الفصل الأول

4.1K 77 7
                                    

__صباح الخير


ألقاها بصوت هادئ .. يقترب منهما بخطوات بطيئة رزينة كعادته ، يقف خلفها ليضمها بذراعيه كدائم عهده منذ أن كان صغيراً ، كان دوماً يحب أن يحتضنها من ظهرها يضم جسدها لصدره ويطبع قبلته على مكان ما يصل شفتيه ، إلى أن كبر وفاقها طولاً فأصبح يطبعها على قمة رأسها وهو يضمها إلى صدره العريض ، رفعت كفها لترتب على وجنته اليمنى فيحنو عنقه ليقبل خدها ويهمس بتحية إليها من جديد وهو يسأل عن حالها ، إلتف حول المائدة الصغيرة ليهز رأسه بتحية مماثلة لأبيه الذي ابتسم بهدوء وهو يسأل عن أحوال ولده ، سألته بعبوس طفيف داعب مُحياها حينما تأملت ملابسه : مبكر اليوم في الذهاب إلى عملك يا عاصم ؟! الساعة لم تتعد الثامنة يا حبيبي ؟!


قلب فنجانه الخزفي بهدوء ، ووضع بعض من الشرائح في الطبق أمامه يجاورها بعض من قطع الجبن وحبات الزيتون كما يفضل ، يرص طبقه بشكل جمالي قبل أن يبدأ بتناول الطعام كعادته بشكل أنيق وهو يجيب والدته : لدي اجتماع في التاسعة يا امي ، ولابد أن اذهب مبكراً حتى أعد بعض الأوراق سأحتاجها فيه .


تمتمت بحدة : تعد بعض الأوراق !! وجيش الموظفين من حولك ماذا يفعل لتعد أنت بعض الأوراق ؟!


ابتسم بحنو ورفع رأسه إليها : ما بال الياسمينة غاضبة وتريد افتعال مشاجرة على الصباح ، هل ضايقك وليد بك فتنفثين عن غضبك بي ؟!


كتم وليد ضحكته ليهمس بمشاغبة وهو يضم كفها القريب منه : وهل أستطيع إغضاب الياسمينة ؟!


ابتسمت ياسمين رغم عنها لتهمهم : أباك لا يغضبني ولكن أنت وأخيك تدفعاني إلى الغضب دفعاً .


قفزا حاجبيه بإندهاش ليرتشف بعضاً من فنجان الشاي الأسمر من أمامه ليسألها بمكر : امم أنت إذاً اشتقت إلى عمار .


زفرت بضيق : لا أفهم ما الذي يدفعه للبقاء هناك ألم يُنهي دراسته كما أراد منذ أكثر من عام ؟!


كح عاصم بخفوت قبل أن يهمس : هانت يا ماما ، سيأتي خلال هذا الشهر إن شاء الله .


اشاحت بضيق ليسأله وليد مغيراً مجرى الحديث : متى سينتهي اجتماعك يا عاصم ؟!


عبس مفكرا ليتنهد بقوة : لا أعلم حقاً ، فهذا الإجتماع النهائي ولابد أن نتوصل إلى إتفاق وإلا سألغي الأمر برمته ، لا أحبذ أن أتنازل أو أشعر بأن الطرف الآخر يتلاعب بنا .


ابتسم وليد بفخر : ستتفق معهم، أنا موقن من ذلك ، سحب وليد نفساً عميقاً ليربت على كفه القريب منه - أنا فخور بك يا بُني ، فأنت اكتسبت إسماً ومركزاً مرموقاً وسط اقرانك لا يضاهى بأحد .


ابتسم عاصم برزانة : الفضل بعد الله لك يا أبي ، لقد تعلمت على يديك .


هتف وليد بمرح : ليس التعليم هو من جنيت ثماره فقط بل وراثتك لحس والدتك الفني هو ما أسبغ عليك حساً فنياً لا مثيل له .

رواية حبيبتي.. الجزء الثالث من سلسلة حكايا القلوب  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن