عندما توجّهت مع ياسمين إلى الكليّة هذا الصباح، كنت أدرك أنّ عزيز سيحاول لقائي. رغم ذلك لم أظنّ أنّ ذلك سيحدث قبل بداية الحصّة الأولى.
ألفيته من بعيد، داخل سيّارته واضعا رأسه على المقود.
ياسمين لم تره لذا إغتنمت الفرصة و جذبتها من يدها لأتفادى الحديث معه.
واصلت المشي نحو باب الكليّة، ظنّا منّي أنّه لم يرني حتّى سمعته يناديني من الخلف.
-ليلى!
وقفت في مكاني و إنتظرت حتّى لحق بنا.
حبست أنفاسي عندما قابلت عينيه العسليّتين. يوما آخر ، لونهما كان ليملأني بالدفأ و الحنان و لكن ليس اليوم.عيناه كانتا حمراوتين و هالات سوداء إمتدّت تحتهما.
أحسست بقلبي يعتصر لرؤية حاله و لوهلة كنت سأتقدّم لأمرّر أصابعي بين خصلات شعره الكارثيّة لولا لم يكن الأمر غير مرضيّ أمام العلن أو لو لم أخف منعه لي.
-هل أستطيع التحدّث مع ليلى على إنفراد؟
قبل أن أتمكّن من منعها، خانتني ياسمين بقولها:
-طبعا، ليلى لديها الكثير لتقوله!أخفضت نظري إلى الأرض و حافضت على صمتي حتّى فاجئني و تحدّث:
-سأذهب لبريطانيا غدا لأقدّم ملفّي. سأبقى هناك شهرين قبل أن أتخرّج و أعود—تظاهرت بعدم الإهتمام و قاطعته:
-ما هو السبب الرئيسي لوجودك هنا عزيز؟تحرّك في مكانه و بدأ بتدليك ظهر رقبته قبل أن يقول:
-أنا هنا لأعتذر. أنا آسف.رغم أنّي لم أتوقّع إعتذاره إلاّ أنّه لم يثر إعجابي.
-على أيّ شيء تعتذر؟
-على كلّ شيء؟جمعت أصابعي بكفّي كقبضة و حاولت تمالك أعصابي.
-أنت لا تعرف حتّى خطأك.
-ليلى...
-كنت تستطيع التفكير في ما حدث أمس و التفكير في إعتذار قبل أن تنام كالملائكة.رأيت شرارة الغضب بعينيه و عروق رقبته تظهر:
-أنام؟ كيف؟ كدت أفقد صوابي مع كلّ الإحتمالات التي صنعها عقلي لما قد يكون يحدث لك فيما جلست على السرير دونك!
-من المريح سماع ذلك، فعلا من المريح سماع ذلك لأنّه في نهاية اليوم ... أنت من أدرت ظهرك و تركتني! لماذا؟ لأنّي أزعجتك بمساعدتي!كنت سأقول المزيد لو لم يرنّ الجرس. عدّلت حقيبة يدي و أشرت إلى مبنى الكليّة برأسي:
-عليّ الذهاب...
-آه... نعم، طبعا. هل ستعودين إلى المنزل؟بعد تردّد، أومأت رأسي.
-متى تنتهي حصصك؟
-الرابعة مساءً.
-ستجدينني هنا.أومأت ثانية و بدأت ألتفت نحو الكليّة إلاّ أنّه أمسك معصمي بيده.
وضع علبة صغيرة بحقيبتي و ذهب.
أنت تقرأ
قلوب لطيفة (مكتملة)
Teenfikceليلى فتاة تونسية، صاحبة أهداف كبيرة. لا طالما كان هدفها من الحياة، إرضاء خالقها و والديها ثم تحقيق حلمها. ألا وهو الإلتحاق بكلية الطب. لكن الكثير يمكن أن يحدث و يحول بيننا و بين أحلامنا. بعضنا قد يتحطم و يفقد الأمل في إمكانية تحقيقها بينما يتشبث الب...