الفصل الأخير

30.6K 2.6K 581
                                    

أنظر جيدًا.
كارثة الحي الشعبي.
فاطمة محمد.
الفصل الأخير:

أنهى "حسن" محادثته مع والدته عبر الهاتف وبعدما حثته على ترك المتجر والصعود إليها لتناول الغداء التي أعدته معًا، مدركة بأنه لن يخذلها أو يرفض لها طلبًا.
وهذا ما فعله بالفعل موافقًا إياها، ثم دس الهاتف بجيب سرواله الجينز، وهو يخبر العامل لديه:
-خلي بالك من المحل، نصاية كدة و راجع.

وما أن أخذ جوابه حتى فارق مكانه وانطلق نحو بنايته.
دقائق معدودة فقط وكان يفتح الباب بمفتاحه الخاص ويلج المنزل ويوصد الباب خلفه.
في ذات الوقت استمعت كلا من أنعام وزينة إلى صوت الباب وادركا وصوله.
تهللت أسارير أنعام وهبت من مجلسها بحماس وهي تخبرها:
-اهو جه.

ارتعدت فرائص زينة وعجزت عن النهوض و معرفة عما عليها الشعور به الآن؟
هل السعادة لإتيانه ومساعدة والدته لها؟
أم الخوف والقلق مما هو قادم وعلى وشك الحدوث؟
خرجت من تلك الدوامة على صوته القريب، المتسبب في تسارع خفق دقات قلبها، قائلًا بصدمة كبيرة من تواجدها الغير متوقع:
-أنتِ بتعملي ايه هنا؟؟؟

تلك المرة نجحت في النهوض والوقوف، وقبل أن تتحدث كانت أنعام تسبقها تقص عليه ما حدث:
-زينة قاعدة معايا بقالها حبة حلوين، واتكلمنا كتير واتآسفتلي على هي اللي عملته وأنا قبلت آسفها خلاص وفتحنا صفحة جديدة.

تحولت صدمته من تواجدها لشيء آخر أكثر حدة، متمتم:
-ازاي يعني قبلتي آسفها ياما هي داستلك على صباع !! ده غلطت فيكي و تواقحت معاكي.

-والله ده بيني وبينها وهي خلاص عرفت غلطها واتاسفت وأنا قبلت مش هنعلقلها حبل المشنقة إحنا.

وبهذا الجواب والدفاع المميت زادت من حسرة زينة على سوء معاملتها سابقًا وعدم قدرتها لمعرفة معدنها الحقيقي.

أما هو فاستشاط كليًا وهتف بهدر:
-بينك وبينها إيه، وحبل مشنقة إيه؟؟ أنتِ بتقولي إيه؟

رفعت يدها تربت على صدره، متمتمة بهدوء:
-بقول اللي حصل أنت سألت هي بتعمل إيه وأنا جاوبتك، اقعد معاها واتكلموا عقبال ما ادخل اشوف الأكل، واهدا ها اهدا.

كادت تتحرك لترأى رفضه وتأهبه للمغادرة وعدم الإنصات لحديثها، فلحقت به وأوقفته هامسة له:
-لو بتحب أمك اسمع كلامي، أنا وعدتها تكلموا متصغرنيش قدامها وتطلعني مش عارفة امشي كلمتي على ابني، ولا أنت خلاص يا حسن كبرت على أمك ومبقتش تسمع كلامها.

هدأ قليلًا، فعادت الكرة وربتت على صدره، خاطفة نظرة نحو زينة تطمئنها من خلالها وتشجعها على الحديث وأخذ خطوة عوضًا من وقوفها هذا.
وبعد مغادرة أنعام لم يتبقى سوى الاثنان، هو يقف مكانه كالجماد، وهي ترمقه بنظرات زائغة.
وعلى حين غرة رفع عينيه واستقبل تلك النظرات بحدقتاه، سحب نفسًا عميقًا نفخ له صدره، ثم زفره وهو يتحرك ويجلس بزهق هاتفًا:
-قولي اللي عندك وخلصيني، وقبل ما تقولي أي حرف عايزك تعرفي أني لو قاعد معاكي دلوقتي وهسمعك فـ ده في الأول وفي الآخر عشان خاطر أمي اللي جوه دي.

أنظر جيدًا (كارثة الحي الشعبي) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن