يجلس بمكانه المعتاد على طاولة الطعام يتناول طعام لم تعده بنفسها، بل فعلت تلك السيدة التي طلب منها الاستعانة بها ، الطعام جيد لا ينكر و لكنه يفتقد نكهتها.. رائحتها.. نفسها المميز.. ورونق إعدادها ، زم شفتيه و هو يتأملها من بين رموشه يتفحص عبثها بطعامها الذي لم تتناوله منذ أن جلست ، تلكأت نظراته على وجهها الشاحب و ملامحها المرهقة ، جفنيها المنتفخين من النوم الذي من الواضح قضت نهارها كله تخلد إليه ، فحتى عملها .. أوراقها .. تصاميمها لم تمسهم.
سحب نفس عميق ليسألها بهدوء : ألا يعجبك الطعام يا أميرة؟
انتبهت له لتجيب بسرعة : بالعكس، الطعام جيد و لكن أنا أشعر أني لا أمتلك شهيه لتناوله.
عبس بضيق ليرمقها قليلا قبل أن يسألها باهتمام : أنت بخير؟
رفعت عيناها إليه - أخيرا- بعد أن تحاشت النظر نحوه منذ أن عاد من عمله ، بل هي تحاشته نهائيا كما فعلت البارحة ، لتهمس برقة : بخير الحمد لله.
تعلق نظره بها ليشعر بقلبه يخفق بوتيرة مختلفة ، روحه تشعر بسكينه و هو يغرق في براءة ملامحها، و جسده يشعر بنقصان لا يكتمل إلا بوصالها .
ابتسم و عيناه تومض بلهفته التي لا تنبض : يا رب دائما يا حبيبتي.
رمقته قليلا قبل أن تبتسم ابتسامه ملتوية لم يشعر بها صادقه لتساله بهدوء: حقا أنا حبيبتك؟
رف جفنه رغما عنه ليسأل بحدة انتابته : هل تسألين ثانية يا أميرة؟!
بسمه ماكرة تشكلت على ثغرها لتجيب ببرود : بل أحب أن أتأكد .
لانت ملامحه لتتابع بسخرية : أليس هذا ما تفعله دوما معي ، تسألني مرارا وتكرارا عن مشاعري نحوك لتتأكد من كونها لم تهتز .. لم تتغير .. لم تتبدل.
صمتت قليلا لتستطرد : لذا أنا الأخرى أفعل ، وأسألك لأتأكد من كون مشاعرك نحوي لم تتغير.. لم تتبدل .. لم تنقلب .. و لم تتجه لأخرى غيري.
اربد وجهه بغضب اندفع بقوة مسيطرا على تعقله ليهمس بفحيح بارد : أنت تشكين بي يا ابنة خالتي ، تظنين و تشكين بعد كل هذا العمر بيننا ؟
رفعت حاجباها بدهشة افتعلتها : و لماذا اتخذت سؤالي عن مشاعرك نحوي بهذا الظن يا أحمد؟! مطت شفتيها بتعجب وهي تتابع - هل حينما تسألني عن مشاعري نحوك تكون تظن بي السوء.
انتفض واقفا ليزأر بغضب : هل جننت يا أميرة؟!
رفعت حاجبا واحداً و هي تنظر نحوه بتسلية تراقصت بعينيها لتجيب ببرود تملك منها : بل أتساءل بطبيعية ، أنت من تريد الشجار.
عبس بريبة و هو يشعر بها تتلاعب به ليصيح بحدة : لا أريد الشجار و لكنك مختلفة منذ تلك الليلة دون سبب مفهوم لي.
نهضت واقفة لتواجهه بشموخ : حقا لا تدرك السبب يا أحمد ؟!
نفخ بقوة : ألا زلت غاضبة من سفري يا أميرة؟
مطت شفتيها و هي تتصنع التفكير لتجيب أخيرا: لا ، الآن لست غاضبة من سفرك، انفرجت تكشيرته لتتابع بتلاعب استقر بعينيها - و لكن هذا لا يعني أني لست غاضبة.
عبس من جديد ليزفر بضيق : لماذا إن شاء الله؟!
هزت كتفها الأيسر بدلال في حركة تعلم جيدا أنها تؤثر به لتهمس برقة : عليك أن تدرك بمفردك سبب غضبي يا ابن خالتي.
![](https://img.wattpad.com/cover/312427769-288-k227902.jpg)
أنت تقرأ
رواية حبيبتي.. الجزء الثالث من سلسلة حكايا القلوب
Romansaيلهث بقوة وهو يقف يلتقط أنفاسه .. يحنى جسده ليتسند براحتيه على ركبتيه ، يتنفس بقوة وهو يشعر بعضلات جسده تئن .. تزار .. تصرخ فيه أن يتوقف عن ايلام جسده بهذا الشكل ولكن عقله يعيد عليه ذكرى سابقة .. قديمة ولكنها لازال جرحها نازفا .. حارا .. موجعا ، اغم...