كما قص علينا الشيطان ... الحلقة الأولى

2.6K 91 85
                                    

الخطايا لا تموت

#الحلقة_الأولى
كانت ليلة شتوية قاسية ... الساعة الثانية بعد منتصف الليل ... الظلام حالك ... لا قمر في السماء ... والنجوم كأنها ملت هي الأخرى ...

فركت يدي لعلي أدفئها قليلا ... ثم أخرجت علبة السجائر من جيب معطفي ... أشعلت واحدة علها تدفئ صدري ... وكنت في حاجة ماسة للنيكوتين أيضا ... سيقتلني التدخين ذات يوم ... لكن الأهم الآن أن أحافظ على تركيزي ...

كالعادة ... لم أنم ولو قليلا ... منتظرا زميلي في سيارتي ... في ذلك الشارع المظلم ... لا نور سوى المنبعث من لفافة السيجارة المشتعلة ... تبا ... لقد تأخر فعلا ... اتصلت به ... اللعنة ... لِمَ لا يجيب ... سوف نتأخر ... ووراءنا سفر طويل ... ويجب أن نصل صباحا ...

قبل أن تنتهي السيجارة ... وقبل أن آخذ هاتفي المحمول لأتصل مرة أخرى ... فوجئت بباب السيارة الخلفي ينفتح ... ورأيت زميلي ... والذي سأكتفي بالإشارة إليه بالحرف س ... يدخل السيارة ... كان منظره مضحكا ... فلم يكن يظهر منه سوى عينيه ... فقد ارتدى من شدة البرد كل شيء يملكه كما يبدو ...

أنا:
لِمَ تأخرت؟ ولِمَ لم ترد على اتصالي؟
س:
لم أكن بجوار هاتفي ... أعتذر.
أنا:
كنت أظنك نائما كدب قطبي ... وقلت بأنك لن تصحو في هذا البرد ... لو تأخرت قليلا لكنت تحركت بدونك.
س:
لا تقلق فأنا مثلك لم أنم أيضا ... لكن يبدو بأني سأنام الآن.

رمى س حقيبته في الخلف قبل أن يتمدد على الكرسي الخلفي ويتقوقع حول نفسه من شدة البرد ...

أنا:
كنت أعتمد عليك لكي لا يغلبني النوم وإذا بك تنام.
س:
ساعة واحد فقط.
أنا:
......

قبل أن أتكلم أفاجأ بشخير س ... لا يهم ... أخذت سماعات الأذن ... قليل من الموسيقى ... وكثير من النيكوتين .. سيفي بالمهمة ...

الثالثة بعد منتصف الليل ...
كنا قد غادرنا المدينة ... الطريق خاوية ... والهدوء يعم المكان ... لم أكن اسمع حتى صوت محرك السيارة مع تلك الموسيقى وصوت ذلك الفنان الذي أعشقه بجنون ...

علي .... علي
لم أسمع س بسبب سماعات الأذن ...
علي ... علي ... بصوت أعلى ... وحينها أدركت أن س يحدثني ... نزعت السماعة عن أذني، وقلت له:
خيرا، يا س ...
س:
هل تؤمن بالجن؟ وهل للجن قدرة على التشكل بهيئة بشر؟
أنا:
بالله عليك يا س هل هذا سؤال تسألني إياه في هذا الوقت ونحن في اللامكان ...
س:
المعذرة ... لكني تذكرت أنني كنت مسافرا ليلاً في إحدى المرات ... فتوقفت لأوصل أحدهم ... كنت ساهرا وبلا نوم ... فقلت في نفسي ... لِمَ لا يكون لي رفيق يحادثني كي لا يغلبني النعاس ... وكانت بنيته صغيرة ... فقلت في نفسي: شخص مثله لن يحدث ضررا ..
أنا مازحا:
كبنيتك يا س .... هههههههه
لم يضحك س ... وكأن المزحة لم ترُقْه، أو لم يفهمها ... وواصل حديثه:
كان الشخص غريبا ... تعارفنا في البداية ... ظل صامتا لبرهة ... قبل أن يبدأ الحديث عن الجن ... لم يقلقني الأمر ... بل وجدته موضوعا ممتعا ... قبل أن ألتفت إليه فلا أراه ... لقد اختفى فجأة ...
أنا:
ما الذي تعنيه؟ هل تعني بأنه لم يكن بشريا؟
س :
لا أقصد شيئا ... المهم لا تتوقف لأي أحد ...
وعاد س يغط في نوم عميق ...

الثالثة والنصف بعد منتصف الليل ...

تنقطع الموسيقى فجأة بسبب اتصال وصلني ... من الأحمق الذي يتصل بي في هذا الوقت ... أخذت هاتفي ... وإذا بالمتصل كان س ... المتقوقع على نفسه نائما في المقعد الخلفي ... التفت إليه وإذا به كدب في سباته الشتوي ... بالتأكيد ... لقد نسي هاتفه في المنزل ... وأحد ما يتصل ليبلغه ذلك ...

أنا:
س ... يا س .... س ... يا س ... أحدهم يتصل بي من هاتفك.

لم يجب س ... كان في عالم الأحلام كما يبدو ... لذا اضطررت أن أرد أنا على الاتصال:
ألو ...
المتصل:
يا علي أين أنت؟ لِمَ لم تأتِ؟ مت من البرد وأنا أنتظرك.
أدركت الأمر حينها، وبدأت يدي ترتعش لا إراديا، وبالكاد استطعت الإمساك بالهاتف، والقول:
من معي؟
المتصل:
س يا علي ... ما بك؟ أين أنت الآن؟

لقد كان صوت س حقا ... إذا كان س يتصل بي ... فمن الشخص النائم في المقعد الخلفي؟!

أغلقت الهاتف، ووضعته بهدوء ... صوت شخير س ... إذا كان س فعلا ... تحول إلى صوت مرعب جدا ... التفت إليه مرة أخرى ... يشبه بنية وجسم س فعلا ... لكني لم أرَ وجهه ... تأملت يديه، وحينها أدركت الحقيقية ... هذا ليس س ... هذا ليس كائنا بشريا أيضا ... هل البشر يمتلكون مخالبَ وأيادي تكسوها الشعر؟!

#يتبع_في_حلقات_قادمة

كما قص علينا الشيطان (الجزء الأول) مكتملة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن