حدود الظلم يوم القيامة

2.1K 130 34
                                    

لم الحاجة للظلم؟ لم تعتدي على غيرك لفظا و فعلا؟ أيؤلمك أن لا تفعل؟ لم تعتمد على انسانيّتي بأنّي لن أفعل شيء لأدافع عن هجماتك؟ لم الظلم؟ لم؟ّ

لم الحاجة للظلم؟ لم تعتدي على غيرك لفظا و فعلا؟ أيؤلمك أن لا تفعل؟ لم تعتمد على انسانيّتي بأنّي لن أفعل شيء لأدافع عن هجماتك؟ لم الظلم؟ لم؟ّ

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

لست أدري كيف و متى لكن خلال لقائي الأخير بعزيز تلاشى كل غضب أحسست به تجاهه.

فبعد كل، اعتذر و أعاد لي الكتب و وعدني أنها آخر مرة سيتدخل في شؤون غيره.

أردت تصديقه و أن أثق به ثقة عمياء غير أن الجزء الذي طالته خيبات الظن و جرحته كان عميقا و لا يزال ينزف.

أردت فعلا تصديق أن هذا أسوأ ما قد يفعله و  أن هذا أسوأ ما قد يحبطني لكن ما مررت به سابقا لم يترك لي فرصة للأمل.

لكن أستطيع اقناع نفسي بأن هنالك ما هو جيد في كل هذا إذا اعتمدت علم النفس العكسي. أعني أني مررت بمحنات سيئة للغاية و أنني كما هو الحال مع الجسم الذي تعرض لأمراض فكسب مناعة ضد آخر جديد لن أحس بأي ألم وجداني أمام سقوط توقعاتي مرة أخرى.

أيعتبر هذا تحيلا على الذات أم تفاؤلا؟

ما الذي درسناه في محور الأخلاق و السعادة في فصل الفلسفة السنة الماضية؟

-آنسة محمودي، أتريدين المغادرة؟

جعلني صوت البرفيسور الغاضب أدرك أني لازلت بالصف و أن الجميع يحدق بي، بما فيهم ريما التي لاحت الشماتة على تفاصيل وجهها.

أجبته بهدوء "لا".
أجابني بعصبية أن أتابعه لأجعل من وجودي أهميّة أو أن أجمع أدباشي و أغادر.

أحرجني ذلك و أحسست برغبة شديدة في البكاء. لم أعتد صراخ أساتذتي لأني لاطالما كنت التلميذة المثالية التي طبقت قوانين القسم الذي يحضنها و رأت في الشخص الذي يدرسها عائلة.

أمضيت ساعة ثقيلة أحاول فيها منع دموعي من الإنحدار و كبت تنهداتي العميقة و تجاهل تمتمات من جلس ورائي.

ما ان رنّ الجرس حتى انطلقت إلى الباب للهروب من ضيق القسم و انفجرت باكية.

لم يكن لي داع لحظور الحصة الثانية بعينين سال كحلهما على خدين احمرّا حرجا لذلك وجدت نفسي أمام الكليّة وحيدةً.

كنت لأذهب للمكتبة العمومية لأدرس ما عدلت عن حضوره و لكنّي أدرى بأنّ عقلي لن يسمح لي.

تنهّدت و بدأت سيري صوب المبيت الجامعي. كان الطريق شبه فارغ نظرا لكون الكل يدرس أو يعمل لذلك تركت دموعي تنهمر إلى أن انعدم الإحساس بالحرج في قلبي.

ظننت أنّ جرعة شقائي لهذا اليوم استنزفت و لكنّ الخمس غرباء الذين وقفوا أمامي حاملين لسكاكين جعلوني أراجع معلوماتي.

لم أتصوّر أنّه سيأتي يوم لأكون عرضة لسرقة شوارع فأنا بنت مدينة صغيرة هادئة كلّنا يعرف الآخر و يثق بكونه في سلام مادام في ضوء النهار. لم أعرف عن هذا النوع من السرقات سوى ما نبّهني عنه أخي و أنّه  عليّ اعطائهم ما يريدون. و حاليّا لديّ حاسوبي المحمول و كلّ ما يحمله من بحوث و أعمال، هاتفي الشبه صالح للعمل، مال و كتبي.

خفت كثيرا و لم أدري إذا ما وجب عليّ الفرار أو المشي تجاههم حتى لا أثير غضبهم. زالت كلّ الاحتمالات عندما تقدّم منّي أكثرهم إخافة و أمرني:
-أعطني ما لديك.
عندما رأى تردّدي وضع السكين تحت عنقي.
أحسست بالظلم و القهر و فتحت حقيبتي و مدّيته بحاسوبي المحمول و هاتفي و المال الذي بحوزتي.
ابتسم و أضاف:
-أ أنت متأكّدة أنّ هذا كلّ ما لديك؟
أومأت برأسي لعدم قدرتي عن الإجابة. كان وجودهم يلفت نظر بعض المارّة و مع ذلك لم يحاول أحد و لو أن يبدي انزعاجه من وجودهم أو ممّا يفعلون فضلا عن محاولة إيقافه.

ضحك الشابّ مستهزءا و أمسك بقلادتي الذهبية التي نسيت أمرها و جذبها بقوّة مقطّعا إيّاها على عنقي.
ضحك مع من معه ثمّ رمى بهاتفي على الأرض و قال:
-تستطيعين الاحتفاظ به. ليس كأنّني سأستطيع بيعه بشاشة مهشّمة كتلك.

لمّا غادر كلّهم النهج التفّ حولي بعض الأشخاص يسألونني عن حالي و إن ما كنت بخير، إن أردت كأس ماء أو كرسيا أجلس عليه.

أثار ذلك غضبي إلى أبعد الحدود. كان أمرهم كمن شاهد شخصا يغرق و لم يحرّك ساكنا و عندما قذفه البحر سألوه عن حاله.
تجاهلتهم و أخذت هاتفي من الأرض. أحسست بشيء ما دافئ يسري على عنقي فوضعت يدي عليه و بحثت بأناملي عن المصدر إلى أن لامست سائلا.
جذبت يدي لأرى دما يلطّخها. دما أحمرا، متخثّرا و غامق اللّون.
انهمرت دموعي ثانية و أحسست بحقد يتولّد تجاه من سرق ما كلّف والدي الكثير ليقتنيه و تجاه من تركهم يأخذون قلادتي، الشيء الوحيد الذي يذكّرني بجدّتي رحمها اللّه.

تحاملت على نفسي و دعيت اللّه أن يصبّرني على ظلم عباده و عدم اهتمامهم بغيرهم.

مشيت بخطى ثقيلة إلى أن وصلت إلى المبيت الجامعي.

قرّرت أنّي لن أخبر عائلتي حتى لا أزيدهم همّا و أحرجهم بتعويضي ما سرق منّي. بعد كلّ، كان هذا خطئي و سأصلحه بنفسي حتّى إن تطلّب الأمر الكثير من الإقتصاد و التخلّي  عن بعض الوجبات  لتوفير ثمن حاسوب محمول آخر.

ما إن دخلت غرفتي، اندفعت نحو سريري و ارتميت عليه. استمررت في البكاء إلى أن نمت.

 استمررت في البكاء إلى أن نمت

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

ّ

قلوب لطيفة (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن