الفصل الأول

98.5K 3.6K 1.6K
                                    

أنظر جيدًا.
(كارثة الحي الشعبي)
بقلمي فاطمة محمد.
الفصل الأول:

تقف تلك السيدة التي تبلغ من العُمر سابعة و أربعون عامًا بالمطبخ بجلبابها المنزلي البسيط وحجابها المعقود للخلف يخفي خصلاتها البيضاء الأمامية، تُعد الطعام لزوجها وأولادها الخمس...هاتفها على أذنيها تنشغل بالحديث مع شقيقتها التي تصغرها بعامين تقص عليها تفاصيل يومها وما يخص أبنائها دون ملل أو نسيان لتفاصيل..
-زي ما بقولك كدة..مسحت بكرامتها الأرض..حلوة اوي دي عايزة تشتم في ولادي واسكتلها..طب ده انا ولادي دول مفيش منهم دول زينة شباب الحارة..يكش هي الدنيا اللي ملطشة معاهم حبتين تلاته…

ردت أختها عليها قائلة:
-سيبك يا دلال اللي يكلم يكلم هو الكلام بفلوس..قوليلي أشرف عامل إيه وحشني حبيب خالته ده.

-كويس بيدفع الجمعية اللي دخلها من شهرين وهيقبضها آخر السنة ويجيب الشقة ويجهزها ويجوز هو والمحروسة..ادعيله يا نجلاء ربنا يفتحها في وشه…و

قاطعها صوت "أشرف" ابنها البكري، والذي يكون في آواخر العشرينات...واضعًا يديه بجيب بنطاله المنزلي مستندًا على حافة الباب:
-بقولك ايه ياما خالتي لسة معرفتش اني بشخر وانا نايم..ورحمة ابوكي لتقوليلها أن أشرف بيشخر وهو نايم..

ابتسمت له بأتساع قائلة بمحبة:
-أنت صحيت يا أشرف.

أجاب مطلقًا زفيرًا طويلًا مفارقًا المطبخ متحركًا للصالون:
-لا ياما لسه نايم..

جمعت دلال بعض الخضروات في صحن كبير وانتشلت سكينة متوسطة الحجم وخرجت خلفه كي ترافقة بجلسته والهاتف لايزال على أذنيها تحادث شقيقتها:
-لا ده اشرف صحي..تاخدي تسلمي عليه؟؟

كاد اشرف يضرب على وجهه غيظًا...متمتم من بين أسنانه بنفاذ صبر:
-ياما ارحميني بقى ياما انا لسة صاحي..

جلست على الأريكة وكعادتها لم تبالي له ومدت له يدها بالهاتف:
-خد كلم خالتك نجلاء..

اخذ الهاتف منها وتبادل الأحاديث المقتضبة مع خالته التي بدأت تتساءل عن أحواله وأحوال خطيبته والتي تكن جارته وتدعو "زينة"...

وبتلك الأثناء خرج أخيه "جابر" من الحجرة وأنامله تفرك عينيه..فصاحت دلال وهي تلوي فمها:
-يخربيتك يا ولا يا جابر أنت لسة منزلتش الشغل…

رد بصوت ناعس متقدمًا منها جالسًا جوار أخيه:
-هيتخرب اكتر من كدة ايه انا اطردت صاحب الشغل طردني انبسطي ياما اقولك زغرطي…

ضربت على صدرها قائلة بحسرة:
-يادي المصيبة انتوا عايزين تموتوني…تشلوني..تجلطوني...ربنا يخدني عشان ارتاح منكم..يا حسرتك على شبابك يا دلال..

أنظر جيدًا (كارثة الحي الشعبي) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن