بعد خمسة ايام
تهتز حدقتيه خلف جفنيه المغلقين وأصوات الطائرات والقصف الذي يدوي من حولهم وفوق رؤوسهم تثير الرعب في النفوس ، ولكنهم ليسوا بأُناس طبيعيين يخافون ويركضون بهلع بل هم الفرقة ألف .. صفوة العسكرية وضباط الجيش لذا اتخذوا مواقعهم بثبات .. بشجاعة .. وبقلوب ثابتة ويقين بالنصر ، حتى إن القناصين منهم لم ينتظروا أوامره بل ردوا العدوان بقصف مماثل لتغطية زملائهم حتى يمنحونهم عودة آمنة لنقاط الالتقاط ، وقد كان رغم الإصابات التي مُني بها أفراد فرقته إلا أن جميعهم عاد سواه ، لقد راقب الجميع وهم ينسحبون للخلف كما تدربوا .. تعلموا .. وحفظوا خطواتهم على مدار شهور ماضية إلا هو لم يستطع العودة بسبب إصابته فجسده لم يحتمل ألم إصابة جديدة أُضيفت لألم جسده ووجعه الماضي .
انتفض جسده وعقله يستعيد المشهد كاملًا بلهيب سماءه الحمراء والنيران التي تحيط بهم وجسد الآخر المرمي أرضًا لا يقوى على الزحف حتى ينال مخبأ يحتمي فيه من الرصاص الذي ينهال عليهم كوبال يصيب الجميع ، ليهرع إليه يحمله فوق كتفيه رغم رجاء الآخر أن يتركه فيهدر فيه بالصمت ويخبره أنه ليس القائد الذي يترك أحد أفراد فرقته خلفه ، فيركض به في حذر ويتخفى به تحت غطاء من رصاص منحه إليه فادي المراقب لما يحدث . حتى كاد أن يقترب رغم إصابة فخذه وإصابة رأسه الطفيفة إلا أنه كاد أن يصل لنقطة الالتقاط حينما قرر أحد طياري العدو الخلاص من القناص الذي يضيق عليهم برصاصاته التي تعيث فسادًا في هجومهم ليُصاب فادي في ذراعه وصدره حينما حامت الطائرة على ارتفاع قليل كاد أن يجز أعناقهم ويقع هو أرضًا حينما أصابه طيار آخر بطلقات كانت تتقصده من البداية وكأنهم يدركون هويته !!
لقد زحف مرغمًا على بطنه وكفيه متشبثان ببدلة الآخر الذي فقد وعيه فلم يعي ما يحدث معه .. زحف ببطء وألم إلى أن اقترب من فادي الذي طمأنه بكونه بخير وأنه أرسل استغاثة لإرسال مدد إليهم ليعينهم على العودة وأنهم قادمون في الطريق ولكن عليهم الاقتراب أكثر من نقطة التقاطهم فإلى الآن هم يعدون بأرض العدو
هتف به حينها : لن نتركه .. لن أتركه خلفي .. سأعود به .
ليجيبه فادي بجدية : إذًا لن نعود يا أسعد .
ليسترد ثالثهما جزء من وعيه ويوافق فادي بحديثه ويترجاه أن يتركه فيهمس بتسلط : لن أفعل ، سنعود سويًا .
تمتم ياسين بنبرة محشرجة وأنفاس مختنقة : لن أعد معكم ، اذهب دوني .. فقط وصيتكما أمي ..
يهتزا جفنيه وعقله يستعيد حثيث أنفاس ياسين الثقيلة : ليس لها غيري .. قوما بودها وزيارتها .
تمتم حينها برفض : بل ستفعل أنت .. قاوم وسنعود جميعًا .
ابتسم ياسين وزفيره يتصاعد : لن أعود يا صديقي ستعود بمفردك .
اهتزتا حدقتيه برفض وجسده ينتفض ليهتف فادي بجدية : إنه يموت يا أسعد ساعده .
ليقبض ياسين على كفه القريب : لا تنسى أمي يا أسعد .
تمتم حينها بثبات وهو يقاوم حسرته : ردد من خلفي .
فابتسم ياسين وعيناه تغرب ليلقنه الشهادة الذي نطقها الآخر بحروف بطيئة غاربه ثم حُشرجت أنفاسه ولفظ آخرها بين يديه لتسقط دمعه وحيده من جانب عينه وهو يزأر كأسد جريح يغالب ألمه .
انتفض جسده بعنف فوق الفراش المكبل به فيحاول أن ينهض فلا يقوى لتدوي صوت صافرة الإنذار فيهرع طاقم التمريض إليه وهو يحارب اشباحه التي تمنعه من النهوض ، يهذر باسم فادي ويخبره أنهم سيعودون جميعًا ليفتح عينيه فجأة وهو يصيح بصوت أبح : ياسين .
قابله بياض شاهق وضوء قوي أجبره أن يغلق عينيه ثانيةً قبل أن يرمش كثيرًا يريد أن يرى ما يحدث معه ما الذي يكبله فيلتقط وجوه كثيرة من حوله لا يعرفها ولا يدركها إلا وجهها الصبوح الذي تراءى إليه فبعث بعضًا من السكينة في روحه قبل أن يغيب في سبات ثانية وعقله يتوقف عن التفكير ويغفو في نوم عميق !!
***
يرف بجفنيه وهو يشعر بدهشة أيقظته على الفور حينما مد ذراعه في الفراش الخالي من جواره ليرفع رأسه بتحفز وعيناه تدور ببحث سريع عن الغائبة التي منذ فترة لم تنهض من فراشها دون مساعدة فيتساءل عقله بنقمة عن كونها احتاجت مساعدة ورفضت أن توقظه ليعينها وتحاملت على نفسها أم طلبتها من ابنتها وهو مستلقي هنا لم يشعر بهما !!
عبس مستهجنًا من تفكيره والغضب يزأر بعقله فيردد لنفسه أن من المستحيل ألا يشعر بأي حركة مضاعفة جواره بل هو متعجب - من الأساس - أنها نهضت من الفراش دون أن يشعر بها ولكن من الواضح أن قلة نومه الايام الماضية وعقله كثير الانشغال لجئ لفترة راحة اجبارية لم يشعر فيها بأي شيء وهو منغمس في نومته !!
اتكأ على مرفقه وعيناه تقع عليها تسجد على سجادتها يلهج صوتها ونحيب بكائها يصل له فيغمض عينيه مخفيًا وجعه على حالها وحزن قلبه على ولدهما الغائب وسبب حزنهم الوحيد .
تنفس بعمق مضطجع على الفراش من خلفه يراقب إنهائها صلاتها فيتحرك بجدية ناويًا أن ينهض ويساعدها في نهوضها الذي أصبح ثقيلًا جدًا عليها بسبب وهن جسدها لتسكن الصدمة حدقتيه حينما جلس فوق حافة فراشه يتأملها بذهول وهي تنهض واقفة مع تأوه خافت كتمته بداخلها حتى لا توقظه وهي التي لم تدرك أنه استيقظ بالفعل !!
التفتت نحوه لتنظر إليه بدهشه قبل أن تبتسم بنعومة تهتف برقة وهي تخلع وشاح رأسها وتطوي سجادة صلاتها : صباح الخير يا أمير ، عبس بتعجب داهمه وهو ينظر لوجهها الذي استعاد نضارته وابتسامتها التي عادت بعد غيابها ليبتسم بعفوية وهو ينظر إليها متسائلًا فتقترب منه تنحني نحوه لتقبل وجنته وهي تتبع - لم اوقظك فالفجر لم يؤذن بعد كنت سأنتظر لأوقظك بعد الأذان لنصلي سويًا ، فأنا اشتقت إليك لتؤمني بالصلاة .
ارتفاع طفيف في حاجبيه ونظرته المتسائلة تسكن عيناه وهو يقر بينه وبين نفسه أن تبدلها فاجئه ليبتسم بفرحة غمرته وهو ينحي عقله عن التفكير ، يستمتع بوجودها الذي اشتاق إليه ليجذبها من كفها بلطف ويجلسها بجواره يضمها بذراعه إلى صدره يقبل رأسها ويداعب خصلاتها البنية الخفيفة فتنهمر حول وجهها المدور فتزيد من فتنتها بعينيه ليهمس بصوته الرخيم ونبرته الفخمة : صباحك سكر يا ليلتي ، اتبع وعيناه تتفحصها - أنت بخير ؟!
أومأت برأسها في حماس وسعادة سكنت عيناها : الحمد لله .
ربت على خصلاتها الناعمة ليعيدها للخلف قليلًا ويسألها بوضوح : ماذا كنت تصلين إذا لم يؤذن الفجر بعد ؟!
ابتسمت برقة : كنت اصلي شكر لله .
تمتم براحة : ونعم بالله يا ليلى ، تقبل الله منكم يا حبيبتي .
أمالت رأسها على كتفه وشعر بها تتودد إليه بحركة رأسها القريبة وهي تتمسك باحتضانه لها وتدفن أنفها في كتفه تستنشق رائحته العبقة : منا ومنكم يا حبيبي ..
ارتفعا حاجباه وهو يفكر فيم حدث لها وأبدلها هكذا ليبتسم بمكر ويشد جسده بصلابة وهو يحنو عنقه لها حينما فردت كفها فوق قلبه وهمست بخفوت : اشتقت إليك يا أميري .
ابتسم بمكر وضمها إلى صدره أكثر ليهمس وهو يقبل جبينها : وأنا اشتقت إليك يا حبيبتي .. ضمها أكثر و بدأ في هدهدتها - أنا معك وبجانبك يا ليلتي .
تمسكت به أكثر فيرفرف قلبه بسعادة عودتها يهمس لله داخليًا أنها تغلبت على أحزانها ليتصلب جسده حينما طبعت قبلة ناعمة في انحناءة عنقه ليحنو رأسه إليها أكثر ويدقق في تفاصيلها دعاها باسمها في تساؤل فرفت بعينيها قبل أن ترفع نظراتها إليه و وجهها يتورد كفتاة صغيرة تشعر بالخجل في حضرة الغرباء ليسكن الإدراك حدقتيه قبل أن يهمس بجدية : حقًا يا ليلى ؟!
بللت شفتيها بحركة ناعمة قبل أن تهز كتفيها بعدم معرفة وارتباك هز مقلتيها لتهمهم بخفوت : أشعر أني أشتاق إليك .
احتضن وجهها براحتيه لينظر إلى عمق عينيها متسائلًا دون صوت فتمتمت برقة : أنا مطمئنة .. الله لن يضيمني أبدًا .
زفر أنفاسه براحة ليتنفس بعمق قريب من ملامحها ليقبلها بين عينيها هامسًا : أراح الله قلبك و اسكنه الاطمئنان دومًا يا حبيبتي .
تمتمت برقة وهي تغمض عينيها : اللهم أمين وإياك يا حبيبي .
ابتسامته الماكرة زينت ثغره قبل أن يهمس بخفوت : اعتقد أن الفجر أمامه بعض من الوقت ليؤذن ، أليس كذلك ؟! عبست بتعجب وهزت رأسها إيجابًا ليتبع هامسًا - وقت كفيل بحل معضلة الاشتياق الذي تملكك اليوم .
اخفضت عيناها بخجل ليهمس قريب من ثغرها الذي قبله برقة : أنا الآخر اشتقت إليك كثيرًا يا حبيبتي .
ناوشها بطرف أنفه في أرنبة أنفها ليهمهم إليها : أخلعِ إسدال صلاتك هذا إلى أن اغسل وجهي وآت إليك ، اتبع بثقة - أشعر بأن هناك ما تخفيه أسفله .
ضحكت رغمًا عنها لتشيح بعينيها بعيدًا فيقبل جبينها ثانيةً قبل أن ينهض بالفعل يتحرك بخطواته الرزينة لداخل دورة المياه ويغلق الباب خلفه لتنهض واقفة بالفعل تخلع عنها إسدال صلاتها قبل أن تتجه بخطوات بطيئة نحو مرآة زينتها تعدل من خصلات شعرها وتنظر لنفسها تقيم جسدها الذي غدى ممتلئًا عن أول أيام زواجها والظاهر امتلاءه بوضوح من خلال قميصها الحريري الواصل لنصف فخذيها والذي يحتوي تفاصيل جسدها بقماشه الملتصق بها صدره الواسع المفتوح ولونه الوردي الذي يتمازج مع بياض بشرتها معلق خلف عنقها بحمالة عريضة من نفس القماش مربوط طرفيها في عقدة تحت آخر عنقها ليترك ظهرها كله مكشوف دون غطاء .
قلبها يرتج داخل صدرها وهي تشعر باضطراب غريب يموج بداخلها وكـأنها عادت لأول أيام زواجها فتستنكر شعورها العجيب وتذكر نفسها بأنها متزوجة منذ الثلاثون عام وهذا الاضطراب .. الخجل .. وقلبها الذي يرجف اشتياقًا بطريقة مبالغة غير مفهومة لها !!
رفت بعينها وهي تفكر هل اختلاط مشاعرها هذا بسبب حلمها الغريب أم لأنها بالفعل افتقدت وصاله لها فمنذ ما حدث وهو يبتعد عنها مقدرا لحالتها الصحية المتدنية ولكن اليوم شعرت بأنها تريد تعويضه عن كل ما فات فاختارت هذا القميص الذي اشترته لها ابنتها من وقت بعيد فنهرتها عليه وهي تزجرها بنظرات غاضبة وتخبرها بأنها ليست فتاة صغيرة في أول زواجها لتعود لارتداء مثل هذه الأشياء ، لتقرر أن تتركه لها ولكن اختلاف قياسهما جعلها تحتفظ به وتخبئه ضمن طيات ملابسها مركوناً وهي بقرار نفسها تعلم أنها لن ترتديه .
ولكن اليوم اختارته .. ارتدته .. وكأن شعورها المضطرب كفتاة في أول حياتها أجبرها أن تعود بنفسها لهذه الأيام التي كانت ترتدي أشياء مكشوفة وعارية قبل أن تتوقف مع الأيام ونمو أطفالها عن ارتدائها.
صوت باب دورة المياه الذي فُتح اجفلها ووجهها يتورد بحمرة قانية وعيناها تتعلق بخروجه الهادئ يجفف وجهه بمنشفة صغيرة يحملها بين كفيه ليهمس بهدوء من خلفها : سأغلق الباب وآت يا ليلى .
أنهى جملته ليقع بصره عليها فتتسع عيناه بمفاجأة أربكت نظراته لوهلة قبل أن يسأل بجدية وعيناه التي تعلقت بعينيها من خلال المرآة تنضح بمزاح لم يتسلل لنبرات صوته : أنت حقًا ترتدين هكذا ، أم عقلي خرب من كثرة العمل وقلة النوم ؟!
ضحكة ناعمة غردت من حولهما ليهتف بمرح تملك منه وهو يقترب منها يلتصق بها من الخلف ليقبل طرف عنقها : من الواضح أنه صباح سعيد جميل يهل علينا بعد وقت طويل ،
ضحكة أخرى صدحت من عمق روحها فهتف باستياء مفتعل : أنت لا تخططين لتفقديني اتزاني و رزانتي اليوم يا ليلى ، أليس كذلك ؟!
رفعت كفها لتلامس طرف وجنته وتلاعب ذقنه الحليقة بسبابتها : لم أفقدك اتزانك و رزانتك ونحن صغار هل سأفعل الآن ؟!
احتضن حضرها بذراعيه ليضمها إلى صدره ليهمهم : آها ، ستفعلين بهذا القميص الذي لا يشبه انتقائك لملابسك .
ضحكت و وجنتاها تتوردان لتهمس بعفوية : لأنه ليس انتقائي بالفعل ، إنه ذوق ابنتك .
أغمض عينيه ليهمس بمزاح : ذكريني أن اشكرها لاحقًا .
ضحكت برقة : أعجبك ؟!
التصق بها أكثر وضمها إلى صدره ليهمس بخفوت : هذا السؤال إجابته تحتوي على شقين شق نظري وشق عملي لا أقوى على إجابة واحد دون الآخر ، دفعها بلطف لأن تستدير إليه ليتابع بهدوء - فهلا أتيت معي لأقوى على إجابتك إجابة نموذجية كاملة ؟!
ضحكت برقة لتفرد كفيها على صدره فتشعر بقلبه يخفق تحت كفها بخفقات متسارعة لتهمس بنعومة : أنا أحبك يا أمير أحبك جدًا .
ضمها إلى صدره أكثر فتلف ذراعيها حول خصره تتمسك بقربه ليقبل رأسها هامسًا : وأمير يعشقك يا ليلته ، وكم أتمنى الآن أني أقوى على حملك لأحملك بين ذراعي قريبًا من قلبي و اضعك بمنتصف فراشي كما فعلت أول مرة لنا .
غمغمت بعفوية وصوت أبح : أنا أشعر بنفس الشعور هذا .
همهم وهو يلاعب خصلاتها بأنفه : أي شعور ؟!
الصقت وجنتها فوق قلبه وغمغمت باستمتاع وهي تنصت إلى دقات قلبه التي تخبرها عن عمق عشقه لها : شعور أنها المرة الأولى لنا .
ضحك بخفة ليدفعها أن تسير معه نحو فراشهما دون أن يفلتها من بين ذراعيه أو يبعدها عن صدره : إذًا لنجعلها مميزة كمرتنا الأولى يا ليلتي .
***
يقلب في آخر الأخبار على موقع شهير متخصص بنقل كافة الأخبار الإقتصادية و الإجتماعية بالطبقة المخملية فتتصلب ملامحه وعيناه تلتقط هذا الخبر الذي كُتب بخط عريض ولغة عربية واضحة في صفحة المجتمع والناس " ابنة الوزير وائل الجمال الكبرى تحتفل بحملها بطريقتها الخاصة "
أطبق فكيه بقوة وهو يضغط الخبر الوامض بضوء أخضر متوهج في عنف لتنتقل الشاشة أمامه لصورة جديدة لم يرها من قبل بهذا الفستان القصير الواصل لركبتيها والواسع ولكنه لم يخفى بروز بطنها على استحياء وهي تقف تبتسم بشقاوة للكاميرا وتحمل أكياس ورقية كثيرة تحمل اسم لمتجر عالمي مشهور لبيع احتياجات الأطفال.
رجف جفنه بتتابع وعيناه تومض بغضب أهوج تركض على الأحرف التي كُتبت تحت الصورة والتي تعلن عن خبر حمل زوجته الذي أصبح ظاهرًا عليها ومؤكَدًا بسبب ارتيادها للمتاجر الخاصة بملابس الأطفال ومستلزماتهم ويَذكُر كاتب المقال أنها ليست المرة الأولى التي تنشر ابنة الوزير الكبرى شيء يعلن عن احتفالها بمولود قادم فمن قبل نشرت على حسابها الخاص صورة بجانب قالب كعك كبير يحمل لوني الأزرق والوردي وهذا يدعو المرء للتساؤل هل تنتظر مولدين أم لا تزال تجهل جنس طفلها فتم صنع الكعك للجنسين !!
لينهى كاتب المقال كلماته بتعجب طرحه وهو غياب الأب عن الاحتفال معها في سابقة لم تحدث على مدار سنوات زواج الابنة الكبرى التي لطالما ظهرت برفقة زوجها الشاب الذي كان يظهر عليه عشقه لزوجته الرقيقة والأميرة الناعمة كما يطلق عليها داخل أوساط العائلات الراقية.
انتفض جسده بغضب رغم أنه ليست المرة الأولى التي يرى فيها صورها التي أصبحت روتين يومي لها بل إنه زجرها من قبل على قيامها بنشرها لصورها في أمر غير اعتيادي عليها وطلب منها أن تقوم بحذف جميع صورها التي نشرتها مؤخرًا ولكنها تجاهلته تجاهل تام ولم تأبه لغيرته .. غضبه .. أو أمره لها بحذفهم و رغم تجاهلها إلا أنه لم يغضب مثلما غضب الآن وهو يسترجع تلك الكلمات السخيفة التي كُتبت عنهما لينتفض جسده بعصبية قبل أن يلامس هاتفه دون تفكير ويضغط باتصال أهوج شعر أنه آن وقته .
عبس وائل بتعجب وهو يستمع إلى رنين هاتفه ليتحرك ببطء منقلبًا نحو الكومود الذي يستقر عليه هاتفه لاعنًا من أيقظه هكذا باكرًا وخاصةً مع تململ فاطمة بجواره في تأفف واضح بسبب الرنين الذي أزعج منامها ليرفع حاجبه بتعجب وهو ينظر إلى وجه الآخر الذي يطل عليه مبتسمًا باستفزاز ليجيبه بهدوء : أفندم ؟! صباح الخير يا أحمد بك ، هل شقتك الغربية تحترق بك لذا تهاتفني فجرًا لأنقذك ؟!
زم أحمد شفتيه ليجيب بضيق : بل أنا من يحترق يا عماه ويطلب منك تدخلًا عاجلًا .
اعتدل وائل باهتمام في فراشه ليهمهم بضجر : يا الله يا رحيم ، ماذا حدث ثانيةً ؟!
هدر أحمد بغضب : هل رأيت الخبر المنتشر عن أميرة يا عماه ؟!
رف جفن وائل ليسأل بحمية : خبر عن أميرة ؟! ما لها أميرة ليتحدثوا عنها بالصحف يا ولد ؟!
تعالت أنفاس أحمد ليستدرك وائل بهدوء :هل أنت جاد يا أحمد فأميرة ليس لها نشاط مجتمعي ليتحدثوا عنها ولكن من الممكن أن يذكروا نوران بطريقة عرضية لعملها بالمؤسسة ؟!
تمتم أحمد من بين أسنانه بضيق : بل أصبح لها نشاط رائع بعد أن أصبحت نجمة على وسائل التواصل وتنشر صورها يوميًا تحتفل بخبر حملها دون وجود زوجها المحب وسط تكهنات وتساؤلات عن أين ذهب زوجها المتيم بها ولماذا لا يحتفل معها ؟! رفع وائل حاجبيه ليتابع أحمد بغضب أعماه فلم ينتبه لنبرة صوته التي ارتفعت رغمًا عنه - هل يعجبك هذا يا عماه ؟! هل يعجبك أن نصبح سيرة تُلاك في الألسنة لأن ابنتك الأميرة الناعمة كما يطلقون عليها تحتفل بأمر أطفالها دوني ؟!
جمدت ملامح وائل بعد أن اعتلى الإدراك ملامحه وهم بأن يهدأ موجة غضبه لينتفض بتعجب والهاتف يُسحب من يده ليصدح صوت فاطمة التي صرخت بغضب : هل جرؤت يا ولد أن تتصل بنا صباحًا لتصرخ في أذن حميك دون خوف أو خشية ؟! هل جرؤت أن تهاتفنا صباحًا وتقلق منامنا حتى تتجبر علينا وتطلب منا بجبروت لم أدركه فيك من قبل أن نمنع ابنتي من الإحتفال بحملها وفرحة عمرها ؟!
اتبعت بصياح حاد وهي تقفز واقفة من الفراش وتشيح بكفها الآخر وكأنه سيراها - إذًا ماذا تريد يا أحمد بك من ابنتي أن تجلس تبكي خلفك وتنهزم حزنًا عليك ؟! هل أميرة تحتفل بمفردها لأنها تريد ذلك أم أنك من ذهبت وتركتها في الصورة بمفردها دونك؟! هل كنت تنتظر أن تجلس تبكي على إطلالك او تبعث إليك تترجاك لتعود ؟!
تنفست بعنف لتكمل بصوت جاد غاضب : والله لو كانت فعلتها لكنت أعدت تربيتها من جديد ، ثم إذ كنت سيادتك غير راض عم كتب عنكما عد و اخرس الألسنة التي تلوك سيرتنا وسيرتك ، ولكن إذا تريد أن تتجبر على ابنتي وأنت بعيد فابنتي لن تتوقف عن الاحتفال أو الحياة ، صمتت برهة لتتابع بجبروت وعيناها تومض بشماته صدحت بصوتها – أما أنت فليتولاك الله برحمته في منفاك الاختياري يا ابن شقيقتي .
أنهت حديثها لتلقي الهاتف بجوار وائل الذي ينظر إليها بغضب و ملامح جامدة فتتحاشى أن تواجهه وتتجه نحو دورة المياه ، تغلق الباب خلفها ليحمل وائل الهاتف ينظر إلى الاتصال الذي لازال قائمًا فيهتف باسم الآخر متسائلًا : أحمد هل أنت لازلت هنا ؟!
أجاب أحمد بصوت مختنق : نعم يا عماه ، المعذرة أقلقت نومكم ولكني لم أكن أقصد الصراخ يا عماه أنا فقط ..
قاطعه وائل : لا عليك أنا أتفهم موقفك وسأتحدث مع أميرة ولكن أرسل لي الخبر الذي تتحدث عنه لأوقف أيضًا النشر عن أي شيء يخصنا .
تمتم أحمد بطواعية : أمر سعادتك ، صمت قليلًا قبل أن يتابع - فاطمة غاضبة مني للغاية ؟!
سحب وائل نفسًا عميقًا ليزفره بقوة : نعم ومني أيضًا لأني من وجهة نظرها هي وابنتها متواطئ معك و ادعمك أمام أميرة ، ابتسم وائل بخفة واتبع بتفكه ساخر- حتى والدتك تتخذ مني موقفًا لا أفهم سببه سوى أني أعلم سرك العظيم .
اختنق حلق أحمد بندم : المعذرة يا عماه لأني ..
قاطعه وائل بجدية : لا تعتذر عن شيء يا ولد لقد منحتك كلمتي ولكن هذا لا يعني أني أوافقك في هروبك هذا ، عد يا أحمد قبل أن يفوت الوقت ولا ينفع الندم .
تمتم أحمد باختناق : سأحاول يا عماه .
تنهد وائل : لا تغضب ولا تعتل هما أنا معك وبظهرك يا أحمد فأنت تستحق الدعم يا بني .
تكومت الغصة بحلق أحمد ليهمهم : لا حرمني الله من دعمك يا سيادة الوزير .
اسبل وائل جفنيه ليجيبه بتهكم : لا ادعمك بهذه الصفة بل ادعمك لأنك زوج ابنتي وأبو أحفادي يا أحمد بك لذا تأدب واحترم نفسك وعد لأجل عائلتك التي تنتظرك .
ابتسم أحمد رغمًا عنه ليهمهم : بإذن الله يا حماي العزيز ، ابلغ اعتذاري لتامي لأني أيقظتها .
ضيق وائل عينيه بغضب وهو يرفع نظره لمن خرجت من دورة المياه بعد أن انهت روتينها الصباحي تجفف وجهها بالمنشفة ليغمغم بخفوت : لا عليك ، أراك قريبًا .
تمتم أحمد : بإذن الله .
اغلق الهاتف ليرفع حاجبه وعبوس ملامحه يزداد ليهدر بحنق : هلا افهمتني ما فعلت منذ قليل يا فاطمة ؟! كيف تسحبين الهاتف هكذا من يدي وكأني ليس موجود أو ليس بذي قيمة ؟!
هدرت أمامه بعنفوان : وكيف أنت صمت عن صراخه هكذا بأذن سيادتك يا معالي الوزير ؟! كيف تحملت بصبر صياحه وغضبة بطريقة لم تكن تظهرها له في السابق ؟!
زم وائل شفتيه بغضب لتتابع هي بحدة وهي تستدير تنظر إليه من خلال المرآة العريضة المواجهة لفراشهم : ثم ما الذي لا تفهمه يا وائل ؟! لا تفهم أني ادعم ابنتي وقرارتها وأسلوب حياتها الذي اختارته ضد من تركها وغادر ؟! أنا من اصبحت لا افهمك ولا أفهم تصرفاتك ولا أفهم السبب الحقيقي وراء صبرك وتحملك لما فعله أحمد بل انك تستقبل اتصاله صباحًا بطريقة طبيعية وتتحمله أيضًا وهو يصارخ في أذنك السادسة صباحًا لأن هناك خبرًا نُشر عن اختفاءه من حياة زوجته التي تنتظر مولدها ؟!
هدر وائل بغضب : لم يكن يصارخ بأذني كان غاضبًا .
صرخت بتسلط : ولماذا يغضب ، ليس من حقه يغضب أوليس الخبر صحيحًا أوليس هو من اختفى من حياة ابنتي وتركها تحتفل وتنتظر أطفالهما بمفردهما ؟! اتبعت بعنفوان ومض بزيتون عينيها - أولم يكن يعلم أحمد بك أن فيضان مشاعره الدائم يتسبب في وجود أطفال أم هو يريد التمتع دون حساب ويمتص رحيق ابنتي وسنوات شبابها لاستمتاعه الشخصي لاغيًا في حساباته حقوقها .
هدر وائل بصرخة عاتية : فاطمة ، انتفضت بخوف من هدرته غير الطبيعية ليكمل وائل باختناق غاضب - إياك أن تتحدثي هكذا ثانيةً أمامي أفهمت ؟!
ليكمل بتسلط : وأمر ابنتك وزوجها لا تتدخلي به ، ابنتك نفسها ترفض تدخل أي فرد منا فلا تزجي بنفسك بينهما .
رفعت رأسها بشموخ لتهمس باختناق : أنت تتحدث من عليائك لأنك لم تجرب شعور النبذ يا وائل ،
مط شفتيه بحنق ليهتف : ابنتك من طردته وطلبت الطلاق منه لذا لا تلوم إلا نفسها .
ابتسمت ساخرة لتغمغم بحشرجة : فعلتها وانتظرت أن يتشبث بها بوجوده معها ويخبرها بأنه لا يقوى على الابتعاد عنه .. فعلتها لتدفعه بالاعتراف بأهميتها لديه .. فعلتها لتقيس مدى غلاتها عنده .. فعلتها ليتنازل و لو قليلًا عن كبريائه وتجبره ويقبل بأبسط حقوقها في انجاب طفل يحمل اسمه ، اتبعت وهي تنظر لعمق عينيه - ولكنه لم يتنازل تمسك بكبريائه وغروره وعنجهيته الذكورية الفارغة وتخلى عنها بسهولة ويسر .
تنفست بعمق وهمست باستهزاء جلي : كنت لا أفهم تلك المقولة عن أن الفتيات يتزوجن بمن يشبه ابهائهن ولكن اليوم فهمت وأمنت بها يا معالي الوزير ، اتبعت بمرارة نضحت بعروقها - فزوج ابنتك يشبهك للغاية لذا أنت تتفهمه وتدافع عن أسبابه التي لا يعلمها غيرك .
رف وائل بجفنيه سريعًا ليهمهم بحدة : لا تخلطين الأوراق ببعضها يا فاطمة أمر أحمد مختلف .
استدارت تواجهه بعدما كانت اتجهت نحو غرفة ملابسهما لتبدل ملابسها : بالنسبة لي لا ، أنتما الاثنان متشابهان في ردود أفعالكما ، كلاكما يهتم بكرامته وكبريائه عن قلبه ومشاعره .. كلاكما ضحى بزوجته لأجل أن لا يعترف بخطأه وتمسك بغروره وعنجهيته .. كلاكما لا يدرك قيمة ما يملكه إلا حينما يفقده يا وائل بك لذا انصح زوج ابنتك أن لا يغالي في تمسكه بعليائه فما يفقده لن يقوى على تعويضه !!
زم شفتيه بغضب وهو يراقبها تختفي وتغلق باب غرفة الملابس في وجهه ليتمتم لاعنًا كل شيء من حوله قبل أن يسب أحمد بتذمر خافت وهو يتجه نحو دورة المياه يعبس بطريقة طفولية مغمغمًا : هذا ما جنيته من تحت رأسك يا ابن منال سأقضي أيامًا لا لون لها و خالتك تقلب بالماضي مكدرة أيامي بذكريات حمقاء عفى عليها الزمن ولكن أفعالك السوداء ستجعلها بث مباشر للأيام القادم
***
زفرت بضيق وهي تعاود الخروج لمن يجلس بالحديقة بعد أن استقبلته منذ قليل كعادة يومية اصبحت لديه ، يمر عليهم في الصباح ليسأل عن أحوالها وأحوال خالته ويصحبها إذا كان لديها بعض الاشياء تفعلها بالخارج ثم يعيدها ويذهب إلى عمله الذي يسهل عليه الأمر فمواعيد مناوبته يحددها بناء على مخططاتهما سويًا ، عبست بغضب وهي تتأمله يهتز بكرسيها الذي احتله منذ قدومه لتهتف به : هلا نهضت يا عمار من ارجوحتي الخاصة ؟!
رفع حاجبيه واهتز ببرود قبل أن يجيب : لا ولكن من الممكن أن اسمح لك بالانضمام لي .
نظرت له بعدم فهم : انضم إليك أين ؟! إنها أرجوحة لفرد واحد .
ابتسم بعبث ولعق شفتيه بمكر ضوى بعينيه : سأجلسك فوق ساقي .
جمدت ملامحها لتهدر بحدة وهي تواجهه بجسد مشدود بصلابة : احترم نفسك وتأدب يا عمار.
رفع حاجبه بلا مبالاة ليهتز بجسده متعمدًا اغاظتها قبل أن يهمس بجدية : سأبتاع واحدة مثلها ولكني سأضعها بغرفة النوم .
عبست بتفكير لتصحح له : بشرفة غرفة النوم تقصد ؟!
هز رأسه نافيًا ليثرثر ببساطة : لا لأني لن استخدمها كأرجوحة عاديه ، اتبع وهو ينظر لعمق عينيها - فاستخدامها الذي أفكر فيه لا يصح أن يراه الآخرون .
اكفهر وجهها بغضب شديد لتهمس من بين أسنانها وهي تشيح بوجهها المحتقن بلون احمر قاني وتكتف ذراعيها : غادر إلى بيتكم يا عمار قبل أن أخبر بابا عم تفوهت به الآن .
رفع حاجبيه بتعجب ليهمس ببرود : لماذا لم أقل شيئًا ، ليتبع بجدية وهو ينهض واقفًا - ثم عم ستخبرين أباك يا يمنى ، هل ستخبرينه أني أريد شراء أرجوحة لغرفة نومنا ؟!
نفخت بضيق لتهدر بحدة : هلا توقفت عن الحديث عن بيتنا وشقتنا وغرفة نومنا ؟!
اقترب منها لينظر إليها من علو هامسًا بجدية : لا لن أفعل ، استدارت إليه بحده تنظر له بغضب فاتبع سائلًا – لماذا علي أن أتوقف ؟!
تمتمت بتعب وهي تلقي جسدها فوق المقاعد العربية الصغيرة المنثورة بحديقتهم : لأن ليس وقته يا عمار ، أنت تعلم أن لا شيء سيتم إلا حينما ينهض أسعد .
هز كتفيه وهو يرمقها بجدية : وإذ لم ينهض أسعد يا يمنى ، ماذا سيحدث ؟!
ارتعد جسدها برفض ليتنهد بعمق قبل أن يقترب منها يجاورها هامسًا : أسعد سينهض يا يمنى بإذن الله ، ولكن غير معلوم لنا متى سينهض سواء اليوم .. بعد غد .. بعد سنة ، إن شاء الله سينهض لذا انا لا أرى فائدة من امتناعنا عن الحديث في تجهيزات بيتنا ، بل أرى أن نسعى لترتيب كل شيء ليكون جاهزًا لإتمام زواجنا حينما ينهض أسعد معافًا بالسلامة .
رفعت عيناها إليه بعتاب استقر بعمقهما : هل ترى أني في حالة أقوى بها على التركيز وإعداد بيتي ؟!
رمقها قليلا ليهدر بجدية : هذه الحالة أنت السبب بها ، لم يطلب منك أحد عدم النوم .. لم يطلب منك أحد أن تتركين عملك .. لم يطلب منك أحدًا أن توقفين حياتك ، ليس كل أمرؤ اصابته مصيبة سيجلس في بيته و يتقوقع على نفسه إلى أن تحل المصيبة أو تزول أثارها ، زمت شفتيها بضيق طفولي وهي تكتف ساعديها برفض يعلمه فأكمل بهدوء - ثم إن حالتك هذه من وجهة نظري هي الأنسب فأنا امنحك فرصة لتشغلي عقلك بشيء آخر غير التفكير فيم سيؤول إليه مصيركم إذ لم ينهض أسعد ؟!
اختض جسدها برجفة قوية ليزفر بقوة وعيناه تلمع بحنان نحوها ليهمس بهدوء : أليس هذا ما يمنعك عن النوم يا موني ، أنت تخافِ أن تنامي فيتحقق حلمك أو تستيقظي على خبر مفجع لا تريدينه .
انسابت دموعها ببطء لترفع كفها تمسح جانب وجهها بظهره ليرفع ذراعه يحاوط بها كتفيها ليضمها منهما إلى صدره : لا تخافِ يا حبيبتي ، سيمر الأمر بسلام وينهض أسعد معاف بإذن الله .
ابتعدت و دفعته في صدره بحدة حينما شعرت بأنفاسه تضرب جانب رأسها ليغمض عينيه بضيق تملكه قبل أن يهتف بحدة : ما بالك يا يمنى؟! هل عدنا لنوبات الجنون والنفور والرفض ؟!
استدارت تنظر إليه لتهدر بحدة خافتة : أنا مجنونة ؟! وماذا عنك وعن أفعالك الغير سوية ؟!
عبس بغضب : ماذا فعلت الآن ؟!
زمت شفتيها والغضب يلمع بعينيها : تحتضنني وتريد تقبيلي في حديقة البيت وأبي نائم بالداخل يا عمار .
رفع حاجبيه بدهشة ليهتف سريعا : لم أحاول تقبيلك وهذا لا يعد احتضان !! نظرت إليه باستنكار فزفر بقوة ليتبع – كنت ادعمك يا موني ، ولكن أنتِ مستاءة من وجودي منذ وصلت لذا ..
نهض واقفًا وأكمل : سأغادر فأنا لن ابقى وأنتِ لا تريدين بقائي .
هم بالابتعاد لتتمسك بكفه تنظر إليه بتساؤل : أين تذهب ؟! ومن أخبرك أني مستاءة منك أو من وجودك ؟!
رمقها من بين رموشه ليتمتم بضيق : وهل أريد أن يخبرني أحد عن ضيقك مني ومن وجودي يكفي عبوسك الذي قابلتني به حينما فتحت لي الباب .
نفخت بقوة لتجذبه بلطف وتهمس بخفوت : ابقى يا عمار ، عيناه ابتسمت رغم عنه ليجاورها ثانيةً ويلتفت إليها باهتمام حينما اتبعت بعد وهلة – لست عابسة لأني ضائقة منك أنا فقط متوترة .
__ مما ؟! سألها سريعًا لتمط شفتيها بتفكير قبل أن تتابع – بابا لم يستيقظ بموعده وهو الذي لم يفعلها أبدًا ، وطرقت الباب عليه لم يجب .
انفرجت ملامح عمار بذهول قبل أن تعتلي التسلية ملامحه ليهمس بصوت خفيض وهو يجاهد ألا يضحك : لا تخبريني أنك طرقت الباب أكثر من مرة يا موني
نظرت إليه بعدم فهم وهمست بعفوية : بلى فعلت .
عض شفته مانعًا نفسه من القهقهة عاليًا ليغمغم بنبرة ضاحكة : وجدت الباب مغلقًا ، أليس كذلك ؟!
نظرت له بدهشة لتسأل بتعجب : كيف عرفت ؟!
أطبق فكيه بقوة مانعًا نفسه من الانفجار ضاحكًا ليهمهم بملامح مشاكسة : هل جرؤت يا ابنة الأمير على إدارة مقبض الباب لتدلفي إلى غرفة أبويك وهما نائمان بالداخل ؟!
رمقته بغرابة : نعم ما الأمر ؟! ضحك مقهقهًا لترمقه بغضب قبل أن تتبع – ما المضحك لا أفهم ؟! أنا أخبرك أني قلقة على أبي الذي من الممكن يكون متعبًا وأمي مريضة لن تقوى على اسعافه إذا مرض ولا أجد طريقة للدخول إليهما لأطمئن عليهما سويًا .
سيطر على ضحكاته ليتراقص المرح بعينيه وهو يهمس مشاغبًا : لا تخافِ يا مونتي أمك ستقوى على اسعافه في حالة تعبه هذه .
اكفهر وجهها غضبًا لتقفز واقفة بجموح : أنت وقح ولا تمتلك ذرة واحدة من الحياء ، كيف تجرؤ على التفوه بهذه الترهات عن والديّ ؟!
تعالت ضحكاته أكثر وهو يعود الى الخلف برأسه غير قادرًا على السيطرة على نفسه لتغمض عيناها بضيق تملك منها فنفرت عروق رقبتها قبل أن تهمهم باختناق صدح جليًا بصوتها : أنا التي اخطأت حينما تمسكت ببقائك ، اقتربت منه فأجبر نفسه وسيطر على ضحكاته لتهم بدفعه في كتفه لينظر إلى كفها الذي توقف على بعد طفيف من كتفه لتشيح برأسها بعيدًا وتتبع بهمهمة مختنقة – ألم تكن تريد العودة لبيتكم ؟! هيا تفضل عد لمامي لتطعمك الكعك الذي تخبزه خصيصًا إليك .
اسبل عينيه ليبتسم ابتسامة رائقة ليرفع عيناه اللامعتان باخضرار مقلتيه السابحتين في بركتي العسل المحيطة بحدقتيه ويهمس باسمها في صوت أجش خفيض فتلتفت إليه بعفوية ليسألها بهدوء : هل تطردينني من بيتكم ؟!
رفت بعينيها وهي تجاهد أن لا تتعلق نظراتها بنظراته التي تشعر في كل مرة ينظر إليها بهما أنه يضمها إلى صدره لتهمس مرغمة : لا بالطبع لا .
مد كفه لها فعضت طرف شفتها الأيسر بطرف أسنانها العلوية الصغيرة قبل أن تستجيب برقة وتضع كفها براحته التي ضمت كفها بلطف وجذبها بتروي ليفسح لها مكانًا ويجلسها بجواره هامسًا : ما الذي اغضبك الآن ؟! أخبريني .
احتقنتا وجنتاها بخجل اعتراها فضاقت به لتهمهم بحدة انتابتها : كيف تتحدث عن والديّ هكذا يا عمار ؟! هم بالضحك لتهدر فيه – من فضلك توقف عن الضحك .
سيطر على ضحكاته ولكن عيناه تألقت بضحكة ماكرة ليسألها بتعجب : ما الخطأ فيم قلته ؟!
تمتمت بحنق : كله خطأ ، ومن فضلك لا تتحدث عن بابا هكذا ثانيةً .
ضحك بخفة ليهمس : أنت تعلمين أني اعشق والدك يا يمنى اقدره واحترمه ومع كامل تقديري واحترامي إليه ولكنه بشر مثلنا ، عبست في وجهه ليكمل ببساطة – ماذا ؟! هل أنت معترضة أنه بشر يأكل ويشرب وينجب مثل البقية ؟
هدرت باسمه فاكمل بتعجب : ألست أنت ابنته ، أخبريني بالله عليك كيف أتيت إذًا ؟!
احتقنت بخجلها و أشاحت بوجهها بعيدًا وهي تتكتف بعصبية جسدها ينتفض بغضب قبل أن تهدر فيه بخفوت : أنت وقح ذو أفكار منحرفة ولن تتغير أبدًا .
شاكسها متعمدًا : ولماذا اتغير وأنت تعشقينني بأفكاري المنحرفة و وقاحتي واياك أن تنكري .
رمقته بعبوس طفولي ليرقص إليها حاجبيه بتلاعب لتضحك رغم عنها قبل أن تهمهم بعناد : حتى إن كان أبي بشرًا طبيعيًا لا تتحدث عنه كذلك .
أومأ برأسه موافقًا ليجيبها وعيناه تتراقص بمرح : حسنًا اعتذر يا مونتي .
زمت شفتيها بضيق لتهمهم : توقف عن هذه الابتسامة المستفزة يا عمار ، و أرجوك اسحب تلميحك الوقح عن والديّ ، ضحك رغمًا عنه لتزفر وتنظر إليه بعتاب سيطر على حديثها – ثم أنت مخطأً في الأساس بابا حزين على أسعد وماما مريضة يا عمار .
تعالت ضحكاته مقهقه لتغمض عيناها تهز رأسها برفض فيقترب منها برأسه هامسًا بشقاوة : حسنًا اعتذر أني اغضبتك .
تمتمت وهي تنظر إليه : لا تعتذر ، لا عليك .
تأمل ملامحها بافتتان ليهمس بخفوت وهي يحتضن أناملها ليشبك أصابعه بها : ألم يحن الوقت بعد يا يمنى ؟!
تمتمت مجيبة وهي تخفض عيناها : لا أقوى يا عمار ، كلما أغمضت عيناي تراءى إلي حلمي فأفتحها مجبرة .
تنهد بقوة ليحدثها بمنطقية : إذًا لنترك الأمر جانبًا وخاصةً مع رفضك التام لتناول المنوم ، هل من الطبيعي أن تتركي عملك ولا تنظري للعروض الأخرى يا يمنى ؟! هل ايقافك لحياتك هو الحل الذي سيرضي أسعد في غيبوبته ؟!
هزت رأسها نافيةً ليهمس إليها بهدوء : حسنًا هلا تريدين مساعدتي في أمور عملك ، أم الأمر لا يخصني وستقررين بمفردك ؟!
ابتسمت برقة لتهمس : بل كنت سأطلب مساعدتك بالفعل ، وخاصةً أن أحدهم مقدم من عاصم .
ابتسم بتفهم : نعم لقد أخبرني ، ولكن أنا أعلم أنك لا تميلي للعمل في مجال الدعاية والاعلان .
تمتمت بشرح : عاصم يريدني متحدث رسمي للمجموعة وأكون المسئولة عن أخبارها في المجلة الاقتصادية وهذا إلى حد ما يخص جانب من عملي كصحفية ، ولكن هذا يتطلب أن يوصي بي عم سيادتك لأُعين في الجريدة التي أرغب بها .
ابتسم عمار و اشاح بعينيه لتهمس متسائلة : لا اعلم لماذا أشعر بأن عمك يريد مساعدتي لأكون صحفية كما أريد دومًا ؟!
غمغم عمار بابتسامة رائقة : أنا أخبرته حينما تحدثت معه عنك أنك حلمت طوال عمرك بالعمل كصحفية في جريدة تكن كبيرة وذات صيت ، أخبرته عن لمعة عيناك حينما كنت تتحدثين عن كونك ستكبرين وتصبحي صحفية لامعة مشهورة ، توردت وجنتاها ليتابع عمار بصوت خافت أجش – فيخبرني أنك تستحقين فأنت أفضل رغم صغر سنك من صحفيين كثر متواجدين على الساحة الآن ، لا أعلم هل يفعل ذلك إكرامًا لي أم إيمانًا بموهبتك ، ليهز رأسه نافيًا – رغم أني أشك في أمر إكرامي هذا فإذا أكرمني عمو وائل لن يكرمني عاصم فأنتِ الأدرى بعاصم يا موني.
تنهد بقوة ليكمل : ولتعلمي أني لن ادفعك للقبول ، و أني سأدعمك بقرار عملك أيًا كان اختيارك فقط رفضي الوحيد أنك لن تعودي للعمل مع هذا المدعو فراس أبدًا .
ابتسمت برقة لتهمس : لن أفعل . أومأ برأسه إيجابًا و زفرة راحة ندت من حلقه لتسأله بمشاكسة – هل لازلت غاضبًا لأني صعدت بمفردي ؟!
زفر بقوة وهز رأسه نافيًا : لا لقد اقتنعت بحديثك وخاصة أني لا امتلك صفة رسمية فعليه أكون بجوارك بها ، ليرفع عينيه إليها متابعًا – ولكن هذا ما يضايقني بالفعل يا يمنى ، أني لا امتلك صفة رسمية حتى وجودي هنا ليس بذي صفة .
عبست بتعجب وحاولت أن تخفف عنه لتهمس بجدية : أنت ببيت خالتك يا عمار ،
رمقها منتظرًا فتصمت بتعمد وهي تبتسم بطريقة أثارت جنونه ليهمس بخفة : وأنت ابنة خالتي تجالسين الضيف الذي أتى مبكرًا في غير موعد لاستقبال الضيوف .
ضحكت برقة وهمت بالرد ليصدح صوت والدتها التي طلت عليهما من الداخل : صباح الخير يا عمار ، صباح الخير يا ابنتي .
التفتا سويًا ينظران إلى ليلى بصدمة تمكنت منهما ليقفزا سويًا هاتفان معًا : صباح الخير يا خالتي / ماما هل أنت بخير ، لماذا نهضت من فراشك ؟!
ابتسمت ليلى وهي تتلقى احتضان ابنتها التي تنظر إليها بجزع فتربت على وجنتها بحنو وتهمس تطمئنها : أنا بخير يا موني لا تقلقي يا حبيبتي .
لتلتفت إلى عمار الذي أسرع نحوها يضمها بشوق وحنو : اشتقت إليك يا خالتي ، حمد لله على سلامتك .
ضمته ليلى بحنان وقبلت وجنتيه : سلمك الله يا حبيبي ، أنا الأخرى اشتقت إليك .
هتف عمار بسعادة : أنرت بيت الأمير من جديد يا خالتي .
ضحكت ليلى برقة لتشير إليه بعينيها - إلى ابنتها التي تراقبها بعدم فهم – بشقاوة : البيت منور بمهرته يا عمار .
ضحك عمار بمرح : و ازداد نورًا بإشراقة وجهك يا لولا .
نظرت إليهما ليلى بتساؤل : هل تناولتما الفطور ؟! ألم تعد لكما كريمة الفطور ؟!
تمتمت يمنى بعفوية و ذهنها مشغول بوالدتها التي اختفى من وجهها شحوبه تتحرك ببطء كعادتها ولكن الوهن زال عن اطرافها وتبتسم وتضحك وعيناها توقفت عن بكاءها وحزنها : لم نطلبه منها يا ماما .
استدارت إليها ليلى بدهشة لتعاتبها بقوة : لم تدعي عمار على الفطور ولم تعدي له القهوة ، هل هكذا تضايفين خطيبك يا ابنتي ؟!
تلعثمت يمنى و وجهها يحتقن حرجا ليبتسم عمار برزانة ويجيب : لم أطلب منها يا خالتي فأنا انشغلت معها بالحديث ثم أنا لست جائعًا .
تمتمت ليلى باستنكار : ليس عليك أن تطلب ، رمقت ابنتها بطرف عينها موبخه – هي عليها أن تفعل واجباتها دون أن تطلب .
