الفصل الثاني والأربعون

26.1K 2.5K 605
                                    

أنظر جيدًا.
كارثة الحي الشعبي.
فاطمة محمد.
الفصل الثاني والأربعون:

لم تريحه تلك الكلمات وهذا الاعتراف بل أضاف بذات الوجع:
-كفاية عليك الشيخ خليل…المحترم...اللي مبيسبش فرض...اللي مبيرفعش عينه في واحدة….اللي دايما بتثق فيه وبتحبه اكنك مخلفتش غيره…….مظنش اني لو مشيت وسبت البيت هتزعل..بالعكس هتفرح...

لانت تعابير "سلطان" الغاضبة المنفعلة وانعقد لسانه..لم يتوقع أن تخرج تلك الكلمات ويظهر هذا الألم بنبرة وعين إبنه...ألم حقيقي..لا يزيفه أو يحاول خداعهم به...تراكمات نشأت بداخله منذ سنوات والآن يفجرها بوجوهم….لأول مرة يلزم الصمت أمامه...فقط يحاول أن يعلم ما يدور بداخله وبماذا يفكر وكيف وصل إلى هذا الحال..….

لم يهتم "جابر" بحالة أبيه..نظر نحو والدته والتي كانت عاقدة لحاجبيها والاستنكار يأخذ مساره على وجهها...تقدم منها بخطوات بطيئة مستمعًا لصوتها الذي خرج يعنفه ويسخر منه ومن كلماته بذات الوقت:
-أنت بتقول إيه يا موكوس يا بن الموكوسة بقى إحنا مبنحبكش؟!!!

ابتسم لها بذات الألم يكز على فكيه بقوة، مجيبًا عليها بحدة وانفعال صدر منه رغمًا عنه:
-بضبط...موكوس...فاشل...صايع... بتاع بنات...مفيش منه فايدة ولا رجا….كل دول القابي وصفاتي….تيجي كدة نعمل مقارنة صغيرة بين كلامك مع اشرف وكلامك معايا؟ تيجي..يلا..يلا بينا.

رفع ذراعيه وضرب على صدره يشير نحو ذاته وبصوت رج أركان المنزل من قوته وقهرته وافتخاره الزائف تلك المرة بهذا الكم من الصفات الذين أطلقوها عليه:
-أنا الفاشل….والصايع…..والموكوس.. أنا اللي موريش شغلانة غير الكلام مع البنات انا…...بس هو.

أشار نحو "أشرف" الصامت والذي تسلله الضيق الشديد نحو أخيه، متابعًا:
-هو حبيب أمه...لو عمل ايه برضو بتحبيه وبدلعيه...والله لو شوفتيه بيعمل الغلط قدامك هتبرريله وهتحطيله مليون عذر….يا شيخة لما بشوفك بدلعيه ولا بتحضنيه ولا لما بيختفي عن عينك وأشوف لهفتك عليه قلبي بيتقطع….بس مش بسببه هو لا...انا مبكرهوش..ولا عرفت أكرهه..ولا أكره اي حد منهم...بس انا بكره الفرق اللي عملتيه ما بينا….

تجمعت الدموع بمقلتيه وعلقت غصة مريرة بحلقه...
صُعب عليه ابتلاعها..رغب بالمتابعة وإخراج ما بقلبه علة يرتاح ويصبح بخير وعلى مايرام…لكن إذا أضاف حرف آخر ستسقط دموعه أمامهم وهذا ما لا يحب حدوثة….

أنظر جيدًا (كارثة الحي الشعبي) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن