ما بعد الذهاب

1.3K 108 9
                                    


استفقت مبتسمة لنومي هانئة بجانب عزيز. مددت يدي دون أن أحاول فتح عينيّ لألعب بشعر عزيز. عندما طال بحث يدي أدركت أنّه من الأفضل لي أن أفتح عيناي و أكافح قوّة أشعّة الشمس.

ما أفزعني لم يكن ضوء الشمس المتسلّل من الغرفة بل كان شيئا أسوأ. كان الجانب الفارغ من السرير.

جلست في مكاني و أمسكت رأسي بيدي محاولة تخفيف الصداع:
-لا لا لا لا لا! لن يذهب دون وداع! لن يتركني و يذهب بهذا الشكل!

نهضت من السرير و لبست خفّي و ذهبت إلى الحمّام. لم أجده هناك فاكتفيت بغسل وجهي بسرعة قبل
أن أهرول إلى الطابق السفلي.

بعد أن ولجت العديد من الغرف انتهيت بالمطبخ حيث وجدت العمّة سناء تترشّف القهوة.
-عزيز؟ هل رأي—
-صباح الخير يا ليلى.
لم ترفع حتّى نظرها.
-صباح الخير عمّتي. عزيز—
-نعم رأيته. من تظنّين أقلّه إلى المطار غيري؟
عضضت على شاربي الأسفل في إحباط.
-ذهب؟

وضعت الفنجان الذي كان بيدها على الطاولة و وجّهت نظرها نحوي:
-ماذا تعتقدين؟

رفضت أن أتركها ترى مدى وقع كلماتها عليّ.
-معك حقّ. عزيز ذهب.
عدت أدراجي إلى الغرفة و بدأت الإستعداد ليوم دراسي آخر.

صرت أكرهها فعلا. لم أعد أطيق مجرّد فكرة وجودنا تحت السقف.
أغلقت حقيبتي و وضعتها على ظهري.

غادرت المنزل دون أن أودّعها و في ذهني مختلف الطرق لمواجهة عزيز اللحظة الأولى التي سيخاطبني فيها.

كيف له أن يذهب دون وداع؟
أعلم أنّي أبدو طفوليّة و لكن بالكاد وصلنا إلى هدنة. وددت لو ترك صورة أفضل قبل أن يذهب.

أظهرت بطاقة الطالب إلى المراقب عند مدخل الكليّة و واصلت طريقي نحو الأقسام.

ولجت القسم و و جلست بجانب ياسمين.
كمن يخاف أن يعكّر صفو صباحي، صوتها خرج ضعيفا:
-صباح الخير...
-صباح الخير.

صمتت قليلا و سألت:
-أنت بخير؟
-لم لا أكون؟
-أنت و عزيز—
-بخير.
ّانقطع حوارنا هناك.
****

كنت في المكتبة غارقة بين الكتب، أحاول تلخيص أكبر حدّ من المعلومات عندما لمعت شاشة هاتفي باسم شخص ما. شخص أصبح يغضبني بشدّة هذه الأيّام.

أخذت الهاتف و غادرت المكتبة إلى حديقة الكليّة.

بعد قبول الاتّصال، رفعت الهاتف إلى أذني:
-ماذا؟
صوته عبّر عن الحيرة:
-ليلى؟
-نعم، أنا. ماذا تريد؟
-أكلّ شيء على ما يرام؟
بسخرية، أجبت:
-جدّا!
-أفعلت شيئا ما؟
-لا.
-حسنا. إتّصلت لأطمئنّ عليك.
-آه.
-أكلّمك بالليل إذا؟
-آه.
***
لم يتّصل عزيز في الليل. لم يترك حتّى رسالة.
في اليوم الموالي، اتّصل ثانية و إعتذر. سأل أسئلة تافهة و سطحيّة فقط ليعتذر في الآخر أنّ عليه إنهاء المكالمة بسبب العمل.

مضى الأمر على نفس المنوال و مع اقتراب الإمتحانات وجدت طاقتي لا تحمل فتح موضوع مع عزيز حول علاقتنا التي أصبحت مثيرة للشفقة.

كلّ شيء أصبح ضبابيّا عندما أجلس مع ياسمين لساعات نراجع دروس أكاد أقسم أنّها لا تنتهي. أهملت صحّتي و علاقاتي.

بدأت أفقد وزنا بطريقة مثيرة للقلق و تركيزي أصبح ضعيفا. و رغم أنّ تغيّر طبع عزيز أزعجني إلاّ أنّي لم أفعل شيئا لأواجه المشكل.

و أعتقد أنّ ذلك كان خطئي لأنّه لا شيء جهّزني لما كنت سأواجهه.
ليس حتّى اعلام عزيز لي بعودته نهاية الأسبوع.

فقط ظننتُ أنّ كلّ شيء سيعود لمجراه.
****

أعلم، أعلم.... لقد اختفيت في ظروف غامضة. حسنا ليست غامضة جدّا.

لنقل أنّ الكليةّ ليست سهلة بالمرّة. إنّها جحيم لا متناهي. و رغم أنّي أدرس حلم حياتي إلاّ أنّي لم أعد واثقة كما كنت.
لألخّص الأمر. وقت فراغي انعدم. عقلي بات ثقيلا بكميّات هائلة من المعلومات و غير قادر على تأليف جملة.
و رغم ذلك حاولت مرارا و تكرارا تحديث القصّة و لكن لم اجد شيئا اكتبه. قد تلاحظون ذلك من الفصل القصير، و لكن قلت افضل من لا شيء. صحيح؟

فصل او اثنين و تنتهي قصّة ليلى و عزيز.

قلوب لطيفة (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن