يوم عقد القرآن
تنهدت بقوة وهي تتابع بقية التجهيزات ليرن هاتفها فتبتسم برقة وهي تجيب : صباح الخير على عريسنا الجميل .
أتتها ضحكته الرائقة : صباح النور على عيني أميرتنا الجميلة ، كيف حالك يا ابنة عمي العزيزة؟
تمتمت برقة : بخير والحمد لله ، كيف حالك أنت ؟ هل تشعر بخير ؟ هل زالت آلام كتفك وساقك؟
زفر بقوة : بخير والحمد لله ، هاتفتك لأسألك هل تحتاجين أي شيء ؟ هل أبعث لك بمهندسين من عندي وبعضا من العاملين في تنظيم الحدائق ؟
هزت رأسها نافية : لا يا عاصم شكرا لك العدد الذي يرافقني أكثر من كاف ، ولكن انتظر هنا ترسل لي من أين ، هل أنت بالمؤسسة يا عاصم ؟
زفر بقوة : نعم هناك اجتماع هام لابد علي من حضوره ، ألم يخبرك أحمد ؟!
ارتجفا جفناها لتهمهم بهدوء : حسنا اذهب إلى عملك حتى تنتهي منه واتركني أنا الأخرى أنهي عملي هنا قبل أن الحق بهن في مركز التجميل .
تنهد بيأس : أنت برأس يابس يا أميرة ابنة أبيك للغاية في بعض الأمور ، أخبرتك أن نأتي بمنظم زفاف وأنت رفضت .
أجابته بجدية : لأني سعيدة بما أفعل ، هيا اتركني واذهب حتى تلحق أن تستعد لليل لا أفهم كيف تذهب إلى العمل في يوم كهذا ؟
تمتم بهدوء : العمل يا أميرة لا تحكمه متطلبات حياتنا ، بل هو ما يتحكم بها ، عامة سأنتهي وأعود إلى البيت لاستعد فياسمين هانم كادت أن تضربني صباحا وهي التي لم تفعلها قط حينما أخبرتها أني ذاهب للمؤسسة .
ضحكت بخفة لتهمهم : معها حق فنورانك الغالية ذهبت من الصباح لمركز التجميل لتستعد لعقد القران وصحبت معها ماما وأعتقد والدتك ستلحق بهما بينما أنت تذهب إلى المؤسسة يوم عقد قرآنك وعمي لديه عمليه جراحية بالصباح وبابا ذهب إلى الوزارة وكأنه يوم عادي ، صدقا يا عاصم أنتم مخلوقات مجردة من المشاعر.
ابتسم بمكر ليهمس لها : أعتقد أنك تناسيت فردا لم تذكيره ضمن القائمة رغم غضبك منه .
تصلبت ملامحها لتهم بالرد عليه قبل أن يصدح صوته عاليا فيخترق سمعها وشعورها وهو يهتف بعاصم : لقد حضروا يا عاصم ، هيا بنا .
شعرت بابتسامة عاصم التي تألقت وهو يهتف إليها بأريحية : حسنا يا أميرتي ، سأنهي الاجتماع وأعود لاستعد قبل أن اذهب لأصحب نوران من مركز التجميل ، فقط إذ احتجت لشيء هاتفيني .
تمتمت بجدية : شكرا لك إلى اللقاء يا ابن العم .
أغلقت الهاتف لتنظر أمامها وتشعر بغصة حلقها تتكوم داخل حنجرتها فتضغط عليها بشعور مؤلم داهم حواسها فيرتجف قلبها ألما وهي تتذكر أنه سافر غاضبا وأمعن في خصامها فلم يهاتفها طوال يومي سفره ، رغم أنه كان يهاتف عاصم يوميا ليطمئن عليه وهاتف نوران أكثر من مرة ليسالها عم تريد أن يأتي لها به من الخارج معه ، بل أنه هاتف خالته وتحدث معها مرتين ، تقبلت خصامه لها .. عدم اتصاله بها .. وتجاهلها أيضا ، ولكن ما لم تتقبله أنه عاد من الخارج رأسا على والدته وبقى معها ، وهو الذي لم يفعلها من قبل ، بل إنه لم يأت إلى القصر ولا مرة منذ عودته بل استغل أنه يقابل عاصم ونوران بالمؤسسة وذهب إلى أمها بالجمعية ولم يأتي حتى لا يراها .. حتى لا يصالحها .. حتى لا يعودا سويا إلى منزلهما الذي اشتاقت إليه خاصة بعدما بدأ أبيها بتخفيف الحراسة عن أفراد العائلة شيئا فشيئا فتوقعت أنه سيوافق إذا أرادت العودة لبيتها وتدللت عليه كعادتها ، رغم إصراره أن يبق الجميع بالقصر فبقيت عائلة عمها أحمد بالقصر بسبب التجهيزات الجديدة التي تعد ببيت عمها لأجل زواجه ، وبقى عمها وليد بعائلته لأجل حماية عاصم التي يوليها أبيها اهتمامه الكامل ولأجل استعدادات عقد القران وخاصة مع سفر ابنة أخته التي غادرت صبيحة يوم حادث عاصم إلى شرم الشيخ لأجل بعض من السياحة وستأتي اليوم لتحضر عقد القران بناء على رغبة خالها ، وبقيت عمتها مرغمة لأجل حفل زفاف ابن أخيها ، الجميع متواجدون والقصر حافل بالعائلة كلها ما عداه ، هو الوحيد الغير موجود .. هو الوحيد البعيد .. هو الوحيد المتغيب .. هو الوحيد المختفي عن نطاق تواجدها وعائلتها ، لقد تجاهلت - على مدار الأيام الفائتة - نظرات والدتها المتسائلة .. نظرات أبيها المتعجبة ، أسئلة نوران الملحة وحديث أدهم المهتم ، تجاهلت تلميح خالتها عن سبب مكوث أحمد عندهم بدل من وجوده معها بل صمدت في وجه الجميع دون أن تنطق عن سبب الخلاف بينهما ، حتى عاصم الذي سألها بوضوح دون مواربة لم تجبه بل طلبت منه بصرامة أن لا يسألها ثانية ، والتهت بإعداد الحفل حتى تكف عن التفكير فيه .. وفي تجاهله .. ومخاصمته لها ، وتمسكت بصلابتها .. بكبريائها .. وصمودها ، ولكن كل هذا كان يختفي تماما حينما تدلف إلى غرفتها وتضع رأسها على فراشها لتشعر بالوحشة .. بالبرودة .. بالخواء يلفها ، ينبض قلبها بحنين ويرتعش جسدها باشتياق وتبكي عيناها بألم وعقلها يذكرها بأنها هانت عليه مرتين وليست مرة واحدة ، مرة حينما غادر وتركها وهي في أشد حاجتها له والمرة الأخرى حينما عاد فلم يكلف نفسه عناء الاطمئنان عليها أو رؤيتها ليجبرها أن تذهب هي إليه .. تصالحه وتراضيه وهي التي لم تفعلها قط ، فأميرة آل الجمال لن تحني رأسها أبدا
أنت تقرأ
رواية حبيبتي.. الجزء الثالث من سلسلة حكايا القلوب
Romanceيلهث بقوة وهو يقف يلتقط أنفاسه .. يحنى جسده ليتسند براحتيه على ركبتيه ، يتنفس بقوة وهو يشعر بعضلات جسده تئن .. تزار .. تصرخ فيه أن يتوقف عن ايلام جسده بهذا الشكل ولكن عقله يعيد عليه ذكرى سابقة .. قديمة ولكنها لازال جرحها نازفا .. حارا .. موجعا ، اغم...
