لم أنم ليلتها. لم أبك. لم أحزن حتّى.
لم أحسّ بشيء و لكن قلبي لم ينقبض تبعا للحنه المعتاد.
بقيت أراقب لون السماء يبهت من الأسود إلى الأزرق الممزوج بالأحمر الدامي لتطرده بعد زقزقة العصافير.عندما رنّ جرس الهاتف ليعلن السادسة و نصف صباحا لم أر جدوى من محاولة إغلاق عينيّ.
نهضت و ذهبت إلى الحمّام لأجهّز نفسي.
السابعة و ربع وجدتُني أمام المرآة أضع حجابي فوق رأسي. مهما حاولت إلاّ أنّه بات ينزلق يمينا و يسارا.
-أتريدين مساعدة؟
صرخت من الفزع، الدبابيس تساقطت من يدي. نظرت بحقد نحو مصدر الصوت عن طريق المرآة.
تجاهلت وجوده.أعرف لمَ هو هنا. يريد أن يحادث غضبي. يستفزّني لأكفّ عن تجاهله.
لن يحصل عن ذلك اليوم أو أبدا.إنحنيت و إلتقطت الدبابيس في صمت. عندما وقفت، وجدت إنعكاسه أكبر ممّا كان عليه. تجاهلته و بدأت العمل على حجابي ثانية.
حلّ صمت ثقيل بيننا.
-أنا حقّا أحبّك ليلى مهما أردت أن تكذبي على نفسك و تدعي غير ذلك.
-الوقت أبكر من أن أتعامل مع هذه الأكاذيب.
رأيته يتنهّد:
-ماذا نفعل إذا؟إلتفت نحوه بعد أن إنتهيت من ترتيب حجابي:
-نتجاهل بعضنا البعض.حاولت أن أتجاوزه و أخرج من الغرفة و لكنّ يده أوقفتني:
-و إلى متى؟
إبتسمت:
-إلى أن تملّ منّي و تصرفني إلى والدتي ثانية.رأيته يفحص وجهي. بحثا عن ماذا؟ أرجو أن لا يكون يبحث عن رماد حبّ يريد أن ينثره حولنا فيفقدنا وعينا في متاهة أفقدتني نفسي.
-ماذا سأفعل معك؟
-لا شيء.إبتسم كمن يخفي سرّا. يداه وقعتا على كتفي و بدأتا تطبع بصماته في بشرتي. أنا أنتمي إليه. هذا ما يريد قوله.
تمالكت أنفاسي و جعلت أثر عليّ يتلاشى:
-هل إنتهيت؟ بعضنا لديه كليّة يذهب إليها.
ضحك:
-كيف ستتخلّصين منّي بعد أن تنتهي السنة الدراسيّة؟بلعت ريقي. مع حلول الصيف سأكون معه طيلة الوقت.
إبتسمت و أدرت يداي حول معصميه:
-أستطيع تدبّر ذلك.
نزعت يديه عنّي، و عندما حاولت مغادرة الغرفة لم يوقفني.****
وجود الطريق إلى الكليّة لم يكن سهلا مطلقا. و لكن تمكّنت من ذلك.
وصلت باكرا و لم أدرك أنّي لم أتناول الفطور إلاّ عندما هاجمتني رائحة الكافيين المتأتيّة من مقهى الكليّة. دون تفكير توجّهت إليه و طلبت قهوة و قطعة مرطّبات.جلست بإحدى الكراسي، أسبح في عمق هدوء أفكاري. دقائق قليلة قبل بدء المحاضرة.
عندما رنّ الجرس كنت قد انتهيت من قهوتي. نهضت من مكاني و واتجهت نحو قاعة الدرس و تجاهلت نظرات ياسمين.
أخذت مقعدا من الصف الاول و بدأت إخراج أدواتي عندما احسست بأحدهم يحتل المقعد بجانبي.
أنت تقرأ
قلوب لطيفة (مكتملة)
Novela Juvenilليلى فتاة تونسية، صاحبة أهداف كبيرة. لا طالما كان هدفها من الحياة، إرضاء خالقها و والديها ثم تحقيق حلمها. ألا وهو الإلتحاق بكلية الطب. لكن الكثير يمكن أن يحدث و يحول بيننا و بين أحلامنا. بعضنا قد يتحطم و يفقد الأمل في إمكانية تحقيقها بينما يتشبث الب...