كما قص علينا الشيطان ... الحلقة السابعة عشرة ... الجزء الثاني

251 29 20
                                    

كيف بدأ الأمر  ... لست متأكدا  ... لكن أعلم بكل يقين كيف ينتهي

#Telepathy
#الحلقة_السابعة_عشر
#الجزء_الثاني

ما أعلمه أن الأمر بدأ معي منذ ولادتي  ... لو كنت أعي وقتها وأنا مولود  ... لكنت قرأت أفكار كل تلكم النساء اللواتي تجمعن حولي أمي ...

يا له من طفل قبيح  ...
الآن تعتقد بأنها أم الأمير ...
كم اكره رائحة الأطفال ... رائحة الحليب المتخثر مخلوطة ب البراز ...
كنت أتمنى موت هذه الشمطاء أثناء الولادة ...

بالتأكيد هذا ما كان يجول بخواطر تلك النساء المهنئات وقتها  ... لكنهن وكالعادة  ... تصنعن الفرحة والسعادة  ... لم أكن واعيا وأنا مولود بكل تأكيد لكني أجزم أن كل ذلك قيل في أدمغتهن الرمادية  ... أفاعي كما يصفهن غيث

بعد سنوات كان الأمر مرعبا ومخيفا  ... لم أكن يدري ما الذي يجري  ... اسمع أصوات في رأسي تتحدث  ... ضوضاء عشوائية  ... أثر ذلك كثيرا على تطور اللغة لدي

في سن السادسة  ... أدركت أي قدرة أمتلكها ... هل تعتقدون أن الأمر نعمة  ... أن تقراء وتعرف ما يجول في عقول الآخرين  ... إذا كنت تظن ذلك أنتظر قليلا

كانت الشخص الوحيد  ... والتي نقول كل ما يجول في خاطرها ... أمي  ... نوع من الملائكة لا البشر  ... أرى الحب في عينيها  ... قلبها وعقلها  ... وكانت الشخص الوحيد الذي أحبني بصدق

وكأي نعمة  ... لا تدوم  ... توفيت والدتي بسبب المرض وأنا في عمر السابعة

و تزوج والدي  ...

أفاعي  ... أفاعي  ... أرى هذه الكلمة تظهر وتختفي في عقل غيث كلما رأيته  ... أنه صادق في ذلك ...

أفعى ... كانت  ... زوجة أبي  ... كانت تبتسم لي إبتسامة صفراء ... تدعي حبها لي  ... وتلعني في اليوم مئات المرات  ... تضع لي الطعام  ... وأرى الأفكار تراودها بأن تضع لي السم ... السم ذاته الذي ملئت به رأس والدي  ... رأيت مشاعره تتغير نحوي  ... أصبح مثلها  ... يبتسم لي ويطبب على رأسي فيما كان يتمنى أن يضع يديه حول عنقي  ... ليخنقني  ...

أعتقد الآن أنكم عرفتم أي طفولة عشتها  ... وأي نقمة أصبت بها

سنوات الدراسة  ... همم ... مرت سريعا  ... كنت ذلك النوع من الطلاب الذي لا يلحظه أحد إلا في آخر العام  ... من يضطر للمذاكرة بينما يرى أسئلة الإمتحان في رأس المعلم  ... أو الإجابات في أدمغة الطلاب أثناء الإمتحان  ...

ومرت السنوات سريعا  ... تركت المنزل  ... عندما رأيت فكرة التخلص مني تجول في رأس والدي وزوجته الأفعى  ... فلم يعودان يطيقان وجودي  ... خصوصا مع القرد الجديد الذي أنجباه  ...

كم أشتاق ل والدتي ...

وبالحديث عن الأمهات  ... أتذكر أن صادف مروري جنازة إمرأة  ... كان أبنها يحمل النعش ويبكي بحرارة  ... تذكرت والدتي  ... وقبل أن تنهمر دموعي قررت الدخول في عقل ذلك الرجل الباكي على أمه  ... وراء الدموع والنحيب  ... رأيت فرحة وبسمة وشماته  ... لقد قام بكل بساطة بمنع بتغيير دواء والدته المريضة  ... إرضاء للأفعى زوجته التي كانت تضيق بخدمه أمه!

كم رأيت من دمعة تخفي وراءها ضحكة شامتة  ... وكم من بسمة تخفي ورائها جبال من الأحقاد  ... أن كمية النفاق والكذب بيننا مهولة جدا  ... لا تثقوا ب أحد  ... خصوصا المقربين منكم  ... فهم من يستحق جائزة الأوسكار في التمثيل

مر الوقت  ... حياة التشرد كانت لترسل بمراهق مثلي إلى الهاوية  ... لكني لست أي مراهق  ... لم أقراء أفكار الغير فحسب  ... بل بدأت أتلاعب بهم أيضا  ... كل شيء متاح فهم يستحقون  ...

وحين وصلت إلى منتصف العشرينيات من عمري  ... كنت حاصلا على الشهادة الجامعية و موظفا في شركة مرموقة  ... يمكنك الحصول على اي شيء ما دمت تعلم كيف يفكرون وكيف تجعلهم يتخذون قرارتهم

كنت أمقت البشر  ... فأنا من القلائل الذين رأوهم على حقيقتهم المجردة  ... مجرد وحوش بقلوب من حجر  ... لم أكن رحيما تجاه أحد  ... تحجر قلبي هو الآخر

لكن كل شيء تغير  ... ما كنت أظن أن هنالك شعاع أمل في كل هذه الظلمة  ... الا عندما رأيتها  ... كانت تمشي ب إتجاهي ك الغزال  ... رشيقة جميلة فاتنة  ... ك لوحة ل دافنشي  ... ك مقطوعة  ل موتزارت  ... ك قصيدة ل نزار  ...    و فجأة دق قلبي المتحجر  ... أنه الحب  ... ل أول وهلة أشعر به ...

جولة سريعة داخل عقلها جعلني متيم بها  ... لم أرى نقاء وصفاء كهذا من قبل  ... توقفت أمامي فجأة  ... قرأت ما يجول في فكرها  ... إنها موظفة جديدة وتبحث عن قسم التطوير  ... قلت لها فورا قبل أن تسأل:
الأنسة نسرين  ... مرحبا بك في شركتنا المتواضعة  ... أنه لشرف لي أن نعمل معا في قسم التطوير ... دعيني أدلك عليه
أعجبتني الملامح البلهاء التي بدت على وجهها الفاتن فزاده فتنة  ... وسألتني:
ولكن كيف تعرف إسمي؟
كانت أول شخص أود فعلا أن أخبره بما أستطيع القيام به ... لكني أشرت إلى بطاقة التعريف المعلقة على عنقها وقلت:
لم تعتادي على ارتداء البطاقة كما يبدو كل شيء مدون عليها
أطلقت شهقة خفيفة وقالت:
يال غبائي أستميحك عذرا  يا ...
رأيتها تنظر إلى بطاقة التعريف الخاصة بي قبل أن تكمل
م ج ... تشرفت بمعرفتك

يبدو أن الحياة لم تكن لعينة كما توقعت  ... وفي وسط غابة من الأشواك قد تنبت الزهور  ...

نسرين  ... أو الأنسة نسرين  ... حبي الأول و الأخير  ...
#يتبع

كما قص علينا الشيطان (الجزء الأول) مكتملة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن