيقها، قاضني!

ابتسمت لميس و جذبت خصلة من شعر زينة. زادت الأخيرة تجهّما.
إلتفتت لميس إليّ و صرّحت:
-زينة كرهت ليلى منذ الصغر لأنّ عزيز إعتاد أن يأخذ كلّ اللّعب التي اشتراها لنا جدّي، رحمه اللّه، و يعطيها لليلى. اللعب كانت مشتركة بين كلّ أبناء العمّ و مع ذلك عزيز لا يترك أحدا غير ليلى تلمسها. كان مدلّلا جدّا.
وقفت زينة و قالت:
-ها ها ها... ليس و كأنّك تحبّين الفتاة. كفانا حديثا و لنذهب و نحضر الفستان و الحلويّات. 
وقف كلا إثر ذلك و توجّهنا نحو المنزل.

عند وصولنا الباب، تصادمنا بملكة الجمال و هي في طريق خروجها مسرعة.
ما لفت انتباهي هو كحل عينيها الذي سال على خدودها، عيناها و أنفها الأحمران.

خجلة، مسحت دموعها و قالت شيئا ما و هرولت إلى الباب.

لا أدري ما حدث و لكن إن كان خصاما عائليا، لا دخل لي.

زينة ذهبت لتبحث عن مفاتيح سيّارتها بينما ذهبت لميس لتأتي برايان.

وقفت وحيدة أعدّ تنازليّا بالألمانيّة حتّى لا أحسّ بالوحدة. توقّفت عند الأربعة عندما رأيت عزيز.

شعرت بقلبي ينبض فرحا لرؤيته و يعزف أغاني بإسمه.
ّّّ
من دون تفكير، ذهبت إليه إشتياقا. حاولت أن لا أحدث ضجيجا بنيّة إخافته. لم يشعر بي إلاّ عندما صرخت بأذنه.
قفز من مكانه و لم أعرف أنّني كنت  أسقط إلاّ عندما وجدت نفس بالأرض.

ألما صرخت:
-سحقا عزيز! لم العنف؟ كنت أمازحك!
-أ أنت بعقلك؟ لم تتسلّلين وراء شخص ما و تصرخين بأذنه؟
-كنت فقط—
-لا يهمّ! لا أحتاج المزيد من وجع الرأس بالتفاسير.
ّوقفتُ من مكاني و نظرت إليه. محاولةً الحفاظ على رباطة جأشي، سألت بهدوء:
-أ هناك مشكل ما؟
-ليلى أنا حقّا لست في مزاج جيّد.
-إذا كان هناك شيء ما فعلته أخبرني.
-ما يزعجني ليس من شأنك!
-هو من شأني عندما تفرّغ غضبك فيّ!

أحسست بيد تمسك كتفي.
-أيمكنكما خفض صوتيكما؟ كدتما توقضا جدّتي. لن تريدا أن تطرح أسئلة لأشياء لا تريدون الإجابة عنها.

تراجعت إلى الوراء و قبلت يد رايان المفتوحة.

لم أُتعب نفسي بالنظر ثانية إلى عزيز. حاولت فقط أن لا أترك دموعي تنهمر أمام الفتيات بينما صعدنا السيّارة.
ّ

قلوب لطيفة (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن