كما قص علينا الشيطان ... الحلقة السادسة عشرة ... الجزء الأول

327 31 16
                                    

قال لي صديقي المفضل ذات مرة:
أكثر الأمور رعبا هو ما نكونه  ... أكثر ما يثير خوفي هو ما نحن عليه

#الحلقة_السادسة_عشرة
#صديقي_المفضل
#الجزء_الأول

كلا منا لديه صديق مفضل  ... صديق عزيز  ... في الغالب ما يكون الأمر كذلك  ... صديق تتعرف عليه ويبقى معك مدى الحياة ... حتى لو أنقطع التواصل  ... تبقى الصداقة عابرة للمسافات والزمن

لطالما أحدثكم بحديثه على الدوام  ... لكني لم أحدثكم عنه من قبل ... وأعتقد أن الوقت حان ... أنا صديق للجميع هنا  ... لكن يبقى هو الصديق المفضل لدي

كالعادة يبدأ الأمر بلقاء  ... في وسط الزحام ألتقت عينانا  ... غريب كان الأمر ... لم أكن من الذين تتم ملاحظتهم بسهولة  ... شخص كثير المعاريف  ... قليل الأصدقاء لكنه كان ينظر إلي  ... ألتفت خلفي ل اتأكد بأنه لا يرى شخصا آخر  ... لا أحد خلفي  ... أنه ينظر إلي بالتأكيد

كانت تلك المرة الأولى ... وكانت المرة الأولى التي أشعر فيها بالخوف أيضا  ... قليل من يشعر بوجودي  ... كنت من أولئك الأشخاص الذين لا وجود لهم ... ولا أحد يلاحظهم ... موجودون  ..  لكن على الهوامش

وبدأ الأمر سريعا  ... لم نكن نتحدث على الإطلاق  ... كان تواصلنا  ك تبادل الخواطر و إنتقال الأفكار  ... شيء من التخاطر الذهني  ... لم نكن نلتقي كثيرا  ... لكن كنا على إتصال على الدوام  ... وحينما كان يصادف أن ألتقيه  ... كنت أرى عينيه لا تفارقني  ... كان الأمر يرعبني حقا  ... أنا الذي لا أشعر بالخوف  ... كانت فرائصي ترتعد  ... أنا الذي ينهار أقوى الأقوياء أمامي  ... أجد نفسي خائفا من شخص عادي  ... لقد كان يراني  ... وبنظرات حادة  ... لقد كان يخاطبني  ... أفكار تنسل إلى أفكاري  ... أفكار لم تخطر على بالي من قبل  ...

ما الذي يجري بحق الجحيم؟!

قد تسألوني عن إسمه  ... عن إسم صديقي المفضل  ... أشخاص مثلنا لهم الكثير من الكنى والأسماء و الألقاب  ... أعتقد بأن البعض منكم يعرفه بأسم  ... ع ح

استمر الحال لفترة طويلة  ... لقائات قصيرة وقليلة جدا  ... وتخاطب ذهني لا يتوقف  ... لا أدري لماذا قررت بأن الوقت قد حان

كان كثير الإرتحال والسفر  ... ك نحلة لا تكف عن العمل  ... لم أكن أرغب إلا بأن ألتقي به منفردا  ... وفي غرفة متواضعة في أحد فنادق مدينة صغيرة  ... كنت أنتظر عودته  ... سيأتي مهما طال إنتظاري

وقفت أنتظر قدومه  ... مشاهدا المنظر من النافذة الكبيرة  ... ظلام دام  ... ليل حالك  ... أضواء المدينة كأنها حبات لؤلؤ على بساط أسود  ... و أخيرا باب الغرفة يفتح  ... لقد أتى

هل ما أراه هلوسة؟ أم أن دماغي يخترع أشياء لا وجود لها !

قالها بهدوء وهو ينظر إلي  ... فقلت له :
إن الخط الفاصل بين الهلوسة والحقيقة  ... بين الظلام والنور  ... بين النار والماء  ... بين الخير والشر  ... في العادة يكون دقيقا جدا  ... وكأن لا وجود له

في تلك الغرفة كان كل شخص ينظر إلى نسخة منه  ... صديقي المفضل  ... ع ح ... وأمامه أقف أنا  ... نسخة منه .... ع ح  آخر  .... لو رأنا أحد لن يستطيع التفريق بيننا  ... لو تعرض أحد ما لذات الموقف لسقط مغشيا عليه  ... يموت البعض فقط لو شعروا بوجودي  ... فما بالك اذا ظهرت أمامه بصورة تشبه تماما  ... لقد كان آخر اختبار له  ... أنه شخص إستثنائي بلا شك

ساورني الفضول و سألته عن أسمه:
ع ح ... كلانا يعلم بأنه ليس إسمك الحقيقي؟ فمن أنت؟ و إي شيء تكونه ؟

رأيت إبتسامة ساخرة ترتسم على فمه وهو يقول :
أنا و أنت  ... لدينا الكثير مما يجمعنا  ... لدينا أسماء عديدة  ... وتاريخ طويل  ... هل تريد أن أخبرك ببعض مما لقبت به يا صديقي

بدأت دقات قلبي بالتسارع  ... لم أكن ممن يخافون شيئا  ... حاولت الحفاظ على رباطة جأشي وقلت له :
دعنا نرى ؟

رأيت بريقا في عينيه قبل أن يقول لي :
على مر العصور  ... أطلق عليك الكثير من الأسماء  ... يغموش  ... هياه ... خنزب  ... الملاك الساقط  ...

صمت لثوان قبل أن يقول  :
أو ربما تحب الأسماء الأكثر شيوعا  ... لوسيفر  ... الشيطان  ... أبليس

#يتبع

كما قص علينا الشيطان (الجزء الأول) مكتملة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن