أنا جدّ آسفة لتأخّري بالتحديث و لكن أحسست بأنّ عقلي خلا من الأفكار و أنّ أيّ خطوة بدأت بتحريرها أخذتني بعيدا عن تخطيط الكتاب. حاولت قدر المستطاع اليوم بأن أكتب شيئا ما و لو قليلا كشكر عن ال2k لذا لن يحدث الكثير في الفصل و لكن على الأقلّ تسهيل لما سيحدث بعد.
قراءة طيّبة.******
بعد مساعدة هدى بإزالة بقع القهوة من فستانها و تجفيفهم بمجفّف الشعر، قرّرّت أنّه من الأفضل لي أن ألحق عزيز و أبدأ بتحضير حقيبتي أنا أيضا.
عند دخولي الغرفة لم أجد أثرا لعزيز غير ملابسه المكدّسة على السرير. كدت أقسم أنّي رأيته يدخل الغرفة.
بطريقي إلى خزانة الملابس، سمعت صراخا جعلني أقفز في مكاني. إلتفت إلى مصدر الصوت لأرى عزيز، عبر الباب الزجاجي، بالشرفة على الهاتف. لابدّ أنّ هناك مشكل ما بشركة جدّه لأنّه بدا غاضبا جدّا و لا أظنّ أنّ هناك سببا آخر غير هذا.كنت سأتجاهل الأمر و لكن التفات عزيز و توقفه عن نطق كلماته التركية بنسق سريع جمّدني في مكاني.
فُتح فمه كأنّما رؤيتي هنا غير متوقّعة. همس شيئا غير مفهوم للهاتف ثمّ وضعه في جيبه.دخل عبر الباب الزجاجي و لم يقل شيء. فقط وقف يراقبني من هناك.
شيء ما لا يبشّر بخير.
أو هي مجرّد وساوس شيطان؟
أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم.بادرت القول:
-أكلّ شيء على ما يرام؟
-كلّ شيء مذهل. فقط بعض المشاكل بمشروع، بعض أفراد الفريق لم يقوموا بعملهم.إجابته كانت جافّة و لم تشفي فضولي لذلك عند مروره بجانبي في طريقه إلى الباب أمسكته و ذكّرته:
-وعدتني أنّه لن يكون هناك مزيد من الأسرار.
من دون أن يكلّف نفسه النظر إليّ، قال:
-نعم...لا مفاجآت.
-ليس عليك أن تخبرني إن كان الأمر يدفع إلى الإحراج و الإنزعاج و لكن أريدك أن تعلم أنّنا لسنا إثنين بل شخص واحد، نحن وجهان لعملة واحدة و مشاكلك هي مشاكلي. أقلّ ما سأفعله هو دعمك.جعله ذلك يلتفت إليّ بعينين مليئة بالإعجاب. تركتُ يده فقط ليحجزني بحضن كاد يحطّم قفصي الصدري.
همس بأذني:
-جمالك يتجاوز كلّ الحدود، لست أعرف ما الأجمل...روحك، قلبك أم براءة نظراتك؟شعرت بدقّات قلبي تتسارع و بقشعريرة تسري بكامل جسدي. لولا حضنه ما كنت لأتمكّن من الوقوف أكثر فهو...مخدّر.
أدرت يديّ حول خصره و بادلته العناق:
-أنت الشخص الأجمل بيننا الإثنين... ولا تحاول حتّى أن تنكر ذلك.وضع ذقنه على كتفي و أضاف:
-أستطيع أن أبقى هكذا إلى الأبد، هنا، معك.سرق منّي ذلك ضحكة و أجبته:
-ربّما و لكن ليس اليوم. علينا أن نجهّز حقائبنا فزفافنا لم ينته بعد.إحساسي بالبرودة فسّرته المسافة التي فصلتنا الآن.
-أعتمد عليك في إفشال لحظاتي الرومانسية.
-أوه يا رومانسي، إذا لم تجهّز حقائبك سأتركك و أذهب مع عمّ محمّد إلى تركيا.قرن حاجبيه و بعد تفكير قال:
-أ أنت متحمّسة؟
-أ تمزح؟ هذه أوّل مرّة لي أسافر خارج تونس! لم لا أتحمّس؟إبتسم كما يفعل عادة و قال:
-سأريك العالم!ضحكت لغزله و قلت:
-أذكّرك أنّ تلك الحقائب لن توظّب نفسها و لا غزلك سيفعل!
-ظننت أنّ زوجتي الجميلة قد تساعدني.
-أوه زوجتك بالكاد ستتمكّن من تجهيز نفسها لتواصل حديثك.
ّ
تنهّد عزيز و ذهب إلى السرير أين تكدّست ملابسه و تنهّد ثانية.
ّ
تنهّدت أنا أيضا لعدم معرفتي من أين أبدأ.******
وجدنا أنفسنا، مع التاسعة ليلا، بالطائرة. العمّ محمّد أمامنا و أنا و عزيز بمقعدين متجاورين.
-لست أدري لم لا تودّين الجلوس قرب النافذة. عادة ما يطلب الأشخاص مقعدا بجوار النافذة.نظرت إلى عزيز كمن فقد عقله:
-لأنّني سأصاب بالدوار لو رأيت مدى ارتفاعنا. ربّما أتقيّأ أيضا.
-أتخافين المرتفعات؟
-لا فقط لديّ رهاب من وسائل النقل الجماعيّة. إذا كنتُ بقطار أتخيّل اصطدامه بآخر و إذا كنت بسفينة أتخيّل سقوطي و من ثمّ إلتهام قرش لي أو تقطيعي بمروحة السفينة....الآن و أنا بطائرة أتخيّل سقوطها.أمسك يدي و بدأ برسم دوائر في كفّي بإبهامه. إبتسم و قال بعفويّة:
-لا تخافي، حتّى لو سقطت سنموت معا. رومانسيّ صحيح؟جذبت يدي و قرصته من ساعده.
-آوه، آوه...سحقا، هذا ما تحدّث عنه ياسين؟
أثار ذلك انتباهي:
-ما الذي تحدّث عنه ياسين؟
-قرصك! نبّهني من أن لا أثير إغضابك لشدّة قرصك! إنّه حتّى أراني كدمة زرقاء قال أنّ السبب قرصك له.حاولت أن لا أضحك و قلت:
-أنا لا أظلم، إذا قرصتك فأنت تستحق ذلك.
-فعلا؟ و ما هو ذنبي إن كنتُ عاطفيّا و كنت متحجّرة القلب؟
-أتدّعي ذلك عاطفيّة؟ الموت؟ إثر سقوط طائرة؟ حرقا؟
-لم عليك أنت تفسدي الأمر؟ الفكرة بذاتها كانت جميلة—نظرتي القاتلة جعلته يتوقّف في كلامه.
-حسنا، حسنا. لن أزعجك.
-لازلت محتارة، كيف لاتزال تتنفّس بعد إعترافك لياسين بأنّك تشجّع الإفريقي.
-لست أدري...ربّما خاف من قرصاتك؟
-يُمكن. كيف لك أن تشجّع فريقا فاشلا على كلّ حال؟
-لا تقولي لي أنّك من جماهير التّرجي.
-بالطبع أنا كذلك!
-سحقا.
-لك.ربّما أثار ضجيجنا إزعاج العمّ محمّد لأنّه التفت إلينا ثمّ خاطب عزيز بالتركية بنبرة حادّة بينما بدا عزيز محرجا و هو يدلّك مؤخرة رقبته.
سألته:
-أ أزعجناه؟
-قليلا.
صمتتُ إثر ذلك فقط لتتكلّم مضيفة الطيران و تعلن إقلاع الطائرة.أحسست بأنّ أعضاء بطني التصقت بظهري. كان إحساسا غريبا و مزعجا.
وجدتُ عزيز ممسكا بيدي ثانية كأنّما يعلمني بأنّه هنا لأجلي.
ضغطت على يده أكثر عندما أطفئت الأنوار.
أحسستُ بالنعاس أيضا لذا وضعت رأسي على كتفه و إقتربت أكثر و حضنتُ ساعده.
ساعده كان عريضا ممّا دفعني للسؤال:
-أ تتمرّن؟
ضحك قليلا و قال:
-نعم، أيعجبك ذلك؟
-كثيرا...وجودي هكذا معك يشعرني بالأمان.
-يسعدني سماع ذلك، يا جميلتي.تجاهلت آخر ما قال و إقتربت أكثر لتنعدم المسافة بيننا.
أنت تقرأ
قلوب لطيفة (مكتملة)
Teen Fictionليلى فتاة تونسية، صاحبة أهداف كبيرة. لا طالما كان هدفها من الحياة، إرضاء خالقها و والديها ثم تحقيق حلمها. ألا وهو الإلتحاق بكلية الطب. لكن الكثير يمكن أن يحدث و يحول بيننا و بين أحلامنا. بعضنا قد يتحطم و يفقد الأمل في إمكانية تحقيقها بينما يتشبث الب...