__صباح الخير
ألقاها بصوت هادئ .. يقترب منهما بخطوات بطيئة رزينة كعادته ، يقف خلفها ليضمها بذراعيه كدائم عهده منذ أن كان صغيراً ، كان دوماً يحب أن يحتضنها من ظهرها يضم جسدها لصدره ويطبع قبلته على مكان ما يصل شفتيه ، إلى أن كبر وفاقها طولاً فأصبح يطبعها على قمة رأسها وهو يضمها إلى صدره العريض ، رفعت كفها لترتب على وجنته اليمنى فيحنو عنقه ليقبل خدها ويهمس بتحية إليها من جديد وهو يسأل عن حالها ، إلتف حول المائدة الصغيرة ليهز رأسه بتحية مماثلة لأبيه الذي ابتسم بهدوء وهو يسأل عن أحوال ولده ، سألته بعبوس طفيف داعب مُحياها حينما تأملت ملابسه : مبكر اليوم في الذهاب إلى عملك يا عاصم ؟! الساعة لم تتعد الثامنة يا حبيبي ؟!
قلب فنجانه الخزفي بهدوء ، ووضع بعض من الشرائح في الطبق أمامه يجاورها بعض من قطع الجبن وحبات الزيتون كما يفضل ، يرص طبقه بشكل جمالي قبل أن يبدأ بتناول الطعام كعادته بشكل أنيق وهو يجيب والدته : لدي اجتماع في التاسعة يا امي ، ولابد أن اذهب مبكراً حتى أعد بعض الأوراق سأحتاجها فيه .
تمتمت بحدة : تعد بعض الأوراق !! وجيش الموظفين من حولك ماذا يفعل لتعد أنت بعض الأوراق ؟!
ابتسم بحنو ورفع رأسه إليها : ما بال الياسمينة غاضبة وتريد افتعال مشاجرة على الصباح ، هل ضايقك وليد بك فتنفثين عن غضبك بي ؟!
كتم وليد ضحكته ليهمس بمشاغبة وهو يضم كفها القريب منه : وهل أستطيع إغضاب الياسمينة ؟!
ابتسمت ياسمين رغم عنها لتهمهم : أباك لا يغضبني ولكن أنت وأخيك تدفعاني إلى الغضب دفعاً .
قفزا حاجبيه بإندهاش ليرتشف بعضاً من فنجان الشاي الأسمر من أمامه ليسألها بمكر : امم أنت إذاً اشتقت إلى عمار .
زفرت بضيق : لا أفهم ما الذي يدفعه للبقاء هناك ألم يُنهي دراسته كما أراد منذ أكثر من عام ؟!
كح عاصم بخفوت قبل أن يهمس : هانت يا ماما ، سيأتي خلال هذا الشهر إن شاء الله .
اشاحت بضيق ليسأله وليد مغيراً مجرى الحديث : متى سينتهي اجتماعك يا عاصم ؟!
عبس مفكرا ليتنهد بقوة : لا أعلم حقاً ، فهذا الإجتماع النهائي ولابد أن نتوصل إلى إتفاق وإلا سألغي الأمر برمته ، لا أحبذ أن أتنازل أو أشعر بأن الطرف الآخر يتلاعب بنا .
ابتسم وليد بفخر : ستتفق معهم، أنا موقن من ذلك ، سحب وليد نفساً عميقاً ليربت على كفه القريب منه - أنا فخور بك يا بُني ، فأنت اكتسبت إسماً ومركزاً مرموقاً وسط اقرانك لا يضاهى بأحد .
ابتسم عاصم برزانة : الفضل بعد الله لك يا أبي ، لقد تعلمت على يديك .
هتف وليد بمرح : ليس التعليم هو من جنيت ثماره فقط بل وراثتك لحس والدتك الفني هو ما أسبغ عليك حساً فنياً لا مثيل له .
أنت تقرأ
رواية حبيبتي.. الجزء الثالث من سلسلة حكايا القلوب
Romanceيلهث بقوة وهو يقف يلتقط أنفاسه .. يحنى جسده ليتسند براحتيه على ركبتيه ، يتنفس بقوة وهو يشعر بعضلات جسده تئن .. تزار .. تصرخ فيه أن يتوقف عن ايلام جسده بهذا الشكل ولكن عقله يعيد عليه ذكرى سابقة .. قديمة ولكنها لازال جرحها نازفا .. حارا .. موجعا ، اغم...