اتبعت وهي تربت على كتف عمار بمودة : سأعد لك قهوتك مع عمك أمير ولتبقى وتتناول الفطور معنا ، اتبعت بثرثرة عفوية وهي تتحرك للداخل – فأمير حصل على إجازة اليوم من عمله وأبلغ مهيب بك أن يحل محله .
رفت يمنى بعينيها لتسأل بجزع : لماذا ؟! هل هو مريض ؟! ألذلك لم يستيقظ في موعده ولم يخرج من الغرفة ؟!
توقفت ليلى لتنظر إلى ابنتها بتعجب قبل ان تجيب بهدوء : بعد الشر عنه بل هو بخير والحمد لله فقط يمنح نفسه راحة لمدة يوم واحد ، أليس من حقه ؟!
أشاح عمار بوجهه بعيدًا عن ملامح يمنى المصدومة ليحك جسر أنفه بظهر سبابته وهو يبتسم متحكما في ضحكته بصلابة لترمش يمنى بعينيها كثيرًا قبل أن تستدير لتنظر إليه بعدم تصديق ليهز كتفيه وابتسامته تتسع لتهتف باسمه في حدة فيضحك بصوت مكتوم قبل أن ينطق بخفة : أنا صامت ولا أتحدث إكرامًا لك .
احتقن وجهها بالأحمر القاني و أشاحت به بعيدًا لتزفر بقوة تهدر بخفوت : توقف عن الضحك يا عمار من فضلك .
وضع كفيه فوق فمه ليهمهم من خلفها : لم يصدر مني صوتًا يا يمنى فكُفي عن استبدادك .
اغمضت عيناها لتهمهم باختناق : أنت تضحك دون صوت ولكنك تضحك .
قهقه بخفوت ليهممهم إليها : لا استطع منع نفسي عن الضحك ، اقترب منها ليتابع بهمس وهو يجذبها من كفيه يقربها منه – أنت الأخرى افرجي عن ضحكاتك التي تكتمينها بداخلك واحمدي الله أن خالتي نهضت سالمة وتيقني أن الازمة ستمر على خير .
تنهدت بقوة وهمست : يا رب يا عمار تمر على خير .
غمز لها بشقاوة ليهمهم بمرح : بعدما حدث اليوم عليك أن تثقي في كلامي أكثر يا ابنة الأمير ، فاستنتاجي بآخر المطاف كان صحيحًا .
تمتمت بضيق : تأدب يا عمار و اصمت من فضلك .
ضحك بخفة ليرفع كفيه باستسلام : لم انطق .
زفرت بضيق لتبتعد عنه حينما لمحت أبيها القادم ليستدير هو الآخر مرحبًا بحميه الذي ألقى تحية الصباح بضحكة رائقة فتحركت نحوه يمنى تتعلق برقبته تجيب تحيته وتهمهم بكلمات غير مترابطة وهي تتحاشى النظر إلى عمار الذي ينظر لها بابتسامة متسعة فتركض للخارج حينما افلتها أبيها الذي وقف ينظر في إثرها متعجبًا قبل أن يرفع نظره لعمار الذي هتف بشقاوة : منور الدنيا كلها يا سعادة المستشار .
رمقه أمير بتروي : ما بالك يا ولد ؟!
قهقه عمار ضاحكًا ليخفي عينيه قبل أن يهمس بمكر : حمد لله على سلامة خالتي يا زوج خالتي ، أخيرًا ستشرب قهوتك من يدي ليلتك .
اسبل أمير اهدابه ليجيبه من بين أسنانه : اجلس يا ابن وليد واعتدل في يومك هذا حتى لا اعلقك على جذع الشجرة هذه .
قهقه عمار ضاحكًا ليهتف بمشاغبة : واهون عليك يا عماه .
ليضحك أمير ويؤثر الصمت وهو يشير إليه بالجلوس إلى جواره فيستجيب بطواعية ليهتف بجدية وابتسامة سعيدة ترسم ثغره : عماه .
ابتسم أمير و رمقه بطرف عينه : اشجيني .
تعالت ضحكات عمار من جديد ليرفع أمير رأسه وينظر إليه بجدية فيبتلع ضحكاته ويشد جسده بصلابه ليتحدث بنبرة متزنة : أريد أن اطلب منك شيئًا ولأجل خاطري وغلاتي لديك لا ترفض .
ابتسم أمير وأومأ برأسه إيجابًا : لو بيدي سأنفذه لك يا عمار .
صمت عمار قليلًا يستجمع كلماته يرصصها بعناية قبل أن يهمس برزانة : أنا أشعر بالضيق يا عماه ، وجودي هنا بالبيت وخروجي و دخولي مع يمنى دون صفة حقيقية قائمة يثير ضيقي ، أجلت الحديث معك كثيرًا لأجل حالة خالتي الصحية السيئة ولكن اليوم ، خالتي حفظها الله بخير نهضت سالمة لذا أنا أتحدث مع سيادتك ، اتبع دون أن يمنح لأمير فرصة للرد – لا أريد خطبة ولا حفل ، فقط خاتم ابتاعه و أضعه ببنصر يمنى يا عمي ،
رمقه أمير قليلًا ليسأله بجدية : ألا تكفيك كلمتي و وعدي لك يا ولد ؟!
أجاب عمار سريعًا : بل وعدك وكلمتك تكفيني وتزيد يا عماه ولكن أمام الأغراب أنا لست بذي صفة .
سأله أمير مباشرةً وهو ينظر لعمق عينيه : لازلت ضائقًا من أمر فراس يا عمار ؟!
أجاب عمار بجدية : أنا اثق في يمنى للغاية يا عمي ، أثق بها بحكمتها وسرعة بديهيتها و ردها القوي إذا لزم الأمر ، ولكن وقوفي بالأسفل انتظرها و رغم أنها لم تتأخر عن العشر دقائق مروا علي كعشر شهور وأنا افكر في عدم مجاورتي لها وخاصةً بعدما حاولت مجادلتها ولكن ردودها المنطقية اجبرتني على الخضوع لوجهة نظرها فهي محقة ، فبم ستخبر زملائها عني وأنا لا أملك شيئًا يربطني بها لا عقد قران ولا خاتم خطبة ولا حتى قراءة فاتحة وبالتالي أنا لا أملك حق مجاورتها، بل إن وجودي معها كان سيسيئ إليها وأنا لا أقوى على الاساءة إليها .
زفر أمير ليحدثه بهدوء : أنا اتفهمك يا عمار ولكن أنت أكثر من يدرك ..
قاطعه عمار بجدية : نعم يا عماه أدرك و أدري ولا أريد حفلًا أو احتفالًا فقط ابتاع خاتمًا وترتديه يمنى وحينما ينهض أسعد بإذن الله نقيم احتفالًا كبير يليق بكم وبنا .
تنهد أمير بقوة ليمأ برأسه : سأتحدث مع خالتك وإن شاء الله خير .
ابتسم عمار براحة ليهمس بامتنان : بإذن الله يا عماه
أنت تقرأ
رواية حبيبتي.. الجزء الثالث من سلسلة حكايا القلوب
Romanceيلهث بقوة وهو يقف يلتقط أنفاسه .. يحنى جسده ليتسند براحتيه على ركبتيه ، يتنفس بقوة وهو يشعر بعضلات جسده تئن .. تزار .. تصرخ فيه أن يتوقف عن ايلام جسده بهذا الشكل ولكن عقله يعيد عليه ذكرى سابقة .. قديمة ولكنها لازال جرحها نازفا .. حارا .. موجعا ، اغم...