"كل شيء يمكن أن يكون له فرصة ثانية إلا الثقة."-مصدر مجهول.
انتهت كل حصصي الصباحية فوجدتني بحديقة الكلية محتلة كرسيا معزولا لأراجع ما درسته بعيدا على ضجيج الطلبة المتفرغين للحديث.
مرّت قرابة الساعة و أنا أفسر التفاصيل و أدقق في الرسوم البيانية و أكتب الملاحظات إلى أن أحسست بوجود شخص ما خلفي فجئيا. أفزعني ذلك و استدرت لارى ان ما كان شخص ما فعلا ورائي.نفخت في إزعاج متكلف دون أن أنجح في اخفاء البسمة التي اعتلت محيّاي ثم قلت:
-عزيز؟ ماذا تفعل هنا؟
جلس بجانبي و أخذ الكراسة التي كانت بيدي و أجابني:
-أزورك...حياتي.
صعقني جوابه و لم أدري ما أجيبه فكان علي اللجوء إلى الصدق هذه المرة:
-توقف عن فعل ذلك.
-فعل ماذا؟
-الإعجاب بي.
-لماذا؟
-لأني لن أكون شخصا يتأثر للكلام اللطيف. لا طالما كنت هكذا، لا أستطيع التفاعل مع أي نوع من الكلام عدى الذي يستفزني. أيضا إذا ما تجاوزنا تلك المرحلة سيكون عليّ اخبار أمي بأنني أرى شخصا ما.
-لا أمانع.لست أدري لماذا أسعدني قوله ذلك. ربما لأن أحدهم وضع فيّ الثقة دون أن أعمل لكسبها.
أخذت كراستي من بين يديه و واصلت الحديث:
-ليس و كأنك ستفهم أي شيء من تخطيط عصبي. ماذا تدرس على أيّة حال؟
-أعمال.
-بتركيا؟
-بريطانيا.
-واو. ألا تزعجك كل هذه التعقيدات بحياتك.
-ليس كثيرا.
-ماذا تريد أن تصبح؟
-ليس لدي اختيار حقيقة. أنا و أخي عمر سنلتحق بشركة الوالد عندما ننهي تعليمنا.أخذ مني الكراسة ثانية و تأملها. تصفح أوراقها قليلا ثم أعادها إليّ. ابتسم و أطال النظر في وجهي ما جعلني أخاف إذا ما سال كحلي و لطّخ ما أسفل عيناي. لابدّ أنني أبدو كالباندا إذا كان الأمر كذلك. سألته:
-لماذا تنظر إليّ هكذا؟
-سنكو سان جوزالسين.
-هاه؟كان سيجيب لولا جلوس شخص ما بيننا. هذا الشخص لم يكتف بذلك، بل عانقني حتى كاد قفصي الصدري أن يتحطم و كدت أخنق من ضيق النفس.
-ليلى! أعز صديقة في العالم! كيف حالك؟
-ريما أنت تخنقنني.وضعت ريما يديها بجانبها و نظرت إلى عزيز و قالت:
-من أنت؟ لم أرك بالكلية من قبل؟
أتمزحين؟ هل تفعل ما أظن أنها فاعلة؟
لم أترك لعزيز الفرصة ليتكلم و أجبتها ببساطة:
-هذا عزيز، الشخص الذي رأيتني معه بالأمس.
لوهلة رأيت وجهها يفقد لونه لتبتسم من جديد و تقول:
-آه تذكرت. ليلى لم تخبريني شيئا عن صديقك. أتحاولين إخفاءه؟
سبقني عزيز إلى القول و خاطبني ضاحكا:
-أصدقاء؟ أهذا ما تخبرين الكل؟ أستخبرين أمّك أنّي مجرّد صديق؟
-لا! أنا لم أقل أنّك صديق أو أيّ شيء. ريما فقط لا تعلم ماذا يجري بيننا و تقول ما يجول في ذهنها.
صمت عزيز لتتكلم ريما:
-صحيح، ليلى لم تقل شيئا. أنا توقعت أنكما مجرّد صديقين فقط، لأنّه صراحة لا تليقان ببعضكما. لا أرى أيّ انجذاب.
أثار ذلك غضبي و أجبتها:
-شكرا ريما لتعليقك اللطيف. ربّما تستطيعين أن تسبقيني إلى الغرفة؟ سأنهي الإستماع إلى نصائحك هناك.
أنت تقرأ
قلوب لطيفة (مكتملة)
Novela Juvenilليلى فتاة تونسية، صاحبة أهداف كبيرة. لا طالما كان هدفها من الحياة، إرضاء خالقها و والديها ثم تحقيق حلمها. ألا وهو الإلتحاق بكلية الطب. لكن الكثير يمكن أن يحدث و يحول بيننا و بين أحلامنا. بعضنا قد يتحطم و يفقد الأمل في إمكانية تحقيقها بينما يتشبث الب...